الانتقام من الذات

الانتقام من الذات

الانتقام من الذات

 صوت الإمارات -

الانتقام من الذات

بقلم : علي أبو الريش

عندما لا يتصالح الإنسان مع نفسه، فإنه يعيش في خصام معها، يتطور هذا الخصام مع الزمن إلى عداء سافر ومن ثم مدمر، ولا يأتي عدم التصالح مع الذات بصورة مفاجئة وإنما هو نتيجة لتراكم خبرة وذكريات وصور مؤلمة تكون في الداخل وتظل خاملة إلى أن تكتمل دائرتها النفسية، ومن ثم تبدأ في الظهور على شكل تصرفات سلوكية تبرز الانتقام من الذات، ومن أمثلة الانتقام، الانتقام من الجسد كانتحار جسدي، أو الانتقام من النفس كانتحار النفس، متمثلاً في تعاطي المخدرات أو السرعات الفائقة في قيادة المركبات أو الانتماء إلى مجموعة مضللة والدخول في أوهام العقائد المخدوشة.

ما يشهده العالم المعاصر اليوم من فرق ومزق وطرائق مختلفة ومتزمتة ومتعصبة ليس إلا نتيجة رغبة داخلية لدى الأفراد في الانتقام من الذات، فعندما يقدم شاب في عمر الزهور ويفجر نفسه، كي يقتل نفسه ويفتك بالآخرين، فهذا لا يعبر عن شيء سوى عن الانتقام من الذات نتيجة لعقدة ذنب تاريخية يعيشها هذا الشخص، وكأن تدمير الجسد تطهير للذات من عقد ذنب ماضوية والمراد هنا الخلاص من عذابات الحاضر للذهاب إلى المستقبل بروح متحررة من العقدة الزمنية.. قضية الخلاص من الذنب ليست جديدة، وإنما هي متعلقة في الذات البشرية، ولكن في كل زمن ولكل أمة وسيلتها في الانتقام من الذات، فهناك انتقام جماعي، مثل الانتحار الجماعي لدى فرق البوذية، وكذلك في الديانات الأخرى التي تقوم بجلد الجسد كتعبير عن طلب الغفران، أما اليوم ومع بروز الظاهر الأخطر، وهي ظاهرة الإرهاب فإن استخدام الدين وسيلة للتعبير عن مخزون التراكمات القادمة من العصور الجاهلة، فإنه يشكل موتاً جماعياً للأفراد المنتمين إلى الفكرة الجهنمية البغيضة نفسها.

هذا الاتجاه بدوره أسس ظاهرة انتشرت كما تنتشر النار في الهشيم؛ لأن كتلة الجحيم أصبحت أكبر وأضخم في الذات الفردية، وعدم التصالح مع الذات صار سمة من سمات العصر نتيجة لغياب الوعي الروحي الذي احتل مكانة الوعي المادي، أو كما قال مارتن هايدجر عصر الميكنة، فالإنسان المحاصر بين فكي الآلة والطموح المادي أصبح خاوياً من الداخل، ولا يملك زمام الذات المنتقلة نحو المارة، وفي غياب الروح يصبح الجسد بلا معنى.

المصدر : الاتحاد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الانتقام من الذات الانتقام من الذات



GMT 15:12 2020 الجمعة ,21 آب / أغسطس

براكة... بركة الطاقة

GMT 16:04 2020 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

رواد بيننا

GMT 13:12 2019 الجمعة ,01 شباط / فبراير

بحيرة جنيف تغتسل بالبرودة

GMT 18:55 2019 الخميس ,31 كانون الثاني / يناير

الكل مسافر

GMT 20:26 2019 الأربعاء ,30 كانون الثاني / يناير

ساعات معلقة فوق الغيم

GMT 21:45 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

أترك قلبك وعينك مفتوحين على الاحتمالات

GMT 20:00 2016 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

مطعم "هاشيكيو" الياباني يغرم كل من لا يُنهي طعامه

GMT 13:11 2019 السبت ,14 أيلول / سبتمبر

"جيلي الصينية" تكشف مواصفات سيارة كروس "جي إس"

GMT 05:09 2015 الخميس ,05 آذار/ مارس

انطلاق فعاليات معرض الرياض الدولي للكتاب

GMT 05:58 2015 الثلاثاء ,10 شباط / فبراير

سلسلة "جو وجاك" الكارتونية تطل عبر شاشة "براعم"

GMT 22:28 2017 الأربعاء ,25 كانون الثاني / يناير

جورجينا رزق تبهر الأنظار في أحدث إطلالاتها النادرة

GMT 21:17 2017 الثلاثاء ,18 إبريل / نيسان

حارس نادي الشعب السابق ينتظر عملية زراعة كُلى

GMT 22:33 2013 الأحد ,28 إبريل / نيسان

"إيوان" في ضيافة إذاعة "ستار إف إم"

GMT 13:10 2013 الجمعة ,08 شباط / فبراير

الحرمان يطال 2.3 مليون طفل في بريطانيا

GMT 07:27 2020 الجمعة ,10 تموز / يوليو

"إم بي سي" تبدأ عرض"مأمون وشركاه" لعادل إمام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates