عاصمة الوجدان البشري

عاصمة الوجدان البشري

عاصمة الوجدان البشري

 صوت الإمارات -

عاصمة الوجدان البشري

بقلم : علي أبو الريش

الأم قم فقبلها، وضع على رأسها مقداراً من وهج الشمس، ثم قبل قدميها وضع بين يديها حكمة التاريخ، وسر إلى العالم وأنت مخضب برائحة وجنتيها، وكن دائماً في المسافة القريبة من عباءتها، إنها الغيمة التي تبللك بالمطر، واقترب أكثر من عينيها إنها النجمة التي تضيئك، ثم اقترب أكثر وأكثر من يديها إنها الطريق الذي يدلك على منطقة الفرح.

الأم وحدها التي تجعلك ترى العالم بعين صافية، الأم مرآتك التي ترى فيها العالم من دون غشاوة.

الأم نهرك الذي يغسل أوجاعك، ويضعك في قلب الوجود معافى مشافى من ضغينة الأيام. الأم ظلك، وخلك الوفي، الأم شجرة الأحلام التي تسهر على أيامك وتمنحك قصة الليالي الباهرة.

الأم هذه الجملة المفعمة بثراء المعنى والدلالة هذه العبارة مخزن الاستعارة والكناية والتشبيه، الأم هذه الرواية القديمة الجديدة، تحدثك عن الصيف كيف يجلب لك رطب الحياة، تحدثك عن الشتاء كيف يغسل وجنتيك في الصباح، ويمنحك قوة المعنى.

الأم هذه الرقية التي تحميك من وعورة الطرق، وأشواك الحقول، ولسعات العقارب. الأم هذه الموجة التي توشوش في أذنيك وتهديك إلى السواحل الآمنة كي لا تعرقلك الأسماك المتوحشة، الأم هذه اللغة الناضجة المحملة بالوجد والوجدان، هذه الرحلة الطويلة الممتدة من حبل المشيمة حتى آخر النهار، وعند منتصف الليل تكون عند مخدعك تودعك بقبلة، ثم لمسة على وجنتيك.

الأم هذه السحابة تتوجك بالدفء، تحميك منك ومنهم، تأخذك إلى أعلى غصن، لتكون في منأى من المخالب والأنياب، الأم هذه الكتلة الضوئية، تشعك، وتضيئك، وتملأك النور السماوي، تملأك حنان الوقت، كي يضيع بصرك في ظلام الآخرين، كي لا تضيع أنت.

الأم تغضب بحب، وتتوارى زعلاً بحب، وتحب بحب، هي كل الحب، هي كل الأشواق ما بين النجمة والنجمة، وما بين الغيمة والغيمة، وما بين العين والعين، الأم هي هذا كله لأنها الكل في الوجود، لأنها صانعة الخبز، ولأنها حائكة قماشة الحياة، لأنها شامة الجبين، ولأنها نقطة الضوء في القمر اللجين.

الأم قم فقبلها فاخشع، ثم اركع، ثم دع هامتك بين يديها، واشرب دموعك خضوعاً لقامتها، ولا تتردد في المثول أمام قدميها، بجناح مهيض.

الأم هذه وتلك، فلا تبغي غيرها، لأنها وحدها ولا سواها يشبهها، ولا سواها يكون بديلاً لها.

الأم كن لها وليس معها، كن فيها ولا تكن موازياً لها، الأم حلمك وعلمك وقلمك ووعيك وقلبك وعقلك وطريقك الذي يأخذك إلى الوجود من دون منة أو كبر.

الأم المسافة ما بينك والجنة، الأم الأنشودة التي تأخذك إلى الوجود، وأنت في غاية الفرح.

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
نقلا عن الاتحاد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عاصمة الوجدان البشري عاصمة الوجدان البشري



GMT 09:11 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلام قطرية – تركية لم تتحقق

GMT 09:06 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

تذكرة.. وحقيبة سفر- 1

GMT 09:03 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

عندما تصادف شخصًا ما

GMT 08:58 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

اختبار الحرية الصعب!

GMT 00:41 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

وماذا عن الشيعة المستقلين؟ وماذا عن الشيعة المستقلين؟

GMT 16:11 2016 الخميس ,25 آب / أغسطس

فوائد الطماطم المجففة

GMT 02:34 2015 الأحد ,04 كانون الثاني / يناير

اندلاع حرائق أحراج عنيفة في إيديلايد جنوب أستراليا

GMT 11:59 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

ملك المغرب محمد السادس يصل إلى البلاد

GMT 23:13 2018 الأربعاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

وفاة متسابق مواطن في حلبة أم القيوين للسيارات

GMT 16:32 2013 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

صدور مجلد الزراعة في بلاد الشام من خلال المخطوطات والوثائق

GMT 02:40 2013 الأربعاء ,05 حزيران / يونيو

سامسونغ تطلق ثلاث اصدارات لعائلة Galaxy Tab 3

GMT 01:56 2013 الأربعاء ,03 تموز / يوليو

عواقب "حمّى المناخ" ستطاول عشر سكان العالم

GMT 08:55 2015 الأربعاء ,04 شباط / فبراير

شركة "مانتا" تطلق هاتفها الجديد بدون أزرار

GMT 11:03 2016 الخميس ,28 كانون الثاني / يناير

ميريام فارس وريهام أيمن إطلالاتهما في أواخر أيام حملهما

GMT 08:37 2017 الثلاثاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

عرض حلقات مسلسل "لأعلى سعر" على قناة "cbc"

GMT 06:03 2014 الأحد ,07 كانون الأول / ديسمبر

ميونيخ هي الأعلى في معدل إيجارات المساكن في ألمانيا

GMT 05:30 2017 الأربعاء ,29 آذار/ مارس

مطعم سفرة يُعلن عن عروض مميزة مع وجبة البرانش
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates