الهاتف الذي طلبته مغلق

الهاتف الذي طلبته مغلق

الهاتف الذي طلبته مغلق

 صوت الإمارات -

الهاتف الذي طلبته مغلق

علي ابو الريش
بقلم - علي ابو الريش

البعض من الناس، مغلق حتى إشعار آخر، أو خارج نطاق الخدمة. البعض لم يكن لحدوث الجائحة غرض في إسكات صوته، وإنما هو في سابق العهد، قرر أن يغادر حياة الناس، ويسكت صوت السلام، والوئام، ويسكن في عزلته، مختبئاً في معطف الأفكار السوداوية، ويضع على وجه الشمس قماشة داكنة، ويذهب بعيداً خلف غمامة الصمت المهيب.
البعض من الناس كان له الوباء وسيلة للنأي بعيداً عن الآخر، حتى لا يخدش ذلك السياج الذي طوّق به نفسه، وانحسر، واندحر، وانكسر مثل فنجان قديم، وبات يغط في سبات الجفاف العاطفي، متهرباً من مسؤولياته الاجتماعية، والتزاماته الأخلاقية، وقيمه الإنسانية، متسلّحاً بسيف ورمح، لصد أي تقارب حتى ولو بصوت من بعيد يأتي عبر هاتف نقال، الذي أسكت صوته، وحمله فقط كـ(بريستيج)، والسماعة الإلكترونية كذلك تلتصق بأذنيه، وتشع بلونها الأبيض الناصع.
أعتقد أنه بعد مرور الجائحة، وهي بإذن الله تذهب قريباً، بفضل جهود أبطال الصف الأول من أبنائنا وإخواننا، الذين يسهرون لنتعافى، ونحيا سعداء، لا بد أن تبرز ظاهرة تعزز مشاعر الذين أحبّوا أن يكونوا خارج سرب الطبيعة البشرية، اختاروا الانضواء في كهوف العزلة، والنكوص إلى مراحل ما قبل فجر الانبساط، وانطووا على أنفسهم مثل سجادات قديمة، يغوصون تحت ركام من غبار رثيث المشاعر، وغثيث الأحاسيس، وعتمة الرؤى، وظلام البصيرة، واحتباس حراري يكتم أنفاسهم، ويستولي على قلوبهم، ويسيطر على عقولهم، ويخطف أرواحهم، ويجعلهم مثل أجنحة فراشات ميّتة. البعض من الناس تحوّلت مشاعرهم مثل حثالة قهوة باردة، مرة إلى درجة السماجة، عقيمة إلى حد السأم.
البعض من الناس أموات ولكن تأخّر دفنهم، لأنهم يعيشون بين الناس وكأنهم بلا أرواح، خامدون، هامدون، سادرون، خائرون، كمدون، كدرون، شائهون كعملة مزوّرة، أو أحفورة بائدة.
البعض من الناس يحتاج إلى دراسة حالة، تعيد له توازنه وبناءه الشخصي، ليتأكد له أنه من المهم جداً أن يعرف الإنسان قيمة العلاقات الاجتماعية، وأنه إذا كان الظرف الراهن لا يسمح بالتقارب، فإن وسائل التواصل الأخرى، قادرة أن تحقق الغرض من التقارب. المهم أن نخرج من شرنقة التوحش، وأن تظل هواتفنا مفتوحة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الهاتف الذي طلبته مغلق الهاتف الذي طلبته مغلق



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 08:52 2015 الأحد ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

1.2 مليون زائر لمعرض الشارقة الدولي للكتاب

GMT 23:26 2019 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

السودانية هديل أنور بطلة تحدي القراءة العربي

GMT 10:26 2013 الثلاثاء ,20 آب / أغسطس

دار إبداع تصدر الكتاب الساخر "يا صلاة العيد"

GMT 14:26 2013 الخميس ,12 كانون الأول / ديسمبر

10 أخطاء يجب تجنبها عند اختيار ديكورات المنزل

GMT 12:22 2015 الثلاثاء ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق اختبارات مسابقة "جولدن سينجر" للمواهب

GMT 07:52 2012 الجمعة ,22 حزيران / يونيو

موسكو تستضیف منتدي اقتصادی إیراني -روسي مشترك

GMT 23:40 2017 الجمعة ,24 شباط / فبراير

إكسسوارات تمنحك الهدوء والراحة في غرفة النوم
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates