اليقين إيمان أعمى

اليقين إيمان أعمى

اليقين إيمان أعمى

 صوت الإمارات -

اليقين إيمان أعمى

بقلم : علي أبو الريش

عندما تسأل شخصاً عن موضوع ما، فيقول لك أنا على يقين من معرفتي بهذا الموضوع. ونحن في صلابة هذا اليقين، نفرط بثوابت كثيرة، وتضيع منا قيم كثيرة، لأننا عندما نصل إلى وهم اليقين، نكون مستعدين لأن نفقد العالم، ونضحي من أجل يقيننا المتوهم، وهذا أشعل الحروب، ونشر الكروب على نطاق الكرة الأرضية. فكل منا يقول أعرف، ونغرق في المعرفة، ولكن من دون فهم، والفرق شاسع ما بين المعنيين. فإن تعرف فأنت تغرف من معين آخر، مثل ما يفعل شخص عندما يدلو بدلوه في بئر ما، فأثناء النزح قد يختلط الماء مع الطين المترسب في قاع البئر.

المعرفة تأتيك من الخارج، والفهم يأتيك من الداخل، أي من وعيك أنت. فالوعي يقودك إلى الإدراك، والإدراك يدخلك في باحة الحب، والحب ليس يقيناً وإنما هو الحيرة. عندما تكون في اليقين فلن تتأمل جمال الوردة؛ لأنك في هذه الحالة قد تشبعت بالمعرفة، أي معرفة أن الوردة جميلة. كن في الحيرة الخالصة، التي تجعلك تتوقف عند الأشياء، ولا تعبر وأنت أعمى، سوف تنظر بإمعان وتتأمل، وستكون أسئلتك بحجم حبات رمال العالم، ولن تتعب وأنت تتأمل، الذي يتعب هو من يصل إلى اليقين؛ لأنه مثل الذي يغلق عليه أبواب الغرفة، ويريد أن يرى ماذا خلف الجدران. نحن الآن تُشن علينا حروب شرسة، من قبل أصحاب اليقين الوهمي، والعالم يواجه معضلة هذه البذرة الشيطانية، ولكن بلا جدوى، لأنك لن تستطيع أن تري الأعمى ضوء الشمس.

أصحاب اليقين الأعمى، تصوروا أنهم امتلكوا الحقيقة، ووصلوا إلى اليقين النهائي ولا رجعة، بل هم يجدون في العالم علة الحيرة التي ينبذونها، ويريدون تحاشيها بأي حال من الأحوال، ولكنهم عندما يجدون أنفسهم أمام الواقع المرير، وأن الإنسان الحقيقي لا يمكن زحزحته عن الأسئلة الوجودية الكبرى، فإنهم لا يملكون غير العنف والكراهية والقتل، ويعتبرون ذلك جزءاً من مهمتهم في العالم، في محاربة الحيرة، والتي يعتبرونها خروجاً عن مألوف اليقين.

تراكم المعرفة يجعلك تغرق في اليقين، أما الحيرة فهي تخرجك من غرفة العناية اليقينية، إلى فضائك الداخلي، الذي تكمن فيه حقيقتك. نحن في المعرفة نبحث عن الحقيقة في الخارج، والخارج كائن مخادع، يضع لنا الحقائق بصورة سحرية مؤثرة، ولذلك فنحن في اليقين، نكون قد وقعنا ضحية هذا التنويم المغناطيسي، وأصبحنا لا نرى العالم إلا من خلال هذه الزاوية الضيقة، ونعلن للملأ أننا نملك اليقين، في حين أن الحقيقة تكمن في مكان آخر، الحقيقة في داخلنا. وكلما ابتعدنا عن الداخل، اتسعت الهوة بيننا والوعي، وكلما ابتعدنا عن الوعي قلّ إدراكنا للأشياء، وعندما يحدث هذا نكون قد وصلنا إلى المنطقة اليباب، التي لا تنبت فيها أشجار الفهم الحقيقي.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اليقين إيمان أعمى اليقين إيمان أعمى



GMT 19:41 2021 الأربعاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

أزمات إقليمية جديدة

GMT 19:23 2021 الأربعاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

قيصر روسيا... غمزات من فالداي

GMT 19:19 2021 الأربعاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

المفهوم الايراني للانتخابات... والعراق ولبنان

GMT 19:14 2021 الأربعاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

رسالة مناخية ملهمة للعالم

GMT 23:17 2021 الخميس ,10 حزيران / يونيو

ظهورُ الشيوعيّةِ في لبنان

GMT 21:03 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

عشبة القمح تعزز جهاز المناعة وتساهم في منع السرطان

GMT 01:23 2018 الإثنين ,24 كانون الأول / ديسمبر

منتدى الشعر المصري يناقش كتاب "السلطة والمصلحة"

GMT 15:50 2019 الإثنين ,15 إبريل / نيسان

نصائح بسيطة للحصول على مطبخ ريفي أنيق

GMT 05:40 2018 السبت ,13 تشرين الأول / أكتوبر

مسرحية "ولاد البلد" تعرض في جامعة بني سويف

GMT 00:27 2018 الأربعاء ,26 أيلول / سبتمبر

جينيفر لوبيز تنزلق على خشبة المسرح أمام الجمهور

GMT 04:35 2014 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

93 لوحة لـ 22 مبدعًا في معرض "ثمرة"

GMT 13:50 2018 الخميس ,21 حزيران / يونيو

صبري فواز قيمة مع السنوات

GMT 14:30 2018 الخميس ,18 كانون الثاني / يناير

تعرف علي المواصفات الكاملة لـ"كيا سيراتو 2019" الجديدة

GMT 22:03 2016 الثلاثاء ,12 كانون الثاني / يناير

انطلاق معرض تشكيلي في المدينة المنورة

GMT 01:59 2017 الجمعة ,29 كانون الأول / ديسمبر

سعر الريال اليمني مقابل الدولار الأميركي الخميس

GMT 02:05 2016 السبت ,09 كانون الثاني / يناير

"هواوي" تطرح هاتف "Y6C" في مصر بأسعار تنافسية

GMT 14:41 2013 الجمعة ,22 شباط / فبراير

صدور كتاب باللغة الكوريّة لقصائد سعاد الصباح

GMT 11:59 2012 الثلاثاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

توقيع "أذان الأنعام" لعماد حسن في شبابيك آخر الشهر

GMT 11:51 2017 الأربعاء ,18 تشرين الأول / أكتوبر

حنان ترك تثير إعجاب الجمهور بحضور عيد ميلاد توأم زينة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates