التسامح 2

التسامح "2"

التسامح "2"

 صوت الإمارات -

التسامح 2

بقلم : علي أبو الريش

المدرسة حقل أخضر على عشبه ترتع الغزلان والطيور وتحت ظل أشجاره تتفيأ القلوب آمنة مطمئنة، ولكن عندما يعصف الخريف وتحجم الأمطار عن زيارة ولو مؤقتة للأهداب الخضراء فإن الحقل يعجف والفصل يخسف والطالب الذي ترك المنزل لأجل النهل من عيون الحقول اليانعة.. يأخذ مقلباً في نفسه ويظن أنه دخل سجناً وليس مدرسة، الأمر الذي يجعله يقفز من فوق الجدران ويخربش على سبورة الصف ويشتم ويلعن ويلقي بالنكات الساخرة ويستخدم ألفاظاً نابية لا تليق بطالب مدرسي.

المدرسة البيت الثاني للطالب والمعلم أو المعلمة أب وأم عندما يذهب الحنان في زيارة طويلة الأمد إلى قارات بعيدة المدى، فإن القلوب تصبح صحراء قاحلة شاحبة مكفهرة، عابسة، يابسة، لا يقبس فيها ضوء ولا تنبس فيها طير.. المدرسة فناء واسع لا يحتل الإغلاق أو الانغلاق لأنه فناء السحابات الممطرة، فناء الطيور المغررة، فناء العيون المكحلة بإثمد الأمل، فناء الثغور المبللة برضاب الحب والتسامح.

المدرسة دائماً على موعد مع الألفة والمحبة والتسامح فلا يستطيع الطالب أن يسامح زميلاً له إذا نشب بينهما أي خلاف، إذا كان هذا الطالب جاء من بيته وفي قلبه كتلة من جحيم الحقد إلى مدرسته أو مدرسة لا يستطيع الطالب أن يتسامح مع مدرسة إذا كان هذا الطالب وضع الحجاب على عينيه فلن يرى مدرسه ولن يستطيع تبين من يحدثه.

المدرسة، مصنع وإذا فشل الصانع من تهذيب أدوات صناعته فإن المصنع يصبح مجرد جدران بلا هوية ومكان بلا معنى، المدرسة كائن حي بمن فيه إذا أصيب هذا الكائن بجلطة ما فإنه سوف يشل ويعجز عن مواصلة الإنتاج، وبالتالي تموت خلاياه شيئاً فشيئاً إلى أن ينتهي الحال بالكائن إلى النهايات القصوى.. المدرسة لا تستطيع أن تؤدي دورها بإيجابية إذا تقاعست جهات أخرى في مساندتها، وأهم هذه الجهات هي الأسرة التي يتوجب عليها تهيئة الطالب للمدرسة وتلقينه مفاهيم تعلي من شأن المدرس وتقدر دوره وتمجد مهمته.. الأسرة كونها النواة الأولى، فهي مسؤولة عن غرس الوعي في نفس الطالب وإعداده إعداداً جيداً منذ أن يخرج من باب بيته إلى أن يصل إلى باب المدرسة.. عندما يشعر الطالب أنه مساءل من قبل الأهل، وأنه مطالب بالتزامات أخلاقية عليه أن يؤديها بوفاء وصدق، عندما يشعر الطالب أن الأسرة التي ينتمي إليها جزء من إدارة المدرسة، فإنه سوف يخرج من بيته ويضع في ذهنه مبادئ أساسية أهمها أن البناء واحد وأن ما بين الأسرة والمدرسة خيط دقيق يقود إلى الأسرة الأكبر وهو الوطن.. هذا الثلاثي من جينة واحدة ومن فصيلة دم واحدة لا نستطيع الفصل بينهما وإن فعلنا فإننا نحكم بالفشل على مسيرتنا التربوية.. نحن مطالبون بأن نكون يداً واحدة وقلباً واحداً وهماً واحداً لأن المسؤولية واحدة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التسامح 2 التسامح 2



GMT 15:12 2020 الجمعة ,21 آب / أغسطس

براكة... بركة الطاقة

GMT 16:04 2020 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

رواد بيننا

GMT 13:12 2019 الجمعة ,01 شباط / فبراير

بحيرة جنيف تغتسل بالبرودة

GMT 18:55 2019 الخميس ,31 كانون الثاني / يناير

الكل مسافر

GMT 20:26 2019 الأربعاء ,30 كانون الثاني / يناير

ساعات معلقة فوق الغيم

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 21:03 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

عشبة القمح تعزز جهاز المناعة وتساهم في منع السرطان

GMT 19:17 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الأسد السبت 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 18:59 2018 الجمعة ,12 تشرين الأول / أكتوبر

"حقيبة الأبط" تتربع على عرش موضة خريف وشتاء 2018

GMT 01:19 2018 الخميس ,25 تشرين الأول / أكتوبر

محمد رشاد ومي حلمي يتفقان على إتمام حفل الزفاف

GMT 20:07 2015 الثلاثاء ,07 تموز / يوليو

شركة "سامسونغ" تطلق غالاكسي في بلس" في ماليزيا

GMT 15:47 2014 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

شركة Xolo تطلق هاتفها الذكي متوسط المواصفات Opus 3

GMT 18:19 2013 الأحد ,08 كانون الأول / ديسمبر

ترجمة لکتاب صید الخروف البري لهاروکي موراکامي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates