تربص

تربص

تربص

 صوت الإمارات -

تربص

علي ابو الريش
بقلم - علي ابو الريش

تشعر بالرجفة عندما تشعر بأن عيناً ما تتربص بك، وتحفر لك لكي تقع. الآن وفي ظروف الجائحة هناك ما هو مخلب، يشمر عن عدوانية بغيضة، ويتربص بالطفل الصغير كما يتقصى أنفاس الكهل، ما يجعل الخروج من المنزل، كما الوقوع من فوق مبنى شاهق، إنها المجازفة المؤلمة، إنها القفزة من فرق حبال زلقة، إنها ورطة القلب وهو يدفعك لأن تغادر مكانك، وتذهب إلى حيث تنفتح آفاق، وتتسع أحداق، ويلتقي عشاق، وتزدهر الأشواق، ولكن كيف يحدث هذا والفضاء مدلهم بسعار وباء أشبه بالضواري بل وأنكأ وأشرس.
كن حصاة الصبر، بل كن الصبر، وتأزر بدماثة العقول الرزينة، وضع ظهرك على أريكة المخمل، وتوارى خلف جدران، وأشجان، وانتمِ إلى عزلتك، إنها أكثر ضياء من أماكن تبدو في واقعها مثل الصور المقلوبة، مثل احتمالين في آن واحد، الموت أم الحياة، وطالما أنت
في المجهول عليك أن تختار طريقك، وعليك أن تلبس القميص الذي تريد، المهم أن تنجو من القلق، نعم القلق، ففي حقيقة الأمر، فالوباء قد زال أو لنقل ضعف إلى حد ما، ولكن ما بقي عالقاً في قماشة الذاكرة هو الأخطر، هو ذلك الخيال المخيف لشكل المرضى الذين
سجوا على الأسرة البيضاء، هي تلك الصورة المفزعة، لوجوه تغذت، ثم توارت. ولكنك وأنت تتخيل ذلك المشهد، عليك أن تستحضر الوجه الآخر، وجه وطنك الذي واجه الموت بالحياة، وقارع المرض بالشفاء، واستطاع أن يقف بجسارة في مقابل الألم، وأن ينجز مشروعه
الحضاري بوعي من سهروا، وضحوا، وتفانوا من أجل أن تبقى راية الوطن بيضاء ناصعة من غير سوء. هكذا أنت الآن، تجلس في مكانك، وتتهجى حروف الجائحة، وتتأمل المشهد برؤية العاشق الذي استهواه وجه الحبيبة، فأعطى وجهه للسماء شاكراً، حامداً بأن منّ الله عليه بوطن مهما اكفهرت دروب العالم، يبقى هذا الوطن يسير بمصابيح الحب زاهياً مزدهراً، زاهراً، مبهراً، مثمراً، تدفع عربته امرأة مطمئنة، ورجل جسور، والاثنان باتجاه الغد المشرق، يحتفلان بالحياة، ويدعان ماضي الجائحة في مكبات التاريخ، ولا ينسيان أنهما
من سلالة صحراوية، تظلل أرضها غافة الجمائل، وتعطر سماءها وردة برية، انبثقت عن لقاء النخلة بساعد أسمر.
أنت هنا في هذا المحيط الملون بوجوه هي كالنجوم، وعيون بأحداق النوارس، ولهجة تمر عبر الشفاه كأنها الجدول، كأنها المنهل، كأنها الفراشات على نحور الزهر، وأنت هنا، أنت في صميم الوجود إنسان إماراتي، حباك الله بالوطن الأوسع أفقاً، الأعظم انتماء للإنسانية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تربص تربص



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 08:52 2015 الأحد ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

1.2 مليون زائر لمعرض الشارقة الدولي للكتاب

GMT 23:26 2019 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

السودانية هديل أنور بطلة تحدي القراءة العربي

GMT 10:26 2013 الثلاثاء ,20 آب / أغسطس

دار إبداع تصدر الكتاب الساخر "يا صلاة العيد"

GMT 14:26 2013 الخميس ,12 كانون الأول / ديسمبر

10 أخطاء يجب تجنبها عند اختيار ديكورات المنزل

GMT 12:22 2015 الثلاثاء ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق اختبارات مسابقة "جولدن سينجر" للمواهب

GMT 07:52 2012 الجمعة ,22 حزيران / يونيو

موسكو تستضیف منتدي اقتصادی إیراني -روسي مشترك

GMT 23:40 2017 الجمعة ,24 شباط / فبراير

إكسسوارات تمنحك الهدوء والراحة في غرفة النوم
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates