القديم يخشى من الجديد

القديم يخشى من الجديد

القديم يخشى من الجديد

 صوت الإمارات -

القديم يخشى من الجديد

علي ابو الريش
بقلم - علي ابو الريش

الخوف من التزحلق، والوقوع في الحفرة، الخوف من الزحزحة، والانزياح صوب الهامش الخوف من فقدان المواقع، هو السر، في سبر خوف القديم من الجديد.
منذ فجر التاريخ والإنسان يتشبث بقديمه، ويعلق به كما تعلق بقايا الطعام في قيعان القدور، لأنه ما من ثقة في القديم كي يصمد أمام الجديد، وكما أن للجديد بريقة، فإن للقديم قوة التصاقه بوجدان الناس، وتأثيره العنيف في الذاكرة، وهي المرتبطة دائماً بالماضي، والماضي يشكل الطفولة، وهي البداية التي تناقض النهاية، الأمر الذي يجعل هذا الصراع مستديماً وقوياً وأحياناً مدمراً، ولا نهاية له إلا بانتهاء الفكرة الأزلية، وهي أن القديم ضد الجديد، في حين أنه بطبيعة الحياة لا شيء يستقيم في قدمه، كما أنه لا شيء يستمر في حداثته، فجديد اليوم هو قديم الغد، وقديم الغد هو الحديث الذي من خلاله نقتفي أثر حداثتنا، فتاريخ الأشياء لعبة مزدوجة، نحن الذين ندير عجلتها، ونحن الذين نلون قماشتها، ونحن الذين نعمل جاهدين على تمزيق تلك القماشة، على اعتبار أنها وصلت منتهاها، ولا بد وأن تقذف في ماء النهر، ليتجلى لدينا الجديد اللافت، والمدهش، ولكن ما هو الجديد الذي لا يمكن أن يصاب بالقدم؟ إنه العقل، فإذا ما استطاع العقل أن يتخلص من أبعاد الزمن، وأن يضع قدميه في وعاء وحدة الزمن، كما هي وحدة الوجود، نستطيع أن ننتصر لأنفسنا، وأن نخرج من دوامة المتضادات، حيث لا يوجد في الواقع مضاد، وإنما هي وجوه تعكس وجهاً واحداً ولا تتوحد هذه الوجوه إلا عندما نحفظ ود المرايا، ولا نجعلها في حال التهشم.
ما يجعلنا نخاف، هو كتماننا الحب الذي وهبتنا إياه الطبيعة، لأنه من لم يكشف عن نفسه، لا يستطيع أن يحب، ومن لا يستطيع أن يحب يعيش أبد الدهر تعساً شقياً كما يذكر لنا سيرين كيركجارد.
إن استطعنا الانحياز إلى قوة الذات، نكون قد هزمنا الخوف، وأصبح الجديد ما هو إلا رافد من روافد النهر، وهو غصن من أغصان الشجرة، وهو موجة من أمواج البحر، المهم أن نمتلك طاقة التجديد من خلال القديم، لا أن نفصل أعضاء الجسد الواحد، ونقول هذه اليد تؤلمني، فيجب أن أقتلعها من جذورها، وما أن يحدث ذلك، أصبحنا نمضي في الحياة بيد واحدة، واليد الواحدة لا تصفق، ومن هنا نقول الخوف من وسائل التواصل الاجتماعي جاء من نقطة الصفر التي توقف عندها الآخرون، والذين عجزوا عن مواصلة الطريق بوسائل تضيف إلى القديم ما ينعش خاطره، وما يجعله حياً يرزق.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

القديم يخشى من الجديد القديم يخشى من الجديد



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 22:24 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 00:23 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 08:23 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 20:55 2018 الخميس ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

وزير الهجرة الكندي يؤكد أن بلاده بحاجة ماسة للمهاجرين

GMT 08:24 2016 الأحد ,28 شباط / فبراير

3 وجهات سياحيّة لملاقاة الدببة

GMT 03:37 2015 الإثنين ,08 حزيران / يونيو

عسر القراءة نتيجة سوء تواصل بين منطقتين في الدماغ

GMT 22:45 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

استمتع بتجربة مُميزة داخل فندق الثلج الكندي

GMT 02:49 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

ليال عبود تعلن عن مقاضاتها لأبو طلال وتلفزيون الجديد

GMT 04:52 2019 الخميس ,03 كانون الثاني / يناير

"هيئة الكتاب" تحدد خطوط السرفيس المتجهة للمعرض

GMT 04:47 2018 الأربعاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

شادي يفوز بكأس بطولة الاتحاد لقفز الحواجز

GMT 18:39 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

أجمل الأماكن حول العالم للاستمتاع بشهر العسل

GMT 17:16 2018 الأربعاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

وعد البحري تؤكّد استعدادها لطرح 5 أغاني خليجية قريبًا

GMT 05:14 2018 الخميس ,04 تشرين الأول / أكتوبر

إيرباص A321neo تتأهب لتشغيل رحلات بعيدة المدى
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates