بحيرة زلامسي

بحيرة زلامسي

بحيرة زلامسي

 صوت الإمارات -

بحيرة زلامسي

بقلم : علي أبو الريش

يطل الصباح وفي جعبته حزمة من أخبار الطير الشغوف، يحفل برغد الأحلام الزاهية، وهو يرفرف بأجنحة البلل الصباحي، مسفوفاً، باللغة العفوية، يهطل على حواف الماء كما هي النسمات الباردة، ويخفق بالتغاريد الشفيفة، ويعطيك من نغم الأبدية، أكسير الحياة، تكون أنت الفرد المعلق في سماء الأشواق القديمة مسبوكاً مثل قلادة الوعي في ذهن الطبيعة النبيلة، ترى البحيرة مثل شجرة عملاقة تجدل خصلات المعنى في خاطر الذين جاؤوا محملين بالحب إلى الجمال والبرودة المخملية تتسرب في الأعماق مثل نشوة اللقاءات الحميمية، وتبني قصتها التاريخية في القلب، في المكان الذي تكمن في الأساطير، وأخبار الحضارات وأسرار الحلال في المدن العريقة.

بحيرة زلامسي، الهاجعة عند خاصرة الجبل، ترنو إلى كسوته الخضراء، وتتأمل البيوت الخشبية التي هدأت في سكون الليل، وقد جاء موعدها مع الصباح، كي تغسل عن جدرانها بعض البلل، وتمحو ما ساورها من همس الذين استرخوا عند نعومة الأظافر المقامة، وبعض الشهقات اللذيذة ساعة خفوت صوت النهار، وتخلي الضجيج عن فطرته الأزلية، هنا تبدأ مسيرة الوعي في تقصي حالة الصباح، وهو يفرد أجنحة الغيمة المظللة على أحلام الطير وكذلك الباحثات عن نقرة العصافير على أكمام الزهور، في لحظة رومانسية رهيبة تستدعي كل خلايا الجسد للنمو، والازدهار، والنشوء والارتقاء، على أهرام النشوة السرمدية.

البحيرة تبدو ساكنة، لكنها في المضمون هي تعجن خبز الصباح للآتين من أقاصي الوجد البشري، وتناولهم رغيف الشغف، وعلى كفوفها تبدو نقوش الزمان العربي الأصيل، وابتسامات أشبه بقطرات الندى على شفاه قرمزية مهيبة ملحها الصحراء، وما بين البراري الصفراء، والمروج الخضراء، هناك علاقة نسب منذ بدء الخلق، ربما حاول الإنسان أن يطمسها، لكنها تبرز مثل حبات القمح عندما يجتمع الأضداد ليحيوا عرس الأبدية على ضفاف زلامسي، وكأن العالم يعيد خلقه من جديد.

والخليحيون هذا طبعهم في لقاءات الغربة، يقتربون من الذاكرة كما البحيرة وهي تجاور الجبال الشم، فإنك تشم رائحة العطر الصحراوي، مثلما تنساب رائحة الماء من زلامسي في مسام جسدك.

هنا تغيب الفوارق، وتنتهي تلال الصحراء إلى سهول وارفة بالحب، صاخبة بالمشاعر، وتستدعيك النظرات إلى حفل زاهٍ بألوان الابتسامات، وبعض ما يكمن في الصدور، وتبقى أنت المخمون فيما يجري عند ضفاف بخيرة زلامسي وكأنك تقرأ كتاباً قديماً في الحب، وكأنك تولد من جديد تسأل الوجوه عن معنى الحب، وربما تجيبك العيون عن شيء منه، ويبقى في المجهول ما هو أعظم وأهم وهو أنك عندما تغادر عزلتك، تشعر بأن الحب في قلبك يولد من جديد، وتتحرر أنت من قماط وحدتك وتاريخك، المضمخ بجروح أزمنة القحط، وأشياء أخرى.

 المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
المصدر: الاتحاد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بحيرة زلامسي بحيرة زلامسي



GMT 09:11 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلام قطرية – تركية لم تتحقق

GMT 09:06 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

تذكرة.. وحقيبة سفر- 1

GMT 09:03 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

عندما تصادف شخصًا ما

GMT 08:58 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

اختبار الحرية الصعب!

GMT 00:41 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

وماذا عن الشيعة المستقلين؟ وماذا عن الشيعة المستقلين؟

GMT 16:11 2016 الخميس ,25 آب / أغسطس

فوائد الطماطم المجففة

GMT 02:34 2015 الأحد ,04 كانون الثاني / يناير

اندلاع حرائق أحراج عنيفة في إيديلايد جنوب أستراليا

GMT 11:59 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

ملك المغرب محمد السادس يصل إلى البلاد

GMT 23:13 2018 الأربعاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

وفاة متسابق مواطن في حلبة أم القيوين للسيارات

GMT 16:32 2013 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

صدور مجلد الزراعة في بلاد الشام من خلال المخطوطات والوثائق

GMT 02:40 2013 الأربعاء ,05 حزيران / يونيو

سامسونغ تطلق ثلاث اصدارات لعائلة Galaxy Tab 3

GMT 01:56 2013 الأربعاء ,03 تموز / يوليو

عواقب "حمّى المناخ" ستطاول عشر سكان العالم

GMT 08:55 2015 الأربعاء ,04 شباط / فبراير

شركة "مانتا" تطلق هاتفها الجديد بدون أزرار

GMT 11:03 2016 الخميس ,28 كانون الثاني / يناير

ميريام فارس وريهام أيمن إطلالاتهما في أواخر أيام حملهما

GMT 08:37 2017 الثلاثاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

عرض حلقات مسلسل "لأعلى سعر" على قناة "cbc"

GMT 06:03 2014 الأحد ,07 كانون الأول / ديسمبر

ميونيخ هي الأعلى في معدل إيجارات المساكن في ألمانيا

GMT 05:30 2017 الأربعاء ,29 آذار/ مارس

مطعم سفرة يُعلن عن عروض مميزة مع وجبة البرانش
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates