العودة إلى الطبيعة «1  2»

العودة إلى الطبيعة «1 - 2»

العودة إلى الطبيعة «1 - 2»

 صوت الإمارات -

العودة إلى الطبيعة «1  2»

علي ابو الريش
بقلم : علي ابو الريش

نحشر أنفسنا نخسر، وندبر، ونستعر، وتحمر وجناتنا ونفتقر إلى أبسط الأسس الآدمية، عندما نعتنق فكرة أن الطبيعة منزل شر وغضب، يعيشه الإنسان مجبراً، ونأخذ بنظرية فرنسيس بيكون الفيلسوف صاحب النظرية الاستقرائية، ونذهب معه إلى أقصى حالات العدائية ضد طبيعتنا.
عندما تخرج من منزلك، وتشاهد الطير وهو يعانق الشجرة بهدوء وأناة، ومن دون وسائل اصطناعية، نشعر أن هناك خيطاً رفيعاً أرق من هدب العيون يربط بيننا وهذا الكائن الأنيق، نشعر أن ما تسرب إلى مخيلتنا أننا نستطيع أن نرتقي، من دون اعتناق فكرة الحب، بأننا عشنا في خدعة بصرية، أطاحت كل مقوماتنا البشرية، وتحولنا بفعل التراكم التاريخي إلى آلة تحك أضراسها جسد حقيقتنا، وتسحننا إلى أن نصبح مسماراً صدئاً في قلب الآلة الاجتماعية، فنضيع، وتضيع فينا السبل، وننتهي إلى مسخ يجر خلفه أمساخاً، وهكذا دواليك، تتراكم نفاياتنا فينا، ونحن في كومة النفايات الحلقة الضائعة في نظرية التلاشي.
فيا ترى كم من أمثال روبرت اوين الإصلاحي الإنجليزي الذي ظهر في القرن التاسع عشر، والذي نادى بأهمية أن نكون في الوطن الواحد حبات مسبحة، ترص بعضها بعضاً، حلقة التواصل الاجتماعي، وتنمي روح التعاضد، بدلاً من نفرة التضاد.
نحن نشتكي من عقوق الأبناء للآباء، ولا ندري أن العقوق جاء من نهر التلوث الذي شاب العلاقة البدائية في أسرة مزق قميص دفئها شحوب الوجوه، ونضوب الحنان، في صدور من يتمنون الحنان بعد حين من العجز، وتصدع العظام، وتردي الطاقة وانحلال الجسد، ووهن القدرة.
نحن محتاجون إلى أكثر من روبرت اوين، وأكثر من روسو كي يوقظان فينا روح التآزر، والتضافر، من أجل صناعة بيئة أسرية، يحن فيها الكبير على الصغير، لتنمو بذرة الحنان في روح الصغير، ويصبح يافعاً ممتلئاً بالحنان.
يجب ألا نطلب من شاب أن يكون ملطفاً بالهواء النقي، وهو لم يعرفه في الصغر، ففاقد الشيء لا يعطيه.
لقد خسرنا الكثير ونحن نخرج من بيتنا، تاركين الصغار يلهجون بلغة شفها فقدان الحنان، ورضها وخضها، ومضها، سلوك عشوائي في التعاطي مع فلذات ارتموا في أحضان ليست أحضانهم، وتلقنوا ثقافة غير ثقافتهم، ورضعوا حليباً من أَثْداء صناعية، وقلنا لهم هذا يكفي، هذا أكثر دسماً.
نحن نخطئ، ونستمر في الخطأ، ولا نصحو إلا عندما يكون الخطأ بحجم التاريخ الذي نسيناه، وتجاهلنا ثوابته. الوطن لا يزهو وجهه إلا في بيوت أضيئت بمصابيح حنان الأبوين، وسبر أبناء أصحاء نفسياً.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العودة إلى الطبيعة «1  2» العودة إلى الطبيعة «1  2»



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 21:03 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

عشبة القمح تعزز جهاز المناعة وتساهم في منع السرطان

GMT 18:28 2016 الخميس ,11 شباط / فبراير

"الشارقة للثقافة العربية اليونسكو"لـ صنبر

GMT 18:42 2016 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

أنور المشيري يطرح ديوانه الشعري الأول "مراية الروح"

GMT 18:17 2013 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة ألمانية تكشف تزايد الهجمات الإلكترونية على الشركات

GMT 07:46 2015 الأربعاء ,20 أيار / مايو

"كهرباء دبي" تنجز مواءمة خطتها الاستراتيجية 2021

GMT 06:52 2013 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد عبدة وأبو ماضي يتحدثان عن إثر "حرب أكتوبر" في قصصهم

GMT 13:54 2018 الخميس ,29 آذار/ مارس

خبير التجميل ميمو يوضح أسباب تكريمه في مصر

GMT 23:44 2017 الخميس ,14 كانون الأول / ديسمبر

مانشستر سيتي يفكر في إعارة دانيلو خلال الميركاتو الشتوي

GMT 20:54 2017 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

منتجعات التزلج على الجليد تستعد لاستقبال عشاق الشتاء

GMT 09:51 2014 الإثنين ,18 آب / أغسطس

4 أسلحة لمحاربة رطوبة الجو في المنزل

GMT 09:37 2017 السبت ,07 تشرين الأول / أكتوبر

صداقة تجمع بين غواص مسن وسمكة بوجه إنسان منذ 10 سنوات

GMT 11:08 2020 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

ماجد ناصر يقود شباب الأهلي إلى نهائي كأس الخليج العربي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates