صباح لوزان فضي

صباح لوزان فضي

صباح لوزان فضي

 صوت الإمارات -

صباح لوزان فضي

بقلم - علي ابو الريش

على صوت الطير تصحو الأشجار الغافية على سفح البرد القارس، وتصحو البحيرة العملاقة، والجميع يرتلون نشيد الصباح برؤية الطبيعة الباذخة، وعمال النظافة يكنسون بقايا الليل، وما خلفه الندى من بسط لينة على أرصفة الشوارع المبتهلة لعودة الدبيب على سجادة الحياة.

عندما تطل من شرفة اليقظة الباكرة، وقبل أن تفتح الطيور كتاب التغريد، ترى السكنات تعم الشاطئ، ولا حركة غير رفرفة طيور البط الغارفة من العذوبة، شطائر الفطور الصباحي، وهي هكذا تصطاد فرائسها من الأسماك الصغيرة، وكأنها تلتقط بعض أحلام الليل بملاعقها العريضة، الأشبه بالمطارق الصغيرة، ومأمنها في ورشة البحر، تسدد فاتورة النهار، لتبدأ رحلتها الباكرة في العمل الغريزي.

بعض الرجال يغوصون في الماء البارد، وكأنهم ركاب تخب على رمل صحراوي، وتسمع هشهشة الماء الطافر من أفواههم، كتراب أبيض، يتناثر من علو إلى أسفل، وعلى الجانب الآخر، تمخر القوارب الصغيرة، مشيمة البحرية، بفخر مترامية في الأبعاد الصقيعية، وتبدو وكأنها في سباق مع الطير من أجل حياة جديدة، تولد على سطح الماء، وعلى الضفة المقابلة لمكانك، تتراقص الأنوار كنجوم صغيرة، تخفق من خلالها البيوت الحجرية البيضاء، مرتدية تيجانها الحمراء المخروطية، ودخان المدافئ يتطاير في خيوط رمادية، باتجاه السماء متعانقاً في لقاء ودي مع الغيمة الفضية، وما بين الدخان، والغيمة، علاقة تاريخية أزلية، منذ أن وجدت القارة الأوروبية هناك على سطح البحيرات العذبة، والمتجمدة أحياناً، من شديد العناق الحار ما بين البرودة، والسحابات المنيفة.

عندما تتأمل هذا الألفة الطبيعية، تقفز إلى ذهنك، صورة التشققات في جسد العلاقة بين البشر، فتصاب بالدهشة الصادمة، وتسأل نفسك، لماذا يصبح الناس هكذا دوماً في حومة العدائية المزمنة، وهم الخارجون من أحشاء طبيعة، تسير في النسق الغريزي مثل خيوط قماشة، تنظم نسقها، لتصنع فستاناً جميلاً، برونق مذهل يدهش الناظرين؟

نعم، لا شيء يضرم النار في القلوب، إلا عندما تصبح الأنا جبلاً من تراكمات الغيظ الأزلي، ونفايات الإدانة للآخر التي لا تنتهي، ولا تنطفئ نيرانها.
ولكي تخمد هذه النيران في الأفئدة، فنحن نحتاج إلى تأمل نظام الطبيعة، فلعلنا نستفيد.

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

نقلا عن جريدة الاتحاد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

صباح لوزان فضي صباح لوزان فضي



GMT 21:27 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

قصة عِبَارة تشبه الخنجر

GMT 21:21 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

المرأة ونظرية المتبرجة تستاهل

GMT 21:17 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

«تكوين»

GMT 21:10 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

هل يعاقب فيفا إسرائيل أم يكون «فيفى»؟!

GMT 21:06 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

العالم عند مفترق طرق

GMT 21:03 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

عشبة القمح تعزز جهاز المناعة وتساهم في منع السرطان

GMT 18:28 2016 الخميس ,11 شباط / فبراير

"الشارقة للثقافة العربية اليونسكو"لـ صنبر

GMT 18:42 2016 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

أنور المشيري يطرح ديوانه الشعري الأول "مراية الروح"

GMT 18:17 2013 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة ألمانية تكشف تزايد الهجمات الإلكترونية على الشركات

GMT 07:46 2015 الأربعاء ,20 أيار / مايو

"كهرباء دبي" تنجز مواءمة خطتها الاستراتيجية 2021

GMT 06:52 2013 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد عبدة وأبو ماضي يتحدثان عن إثر "حرب أكتوبر" في قصصهم

GMT 13:54 2018 الخميس ,29 آذار/ مارس

خبير التجميل ميمو يوضح أسباب تكريمه في مصر

GMT 23:44 2017 الخميس ,14 كانون الأول / ديسمبر

مانشستر سيتي يفكر في إعارة دانيلو خلال الميركاتو الشتوي

GMT 20:54 2017 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

منتجعات التزلج على الجليد تستعد لاستقبال عشاق الشتاء

GMT 09:51 2014 الإثنين ,18 آب / أغسطس

4 أسلحة لمحاربة رطوبة الجو في المنزل

GMT 09:37 2017 السبت ,07 تشرين الأول / أكتوبر

صداقة تجمع بين غواص مسن وسمكة بوجه إنسان منذ 10 سنوات
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates