إغراق في الحب حتى الاختناق «2  2»

إغراق في الحب حتى الاختناق «2 - 2»

إغراق في الحب حتى الاختناق «2 - 2»

 صوت الإمارات -

إغراق في الحب حتى الاختناق «2  2»

علي ابو الريش
بقلم : علي ابو الريش

نفكر في ملء جعب أبنائنا بالحب، ونقول: هؤلاء فلذات أكبادنا، وكلما صببنا من ماء الحب، وفاض التنور بالجمرات أحسسنا بأننا ختمنا الرسالة، وأدينا الأمانة، بينما نحن في الحقيقة نمارس حباً عصابيا مليئاً بشحنات عاطفية ملوثة بالأنانية.
نعم الحب المبالغ فيه، هو حب أناني، الهدف منه الاحتواء، والاستيلاء على مشاعر الآخرين ما يؤدي بالآخر إلى الإحساس بالضآلة والضعف، والتلاشي أحياناً، الأمر الذي يخلق شيئاً من ردود الفعل السلبية تجاه الآخر المحب.
الأبناء يحتاجون إلى الحب، كما يحتاجون إلى الحرية، الكثير من الحب، يتحول إلى سجن، يثير في نفوس الأبناء القنوط والسقوط في بحيرة من الأسئلة التي لا جواب لها إلا خارج محيط الأسرة، وفي الخارج هناك جدران سميكة، يصطدم بها الأبناء، ومن هنا يحدث الإدماء، ويحدث الألم النفسي الذي لا علاج له إلا انحراف العجلة عن مسارها الصحيح، ومن ثم الوقوع في حفرة الورطات الكبيرة.
فعندما تجد طفلاً يسبح في نهير الحب، فاعلم أن هذا المخلوق سوف يغرق، وسوف يختنق، وسوف يطرد فكرة النجاة من مخيله مثل القطنة تمتص الماء ولا تشبع، وتظل تمص، وتمص، إلى أن تغيب في الامتصاص وتنتهي إلى لا شيء.
فكل طفل يخرج من شرنقة الحب «المرضي» ينتهي به المطاف إلى رجل ناكص إلى مراحل طفولية غارقة في فيضان الحب.
الحب كالدواء، الإسراف في تعاطيه، ينقلب إلى داء، ولذلك يحذر الأطباء من عدم الالتزام في تعليمات الطبيب المعالج، في استعمال الدواء. كذلك الحب إنه مضاد حيوي فاعل، ضد الكراهية، وضد الإحساس بالفراغات الملتهبة، ولكن تعاطي الحب من دون وعي بأهمية تحديد المواقف أولاً، من كل سلوك يبدر من أطفالنا، ثم التأشير على الخطوط الحمراء، حتى لا يتم التجاوز تحت ذريعة الحب، ومن ثم السقوط في الحفر السوداء.
نحن معنيون بحب أطفالنا، كما أننا معنيون بتربيتهم، وتوجيههم إلى جادة الصواب، نحن مسؤولون عن الاعتناء بالزهرات في فناء البيوت، فلا نطويها بقبضة الغضب، ولا نلمسها لمسة الفراشات، فالأبناء يحتاجون إلى الإمساك بالعصي من نصفها، فلا تفريط ولا إفراط، الأبناء يحتاجون منا للحب، كما يحتاجون لإيقاف العربات عندما يواجهها منعطف حاد، أو منخفض عميق، الأبناء يحتاجون ذلك، لأنهم ليس بالحب وحده يمكن أن تنمو أغصانهم.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إغراق في الحب حتى الاختناق «2  2» إغراق في الحب حتى الاختناق «2  2»



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 08:52 2015 الأحد ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

1.2 مليون زائر لمعرض الشارقة الدولي للكتاب

GMT 23:26 2019 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

السودانية هديل أنور بطلة تحدي القراءة العربي

GMT 10:26 2013 الثلاثاء ,20 آب / أغسطس

دار إبداع تصدر الكتاب الساخر "يا صلاة العيد"

GMT 14:26 2013 الخميس ,12 كانون الأول / ديسمبر

10 أخطاء يجب تجنبها عند اختيار ديكورات المنزل

GMT 12:22 2015 الثلاثاء ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق اختبارات مسابقة "جولدن سينجر" للمواهب

GMT 07:52 2012 الجمعة ,22 حزيران / يونيو

موسكو تستضیف منتدي اقتصادی إیراني -روسي مشترك

GMT 23:40 2017 الجمعة ,24 شباط / فبراير

إكسسوارات تمنحك الهدوء والراحة في غرفة النوم
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates