خداع النفس أسهل من خداع الآخرين

خداع النفس أسهل من خداع الآخرين

خداع النفس أسهل من خداع الآخرين

 صوت الإمارات -

خداع النفس أسهل من خداع الآخرين

بقلم - علي ابو الريش

كثيراً ما نظن أننا على حق، وأن كل ما نفعله يتماشى مع الحقيقة، ظن هتلر أنه على حق، حتى أشعل حربين عالميتين، راح ضحيتها الملايين من بين البشر، وكانت النهاية المأساوية انتحار هتلر المهزوم.

واعتقد بول بوت أن ماركسيته هي الطريق للنجاة من نار الرأسمالية، فأعدم ثلاثة ملايين من الشعب الكمبودي، لمجرد أنهم اعتمروا القبعات، وانتحر هيمنجواي الروائي الأميركي العظيم، لمجرد فشله في الانسجام مع الحياة الغربية، وعاش نابليون على خبز النفس المتضخمة، وانتهى به الأمر في عزلة على أرض جزيرة نائية.

وهكذا تظل النفس الصورة المغايرة للحقيقة، عندما تغطس في المياه الضحلة التي تتدفق من الأنا، فلا يرى المرء الحقيقة، وإنما يبدو له نصفها الملآن بالخدع البصرية، فيذهب إلى الحياة مخفوقاً بالصور الخيالية المبهرة، والتي تخلب لبه، وتسلب قلبه، فيصبح بلا قلب، فقد يرتكب أشنع الجرائم والأخطاء، من وحي أنا مخادعة، وعقل أصبح في عهدة هذه الأنا، ولا يملك قرار الخلاص من صورها الوهمية.

يفعل الإنسان ذلك، وهو في كامل نشوته الذهنية، ويستمرئ أفعاله على أنها الحقيقة الصادقة، ولا حقيقة غيرها، هذه التشوهات تصيب الإنسان عندما ينعزل عن واقعه، ويصبح مثل طائر خرج من السرب، وانتمى إلى الفراغ اللا متناه، الأمر الذي يجعله ينتحل الحيل الدفاعية، والإسقاطات اللا واقعية، في سبيل إثبات أنه على حق، وسواه على خطأ، ولا يتم اكتشاف الخطأ إلا بعد فوات الأوان، وبعد أن تتسرب المياه المالحة، في جوف الآبار العذبة، وبعدها لا جدوى من كيل اللعنات على ما حدث.

في الجانب الآخر، يفكر الإنسان في خداع الآخرين، ويبذل الجهد لإثبات صدق ما يقدمه من أكاذيب، ولكنه في أغلب الأحيان يخيب ولا يصيب، لأن الكذبة مهما زينت، ولوّنت، وأضيف إليها من مساحيق التجميل، تظل كذبة، هي مثل الوجه القبيح لا تغير من حاله الأصباغ والألوان، لأن الحقيقة كامنة، والكذبة مجرد مسحوق أبيض، يزول مع زوال اللحظة.

ولكن يظل المدلسون، والمدجلون، والمتزلفون، يعجنون ويطحنون الأكاذيب، ظناً منهم أنهم يمتلكون قدرات لا يمتلكها سواهم، وهذه خدعة من خداع النفس، يسقط في حفرتها السوداء المخادعون.

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

نقلا عن جريدة الاتحاد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خداع النفس أسهل من خداع الآخرين خداع النفس أسهل من خداع الآخرين



GMT 21:27 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

قصة عِبَارة تشبه الخنجر

GMT 21:21 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

المرأة ونظرية المتبرجة تستاهل

GMT 21:17 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

«تكوين»

GMT 21:10 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

هل يعاقب فيفا إسرائيل أم يكون «فيفى»؟!

GMT 21:06 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

العالم عند مفترق طرق

GMT 21:03 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

عشبة القمح تعزز جهاز المناعة وتساهم في منع السرطان

GMT 18:28 2016 الخميس ,11 شباط / فبراير

"الشارقة للثقافة العربية اليونسكو"لـ صنبر

GMT 18:42 2016 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

أنور المشيري يطرح ديوانه الشعري الأول "مراية الروح"

GMT 18:17 2013 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة ألمانية تكشف تزايد الهجمات الإلكترونية على الشركات

GMT 07:46 2015 الأربعاء ,20 أيار / مايو

"كهرباء دبي" تنجز مواءمة خطتها الاستراتيجية 2021

GMT 06:52 2013 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد عبدة وأبو ماضي يتحدثان عن إثر "حرب أكتوبر" في قصصهم

GMT 13:54 2018 الخميس ,29 آذار/ مارس

خبير التجميل ميمو يوضح أسباب تكريمه في مصر

GMT 23:44 2017 الخميس ,14 كانون الأول / ديسمبر

مانشستر سيتي يفكر في إعارة دانيلو خلال الميركاتو الشتوي

GMT 20:54 2017 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

منتجعات التزلج على الجليد تستعد لاستقبال عشاق الشتاء

GMT 09:51 2014 الإثنين ,18 آب / أغسطس

4 أسلحة لمحاربة رطوبة الجو في المنزل

GMT 09:37 2017 السبت ,07 تشرين الأول / أكتوبر

صداقة تجمع بين غواص مسن وسمكة بوجه إنسان منذ 10 سنوات

GMT 11:08 2020 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

ماجد ناصر يقود شباب الأهلي إلى نهائي كأس الخليج العربي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates