بقلم : علي أبو الريش
تقول المأثورة القديمة: ازرع الأفكار تحصد الأفعال، ازرع الأفعال تحصد العادات، ازرع العادات تحصد الشخصية، ازرع الشخصية تحصد المصير، ونحن في شعاع النور الذي أضاءه الشيخ زايد بن سلطان، طيب الله ثراه، نجد أنفسنا تحت ضوء الشمس، وبين خيوطها، وعلى أطراف محبتها، وعند شغاف لهفتها، نفيض وجداً ومجداً، وفجرنا يطوي أهدابه على حلم الطيور، وبهجة الأزهار ورفرفة الأشجار، ووشوشة الموجة عند سواحل الأفئدة. عام زايد هو وئام وسلام وانسجام، والتئام الأجنحة الطالعة باتجاه الغد بشفافية الماء العذب، ورقة عيون الطير، ولألأة النجمة، ونداوة الغيمة، وصفاء السماء وبراءة الصحراء، وعفوية الشواطئ.
عام زايد خيط الحرير الذي ينسج قماشة قلوبنا، ووريد الماء الذي يروي أرواحنا، وعطر الورود الذي يعبق كوننا، وها نحن إذ نقع في الكون، في لب العالم، في مقلة الوجود، منغمسين في الحب متناغمين مع الآخر، منسجمين مع ما أضفاه زايد على عقلنا، وما رسخه في نفوسنا، وما نقشه في قيمنا، ها نحن اليوم نحصد ما زرعه زايد من أفكار وأفعال وعادات، حتى بدت الشخصية الإماراتية هي من صلب واحد، والمصير وطن لا يقبل أنصاف الحلول، ولا ينيخ ركابه إلا للحقيقة، والحقيقة أن البيت واحد والدرب واحد والمستقبل واحد والهدف واحد، والحب واحد لا ثاني له ألا وهو الله والوطن والزعيم.
من يستعيد الذاكرة، ويقرأ في كتاب زايد، يرى أن هذا الوطن حباه الله بمفردة لا تتكرر في بلاد العالم، هذه المفردة أن الجميع يلهجون بصوت واحد وكلمة واحدة أن البيت متوحد، وأن القلب على دين الوطن، ودين الوطن هو محبة الله والقيادة، والانتماء إلى شريعة الأرض التي أنجبت زايد، ومن حبر رملها خلدت اسمه ليبقى محفوراً في الصدور، منحوتاً، في صفحات التاريخ، منقوشاً في ذاكرة الأجيال. زايد، هو هنا، في المكان والزمان، في قلب الإنسان، في الوجدان، في الأشجار، على خارطة الشطآن، في شريان الطير، في وريد الشجرة، في أعطاف الطفل، والكهل والأرملة والثكلى، واليتيم، في المدن والقرى، وفي بقاع العالم التي امتدت لها يداه الطاهرتان، معيناً ومغيثاً ومسعفاً، حتى أصبحت الأمكنة عندما تتحدث عن الخير، فلا بد أن يكون اسم زايد هو العنوان، وهو الكلمة المنطوقة بأل التعريف، والضمير المعبر عن وحدة الوجود التي كان زايد، طيب الله ثراه، يؤمن بها ويطلقها حمامات سلام من أجل إنسانية معافاة من الفقر والعوز والعجز.
عام زايد.. عام تطل منه شعلة الأمل لكل شعوب الدنيا المحبة للسلام، الذاهبة للحب بعفوية الملائكة، وثراء التاريخ، وسخاء الأحلام الزاهية بالأمنيات الجميلة. عام زايد، عام الوفاء والانتماء، عام الفرح وسعادة الصادقين والمخلصين والعشاق، المحبين الذين تكتب قصائدهم من ذهب النفوس الأبية والقلوب التقية.