حبال زلقة

حبال زلقة

حبال زلقة

 صوت الإمارات -

حبال زلقة

علي ابو الريش
بقلم - علي ابو الريش

حين يصبح الأشخاص، وكذلك الأشياء الحبال الزلقة التي يتمسك بها إنسان ما قبل الوعي، تحول العلاقة كما هي العلاقة ما بين القارب والمرساة، صحيح هي تحميه من الفرار إلى شواطئ صخرية قد تحطم ألواحه، ولكنها أيضاً هي التي تتحكم في حريته، بل ويبدو مثل كلب الصيد، لا يتحرك إلا بمقدار ما تمليه عليه إشارة سيده.
اليوم نلاحظ كيف أصبح التعلق بأوهام العقل كيف أودت بحياة القيم الإنسانية الرفيعة، فالحروب تشن، بضراوة، وهمجية، والدماء الزكية تهدر ببربرية والأرواح تزهق بعبثية، والمكتسبات الحضارية تدمر، وتذهب أدراج الريح، كل ذلك يحدث لأن الإنسان المعاصر أصبح عبداً لمبادئ لا تمت بصلة للحضارة، إنها مبادئ أشبه بالمادة المخدرة التي تذهب العقل، وتسفه بالإرادة، وتبذر بالقدرات، وتطيح بالسلوك البشري، بحيث يصبح الإنسان الذي كرمه الله على سائر خلقه، مثل الضواري التي تنكل بحياة الآخرين، فقط كونهم يختلفون عنه في المعتقد، أو اللون، أو حتى المنطقة التي يسكن فيها.
هذا التعلق بالأشياء، أو بالأشخاص أمر لا يفضي إلا إلى التوحش والأنانية، لأنه ما من شخص يغيب في بؤرة الأنوية إلا ويتحول إلى كائن معزول، وبغيض ولا يتقبل الرأي الآخر، ولا يستسيغ الاختلاف، لأنه يشعر في الاختلاف انتزاعه من الشرنقة التي يغط فيها، ولأنه يحس بأن المختلف هو العدو الذي سوف ينتزعه من مكانته، وتفرده، وأن المختلف سوف يحيق به، ويفني تميزه، حيث سيصبح بلا لون ولا شكل، هذا الإحساس في حد ذاته مبني على أساس أفكار جاءت من مكان بعيد في الماضي، استطاع شخص ما في لحظة غيبوبة لدى أشخاص آخرين، الأمر الذي جعلهم يتمسكون بأفكار يظنون أنها مربط الفرس في حياتهم، وأنهم بدونها لا هوية لهم ولا جنة تنتظرهم، ولذلك نجد مثل هؤلاء الأشخاص أو الجماعات، وحتى الدول يهيمون في فضاءات مشمولة بغبار، وعواصف، تعصف بوجدانهم، هذا الوجدان الذي أصبح مسرحاً للتهويمات، والأفكار العدائية للآخر.
العالم اليوم بحاجة إلى فك اشتباك مع هذه الأنا الموبوءة بالأنوية، العالم بحاجة إلى الخلاص من أوهام ما قبل الوصول إلى الحقيقة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حبال زلقة حبال زلقة



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 20:03 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 08:02 2016 الثلاثاء ,01 آذار/ مارس

جورج وسوف يستقبل أحد مواهب"The Voice Kids" فى منزله

GMT 02:49 2017 الجمعة ,06 تشرين الأول / أكتوبر

وصفة صينية الخضار والدجاج المحمّرة في الفرن

GMT 14:30 2017 الخميس ,05 كانون الثاني / يناير

صغير الزرافة يتصدى لهجوم الأسد ويضربه على رأسه
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates