الموظف الكبير

الموظف الكبير

الموظف الكبير

 صوت الإمارات -

الموظف الكبير

بقلم : علي أبو الريش

الموظف الكبير، مدير، لديه من الصلاحيات ما يجعله يدير ظهره لكل المشاعر الإنسانية التي يفترض أن يتمتع بها أي إنسان، وهو أيضاً يتربع على كرسي يختلف عن بقية الموظفين لأنهم صغار، ولا بد أن يتمتع الكبير بما لا يجوز لغيره من الصغار أن يحظوا به، وهذا أمر طبيعي، فهذا المدير تعب وشقي، وتورمت قدماه وهو يشق طريقه إلى المجد، وبمختلف الطرق والوسائل حتى يصل إلى هذا المكان المرتفع، ولكي يثبت أنه كبير، عليه أن يتحلى بسمات الكبار، وأول ما يقوم به هو إغلاق المكتب الفسيح، وإلزام السكرتيرة بعدم تمرير أي شاردة أو واردة إلى مكتبة دون طلب الإذن، ومن بين المتطلبات الأساسية والتي يرى المدير أنها جوهرية، عدم السماح لأي كان بدخول المكتب، حتى ولو كان أباه، إلا بعد طلب الإذن، الأمر الذي يجعل لهذا المدير الهيبة، والفخامة، والأبهة، والعظمة، حتى يشعر بلذة المنصب الذي أصبح الجزء المهم من كيانه، ولا وجود له من دون هذا الجبل الاصطناعي التي اعتلى هامته بقدرة قادر، واستطاع أن يقف بين أهله، وأقرانه جذلاً، فخوراً، رياناً بمشاعر الزهو، والاعتزاز، لما وصل إليه (من كده، وجهده، وعرقه)، إذاً يتطلب منه الآن أن يكون (دبلوماسياً) في تعامله مع الآخرين، من ذوي الحاجة الذين يرتادون مكتبه، لإنهاء معاملة أو إنجاز مهمة، ومن سمات الشخصية الدبلوماسية المراوغة الكيل بمكيالين، وإبراز الابتسامة الصفراء، والتحدث بلغة مهجنة ما بين اللغتين العربية والإنجليزية الركيكتين، لتأكيد فهمه ولياقته وقدرته التي تفوق غيره، والتي وضعته في هذا المكان، ولكي يقبض على زمام الأمور، ويتشبث بمنصبه، عليه أن يتمكن من رص التقارير غير الواقعية، حول سير العمل في دائرته أو مؤسسته، حتى يستطيع إثبات أنه المدير العبقري الذي يملأ مكانه، ولا مكان لغيره في هذا المكان، لأنه جلب السعادة لموظفيه، وأكسبهم الثقة في أنفسهم، مما جعلهم ينجزون متطلبات المهنة بكل نجاح وفلاح وصلاح.
مثل هذا المدير لم يكن لينشأ لولا إصابة البعض بعقدة اللهاث، لتحقيق المجد الوظيفي بمختلف الطرائق، حتى ولو كانت القدرات أقل من الموضوعات، لأن العقدة الأولية مرهقة، وتصيب المبتلى بها بسوداوية شديدة، لو لم يحقق ما يريد وقد تؤدي إلى عواقب وخيمة، أهمها كرهه لكل ما هو جميل في هذه الحياة، وقد يتطور الأمر إلى فراق، وشقاق مع أقرب الناس له، أبنائه وزوجته. هذا النوع من الناس أناني إلى حد الفجاجة، والله المستعان.
 المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
نقلا عن الاتحاد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الموظف الكبير الموظف الكبير



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 21:03 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

عشبة القمح تعزز جهاز المناعة وتساهم في منع السرطان

GMT 18:28 2016 الخميس ,11 شباط / فبراير

"الشارقة للثقافة العربية اليونسكو"لـ صنبر

GMT 18:42 2016 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

أنور المشيري يطرح ديوانه الشعري الأول "مراية الروح"

GMT 18:17 2013 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة ألمانية تكشف تزايد الهجمات الإلكترونية على الشركات

GMT 07:46 2015 الأربعاء ,20 أيار / مايو

"كهرباء دبي" تنجز مواءمة خطتها الاستراتيجية 2021

GMT 06:52 2013 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد عبدة وأبو ماضي يتحدثان عن إثر "حرب أكتوبر" في قصصهم

GMT 13:54 2018 الخميس ,29 آذار/ مارس

خبير التجميل ميمو يوضح أسباب تكريمه في مصر

GMT 23:44 2017 الخميس ,14 كانون الأول / ديسمبر

مانشستر سيتي يفكر في إعارة دانيلو خلال الميركاتو الشتوي

GMT 20:54 2017 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

منتجعات التزلج على الجليد تستعد لاستقبال عشاق الشتاء

GMT 09:51 2014 الإثنين ,18 آب / أغسطس

4 أسلحة لمحاربة رطوبة الجو في المنزل

GMT 09:37 2017 السبت ,07 تشرين الأول / أكتوبر

صداقة تجمع بين غواص مسن وسمكة بوجه إنسان منذ 10 سنوات

GMT 11:08 2020 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

ماجد ناصر يقود شباب الأهلي إلى نهائي كأس الخليج العربي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates