كيف نكون أصحاء

كيف نكون أصحاء؟

كيف نكون أصحاء؟

 صوت الإمارات -

كيف نكون أصحاء

علي ابو الريش
بقلم : علي ابو الريش

يعيش العالم اليوم تحت وطأة صداع أخرج العقل من العقل، وسرب إلى النفس نفايات أثقلت كاهلها، وأمام هذا الوباء الشرس، لم يفعل الإنسان ما يجدي، وما يزيح هذا المرض من الرأس الذي أصبح مثل كرة مثقوبة، ترفسها أقدام لاعبين هواة.
استخدم الإنسان المعاصر كل المسكنات، وكل المهدئات، وكل مخففات الألم، ولكن لم يحدث ما يبشر بزوال المرض، لأنّ الداء جاء من منطقة غير التي يذهب إليها المعالجون، ولأنَّ المرض نتيجة مباشرة لعلاقة غير سوية بين الإنسان والطبيعة، ولأنَّ العلاج كان مجرد هروب من الواقع، وإسراف في الجدل بين العقل والواقع، ما دفع بمزيد من التراكم، ومزيد من المخلفات التاريخية، التي حاول الإنسان طمسها وليس التخلص منها.
فعندما يشكو المرء من شرخ في جدار المنزل الذي يسكنه، وتقوم أنت بنصيحة، تؤدي إلى عدم المنزل، فتلك كارثة.
الهدم في حد ذاته صعود إلى الهاوية الهدم ولوج في العدم، ولا حياة في العدمية، غير عبث البلهاء في منطقة قاحلة، يرجون منها عشبة الرمق الأخير.
نحن نحتاج إلى أكثر من فرويد كي يحلل لنا ظاهرة الصداع التي استولت على جمع غفير من البشر في أصقاع العالم، هذا العالم الذي بدأت تحكمه الأيادي الخفية والتي تسرب أفكار ما بعد الغلاف الجوي، وتجعلها منطقة غير منزوعة الكراهية، منطقة تزدحم بمخلفات عقيمة، وسقيمة، وعديمة، وأثيمة، وأليمة، إلى حد أن الإنسان بدأ ينحو باتجاه عالم الكل ضد الكل.
وماذا بعد، ونحن أصبحنا نحرق الرغيف الذي بين أيدينا، ونكب اللقمة التي في طبق المائدة في سلة المهملات؟ ماذا بعد ونحن أصبحنا نبحث عن السلام العالمي بين أضراس الوحوش، ونسأل عن الحميمية، في أحضان الضواري، ونكتب رسائل حب إلى قلوب خاوية، ونرسل خطابات الود إلى نماذج بشرية، الضمير لديها أشبه بالهواء الفاسد، وقلوبها مخلوقات نافقة.
وبعد هذا التفسخ للجثث، لا بد من صحوة، ولا بد من صرخة مدوية لتحيي العظام وتعيد للوعي طاقته الحرارية حتى يستطيع التواصل مع الواقع، بصورة طبيعية، وحتى تصبح الطبيعة معشبة بسنابل تينع بقدرة الوعي، وأشجار ترتفع سيقانها بطاقة الأحلام الزاهية.
نحن بحاجة إلى إعادة ترتيب البيت الأخلاقي في هذا العالم الموبوء بالصداع اثر أدمانه على فوبيا الصراع، والعدائية للقيم السامية التي جاءت بها طبيعتنا الخلاقة.
نحن بحاجة إلى العودة إلى تراب الشجرة التي منحتنا الظل، وأكسبتنا حلم الطير، وأعطتنا اخضرار العيون الناعسات الدعج.
نحن بحاجة إلى السكينة بعد رحلة طويلة، باءت بالفشل الذريع، في علاقتنا مع الآخر.
نحن بحاجة إلى إعادة النظر في تلوين أحلامنا، وتأثيث وجداننا.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كيف نكون أصحاء كيف نكون أصحاء



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 21:03 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

عشبة القمح تعزز جهاز المناعة وتساهم في منع السرطان

GMT 18:28 2016 الخميس ,11 شباط / فبراير

"الشارقة للثقافة العربية اليونسكو"لـ صنبر

GMT 18:42 2016 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

أنور المشيري يطرح ديوانه الشعري الأول "مراية الروح"

GMT 18:17 2013 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة ألمانية تكشف تزايد الهجمات الإلكترونية على الشركات

GMT 07:46 2015 الأربعاء ,20 أيار / مايو

"كهرباء دبي" تنجز مواءمة خطتها الاستراتيجية 2021

GMT 06:52 2013 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد عبدة وأبو ماضي يتحدثان عن إثر "حرب أكتوبر" في قصصهم

GMT 13:54 2018 الخميس ,29 آذار/ مارس

خبير التجميل ميمو يوضح أسباب تكريمه في مصر

GMT 23:44 2017 الخميس ,14 كانون الأول / ديسمبر

مانشستر سيتي يفكر في إعارة دانيلو خلال الميركاتو الشتوي

GMT 20:54 2017 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

منتجعات التزلج على الجليد تستعد لاستقبال عشاق الشتاء

GMT 09:51 2014 الإثنين ,18 آب / أغسطس

4 أسلحة لمحاربة رطوبة الجو في المنزل

GMT 09:37 2017 السبت ,07 تشرين الأول / أكتوبر

صداقة تجمع بين غواص مسن وسمكة بوجه إنسان منذ 10 سنوات

GMT 11:08 2020 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

ماجد ناصر يقود شباب الأهلي إلى نهائي كأس الخليج العربي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates