ولادة العالم من جديد

ولادة العالم من جديد

ولادة العالم من جديد

 صوت الإمارات -

ولادة العالم من جديد

بقلم : علي أبو الريش

في العام الجديد يولد العالم من جديد، ومعه رسالة سلام، مغلّفة بكلام عيسى ابن مريم، وقوله: (إن لم تولدوا من جديد، فلن تدخلوا الجنة). نبي آمن بوحدة البشر، ووحدة الحضارة الإنسانية، مضمنة بالحب والوئام والانسجام، والوفاء للطبيعة وكل مخلوقاتها، ويصدق هنا كلام جان جاك روسو، الغاضب على بعض البشر الذين حوّلوا الدين إلى أديان وطوائف وملل وإثنيات ما أنزل الله بها من سلطان، بشر الحضارة الحديثة الذين اختطفتهم الخدعة البصرية، وتنازعتهم الأنا، وأصبحوا في عراء الأفكار أشجاراً جرداء، تنعق على رؤوسها غربان الشر والعدوانية، والتفرقة بين اللون واللون والعرق، حتى أصبحت الكرة الأرضيّة كتلة من جحيم، تصب في وجدان الناس، وتجد الصراعات بين الدول مثل ما هي الصراعات بين الضواري على الفرائس. ويصدق هنا كلام فرويد، أن الإنسان المتحضر لم يزل يحمل في داخله بقايا عصر الغاب، فلن ترتقي الحضارة البشرية مهما بلغت من تطور الآلة، وتقنيات الأداة العصرية، ما لم يؤمن الناس بوحدة الأديان، لأن الرسل جاؤوا جميعاً من سماء واحدة، ومن رب واحد، وإن لم نختصر طريق الإيمان بعقيدة، ترسم طريق الأمان النفسي لكل البشر، فإن الحضارة التي ندعيها لن تكون أكثر من غثاء السيل، ولن نكون نحن سوى أطفال نعبث بدمية الحياة، حتى تستحيل إلى أشلاء وعدم. 
ونذكر هنا كلام روسو القائل: «لو آمن الناس بما يمليه القلب، وتخلصوا من الأفكار المسبقة، لما شنت الحروب، ولما اندلعت معارك الغالب والمغلوب». هذه كلمات من فيلسوف استنكر على قومه ما يحيكونه ضد بعضهم بعضاً من مكائد وشرور وما يدبرونه من مصائب أعاقت دورة الزمن، وأحبطت رغبة الإنسان في التلاحم والسير قدماً يداً بيد، من أجل بناء عالم نقي من شوائب الضغينة، نظيف من عواهن المرض والفقر والأمية، فكم من الثروات تهدر، وكم من الدماء تسفك، وكم من الأرواح تزهق، كل ذلك يتم بسبب الأنانية والعنصرية والشوفينية، والجهل بقيمة أن نكون في سفينة واحدة، يجمعنا التآلف والتكاتف، والتحالف ضد كل ما يعرقل مسيرة الإنسان نحو التقدم والتطور، والانتصار على أعداء الإنسانية في كل مكان من العالم. نظرة واحدة إلى شجرة الميلاد، وهي ترفل بأضواء النور السماوي، تكفي لأن توقظ مَن في عينيه عمىً، ومن في أذنيه صمم، إنها شجرة أغصانها من وهج الحب، وأوراقها من سناء السلام، ولو تخلى العالم عن صدأ التاريخ، ونفايات الأزمنة الغابرة، سيكون الكون سجادة الحرير التي يحلم بها كل محب للسلام والطمأنينة.
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
نقلا عن الاتحاد

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ولادة العالم من جديد ولادة العالم من جديد



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 21:03 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

عشبة القمح تعزز جهاز المناعة وتساهم في منع السرطان

GMT 18:28 2016 الخميس ,11 شباط / فبراير

"الشارقة للثقافة العربية اليونسكو"لـ صنبر

GMT 18:42 2016 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

أنور المشيري يطرح ديوانه الشعري الأول "مراية الروح"

GMT 18:17 2013 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة ألمانية تكشف تزايد الهجمات الإلكترونية على الشركات

GMT 07:46 2015 الأربعاء ,20 أيار / مايو

"كهرباء دبي" تنجز مواءمة خطتها الاستراتيجية 2021

GMT 06:52 2013 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد عبدة وأبو ماضي يتحدثان عن إثر "حرب أكتوبر" في قصصهم

GMT 13:54 2018 الخميس ,29 آذار/ مارس

خبير التجميل ميمو يوضح أسباب تكريمه في مصر

GMT 23:44 2017 الخميس ,14 كانون الأول / ديسمبر

مانشستر سيتي يفكر في إعارة دانيلو خلال الميركاتو الشتوي

GMT 20:54 2017 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

منتجعات التزلج على الجليد تستعد لاستقبال عشاق الشتاء

GMT 09:51 2014 الإثنين ,18 آب / أغسطس

4 أسلحة لمحاربة رطوبة الجو في المنزل

GMT 09:37 2017 السبت ,07 تشرين الأول / أكتوبر

صداقة تجمع بين غواص مسن وسمكة بوجه إنسان منذ 10 سنوات

GMT 11:08 2020 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

ماجد ناصر يقود شباب الأهلي إلى نهائي كأس الخليج العربي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates