التدهور الإدراكي

التدهور الإدراكي

التدهور الإدراكي

 صوت الإمارات -

التدهور الإدراكي

ناصر الظاهري

قبل أن أشاهد فيلم «ستيل أليس» بساعة، والذي لعبت فيه الممثلة الرائعة «جوليان مور» دور معلمة جامعية تصيبها فجأة أعراض التدهور الإدراكي، أو ألزهايمر، والذي نالت عليه جائزة الأوسكار لصدق وروعة أدائها، ومن باب الصدفة، لنقل، ولا أدري لِمَ تحدث أحياناً مثل تلك الأمور؟ وفي أوقات بعينها تجعل من طرح الأسئلة أمراً ملحاً على النفس، رأيت رجلاً ستينياً تائهاً بين تقاطعات الشوارع، يبحث عن عنوان فندقه، وفي يده بطاقة الفندق، وبطاقة الغرفة، فأيقنت أنه ربما ضيّع الاتجاهات، ففي صغرنا، كنا نسمع كثيراً أن بعض الشواب إذا ما غابت ظلة الجدار التي يمشي بمحاذاتها، غيّب اتجاهه، ولا عرف يصل بيته، أو إن كان كثير النسيان، نعت بالخرف، وإن ظل يجتر شيئاً رغم أنه أدرد، بلا أسنان، قلنا الشيبة يلوك لبان الملائكة، دليل أنه سيودع دنيانا قريباً، وهناك عجائز كنا إذا ما أصبحن الصبح، طلبن من أولادهن أن يقبلوا بهن صوب القبلة، وقفت مع الرجل محاولاً تبسيط الطرق لفندقه، وحددت له الاتجاه، وسألته إن كان يقدر على المشي، فقال أفضّله، لكنني خفت عليه الضياع، وتحركت قصة الفيلم في رأسي، فطلبت منه أن أوصله، لكنه رفض، فوضعته على السكة الصحيحة، والسير باتجاه واحد، ورغم ذلك بقي ساكناً في رأسي، وأسئلته الكثيرة تحاصرني.

لِمَ بعض هذه الأمراض لم نسمع عنها من قبل؟ وكأنها وليدة عصرنا أو أنها لم تتطور لتأخذ منحى الظاهرة إلا في وقت حضارتنا، اليوم هناك أكثر من أربعة وأربعين مليون مصاب بألزهايمر الذي يعد المرض الأكثر كلفة في العالم، حيث تبلغ قيمة علاج مرضاه أكثر من 600 مليار دولار، لذا تم تخصيص يوم للاحتفاء به، وتذكير الناس بسبل الوقاية منه، ورعاية المحتاجين الذين أدركهم في أعمارهم المختلفة، ألزهايمر ليس مسألة خرف، ونسيان، إنه تدهور الإدراك، وضياع الزمان والمكان، وعطب الذاكرة كلها التي ظل الإنسان يبنيها بالمعارف والعلوم والأسفار والخبرات، وفجأة يجد نفسه لا يستطيع، ولا يعرف كيف يربط خيط حذائه، أو لا يمكنه أن يتعرف على وجه ابنته التي كبرت في حضنه، وبين عينيه، ولا يعرف أين، وكيف يقضي حاجته، يضيع الكلام، ويأتي الاكتئاب، ويعيش الإنسان في وحدة لا يعرفها، ألزهايمر اشتق من اسم العالم الألماني (Aloysius Alzheimer) الذي اكتشفه عام 1906م، الغريب أن من مسبباته وجود نسبة عالية من الذهب في البول والدم!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التدهور الإدراكي التدهور الإدراكي



GMT 05:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

يتفقد أعلى القمم

GMT 05:44 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا و«تكويعة» أم كلثوم

GMT 05:43 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

تحولات البعث السوري بين 1963 و2024

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الهروب من سؤال المصير

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الهروب من سؤال المصير

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا والنظام العربي المقبل

GMT 05:41 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 05:41 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

2024... سنة كسر عظم المقاومة والممانعة

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 21:14 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

يحمل إليك هذا اليوم كمّاً من النقاشات الجيدة

GMT 14:38 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

تساعدك الحظوظ لطرح الأفكار وللمشاركة في مختلف الندوات

GMT 18:45 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

كن هادئاً وصبوراً لتصل في النهاية إلى ما تصبو إليه

GMT 11:33 2020 الإثنين ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الميزان الأثنين 30 تشرين الثاني / نوفمبر2020

GMT 16:51 2018 الثلاثاء ,26 حزيران / يونيو

اضيفي اجواءًا جريئة ومشرقة على جدران المنزل

GMT 20:37 2017 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

مطعم ياباني يقدم وجبات لحوم البشر بـ 20 ألف جنيه

GMT 17:53 2016 الأحد ,21 شباط / فبراير

ندوة لمناقشة رواية "منتصر" في مكتبة "البلد"

GMT 04:12 2020 السبت ,09 أيار / مايو

برشلونة يقترب من حسم صفقة نجم يوفنتوس
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates