السدرة التي حملت رسائلي

السدرة التي حملت رسائلي

السدرة التي حملت رسائلي

 صوت الإمارات -

السدرة التي حملت رسائلي

بقلم : علي ابو الريش

السدرة التي تحملتني كثيراً، وحملت رسائلي، لأجل أن تقرأها نجمة السماء، وتحفظها الغيمة مع المطر، تلك القصة التي وجفت لها قلوب، وارتجفت لأجلها أصابع، وارتعدت فرائص، ولم يعد في الإمكان إيقاف عقارب الساعة، لأنها كانت أسرع من الدورة الدموية في الجسد.

تلك السدرة قامت في الصباح الباكر ناشرة خصلاتها الخضراء، مبدية دلال عصافيرها وهي ترفع النشيد الأبدي عالياً، رافلة بنشوة الغناء الصباحي كأنها أنشودة المطر لبدر شاكر السياب، كأنها الودق الذي حل على رمل الذاكرة، فأرخى قطراته مثل حبات خال على وجنتين كاللجين، هنا عند هذه الخالدة السائدة، كانت تقف الطيور، وهي ترسم صورة الأبدية على أجنحتها، وتحدق في الوجوه، ثم تحلق، ثم تعلق على مشجب الحياة أجمل ما جاء في خلد الكون، وتطير، ومعها كانت أفئدة تطير، وتذهب لتحكي القصة كاملة لكن تحب، وتهوى، وكانت السدرة تحفظ جل ما خفقت به القلوب، وما جاء في خاطر المحبين من مكارم الشوق، والتوق، وما ساورهم من ظنون، وفنون، وفتون العشق في ذلك النسق الوجداني الذي مزق غشاء الليالي في ساعة حومة وانتهى به الأمر أن وصل إلى منتهى الجنون الجميل، إنه جنون البراءة، وعفوية الوصول إلى ذروة الوعي بقيمة الصور التي نلتقيها، والصور التي تحكم قبضتها في الصدور.
تلك السدرة هي لم تزل فوق الأرض، وفي عمق الذاكرة، وعند شغاف الحلم، ترصع الفكرة بقلائد، وتضع على النحر شامة، وعلامة على أن هذا الصبي الذي كان، كان عند جذع السدرة، لا يناور من أجل حبة نبق، وإنما كان يحاور الأشواق عندما تصبح الأشواق صوراً، ووجوه لا تمشي على الأرض، وإنما خطواتها محفورة في القلب، وبريق عيونها منحوت في الروح.

في الآونة الأخيرة، أي قبل عشرين عاماً من الآن عاينت السدرة ملياً، وتفكرت وبصرت، وتأملت فلم أجد تلك الطيور التي أحببتها، لم أجد عناقيد الثمرات التي أحببتها، ولم أجد نفسي هناك، كنت فقط في الفراغ، ألملم بقايا كائن مر من هنا في يوم من الأيام كان والهاً إلى حد الثمالة، كان مدنفاً إلى حد الغياب، ولكن كل ذلك ذهب مع ما ذهب وولى وأدبر، والأشياء تتلاشى على حين غرة، وتمضي في الغياب تبحث عن سر الوجود، ولا وجود لمن لم يجد مكانه في هذا العالم، وفي صدر امرأة تخضب الحناء من أجل ليلة فيها القمر يلبس ثوب الفرح، والنجوم رواقص، والغيمة تنسج خيوط معرفتها بالكون، عبر دفقات البلل النبيل.

في نهاية الأمر الأشياء تزول، وتبقى آثارها على الأرض مثل الجروح القديمة، مثل الحب الذي لم تكتمل حكايته.

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
 
نقلا عن الاتحاد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

السدرة التي حملت رسائلي السدرة التي حملت رسائلي



GMT 09:11 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلام قطرية – تركية لم تتحقق

GMT 09:06 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

تذكرة.. وحقيبة سفر- 1

GMT 09:03 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

عندما تصادف شخصًا ما

GMT 08:58 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

اختبار الحرية الصعب!

GMT 00:41 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

وماذا عن الشيعة المستقلين؟ وماذا عن الشيعة المستقلين؟

GMT 16:11 2016 الخميس ,25 آب / أغسطس

فوائد الطماطم المجففة

GMT 02:34 2015 الأحد ,04 كانون الثاني / يناير

اندلاع حرائق أحراج عنيفة في إيديلايد جنوب أستراليا

GMT 11:59 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

ملك المغرب محمد السادس يصل إلى البلاد

GMT 23:13 2018 الأربعاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

وفاة متسابق مواطن في حلبة أم القيوين للسيارات

GMT 16:32 2013 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

صدور مجلد الزراعة في بلاد الشام من خلال المخطوطات والوثائق

GMT 02:40 2013 الأربعاء ,05 حزيران / يونيو

سامسونغ تطلق ثلاث اصدارات لعائلة Galaxy Tab 3

GMT 01:56 2013 الأربعاء ,03 تموز / يوليو

عواقب "حمّى المناخ" ستطاول عشر سكان العالم

GMT 08:55 2015 الأربعاء ,04 شباط / فبراير

شركة "مانتا" تطلق هاتفها الجديد بدون أزرار

GMT 11:03 2016 الخميس ,28 كانون الثاني / يناير

ميريام فارس وريهام أيمن إطلالاتهما في أواخر أيام حملهما

GMT 08:37 2017 الثلاثاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

عرض حلقات مسلسل "لأعلى سعر" على قناة "cbc"

GMT 06:03 2014 الأحد ,07 كانون الأول / ديسمبر

ميونيخ هي الأعلى في معدل إيجارات المساكن في ألمانيا

GMT 05:30 2017 الأربعاء ,29 آذار/ مارس

مطعم سفرة يُعلن عن عروض مميزة مع وجبة البرانش
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates