الضمير الفاعل والمفعول به

الضمير الفاعل والمفعول به

الضمير الفاعل والمفعول به

 صوت الإمارات -

الضمير الفاعل والمفعول به

بقلم : علي أبو الريش

يقف الضمير في منتصف الطريق الذي تمر به قيمنا، قد يعترضها وقد يدعها تمر، وفي الحالتين نكون قد طرحنا الأسئلة السيّالة تجاه هذا الموقف أو ذاك، نكون ملأنا جعبة الحياة مزيداً من الصخور التي تعرقلنا، أو ربما نغوص في أعماق سحيقة لا نستطيع الخروج من قيودها. فالضمير المؤنب قد نعتبره كائناً إيجابياً، أو قاضياً يلجم جنوحنا عن الحقيقة، ولكنه أيضاً قد يأخذنا إلى مناطق معتمة، ويجعلنا في حالة الدونية والانزواء والخضوع، وأحياناً التلاشي في شعاب كثة ورثة، مؤداها فناؤنا. الضمير قد يكون جامحاً متجاسراً، فياضاً بالتجاوزات، مملوءاً بشحنات عدوانية ليست ضد الغير، وإنما ضد الذات، الأمر الذي يجعل من هذا الضمير مثل إسفنجة تمتص بقايا حانات الخيال الجم، ولا تقدم ما ينفع ويفيد، لقد أسهبت منظمات حقوق الإنسان في التفسير من دون جدوى، لإعطاء معنى للضمير الحر الذي لا يخضع الزبد الذات البشرية، وكل ما يقال عن قوانين كونية ما هي إلا محاولات لكبح السيل الجارف، من أن يغرق منازل البشرية، ويهلك الزرع والضرع. إذاً ما الحل لصياغة عالم لا يرهقه ضميره بمزيد من أكوام القش التي تمنع الاختناق.
حقيقة نحن بحاجة إلى حيادية الذات، وإلى منعها من الدخول في غرفة الكينونة، حتى لا تشوهها، انفعالات ذاتية مغرضة، ومهما قلنا إنها قد لا تحتسي الشهد إلا مع الشراب اللذيذ، فهناك بقايا ذُبالات نافقة جلبها العقل أثناء سعيه لقطع الشمعة المطلوبة. إذاً نحن بحاجة إلى تنقية متأنية بعيداً عن حماقة الذات، وتدفقها نحو الكينونة، ورسمها للحياة على أنها مبنية على ضمير حي، وحاكم لكل تصرفاتنا، والدليل على أكاذيب الذات هو هذا العراك المستمر بين الذوات، وعلى مدى التاريخ، الدماء أوسع مساحة من الماء، وأن الإنسان ما زال يفكر تفرده، مهما بلغت به المثالية فهو أناني، إلى أن تثبت قدرته على إخراج العقل من براثن العقل، فهو الذي يشيع كذبة الضمير، وهو الذي يبني آمال الإنسان الوهمية، ويجعلها تسبح في محيطات من الوهم التاريخي الذي لا يكف عن الخديعة، ما يجعل كل الأحداث الدموية تنسب إلى الضمير، فحتى هتلر أوعز إلى العالم فكرة الضمير، لكونه الذي دفعه للتحرك صوب مصير الغير وتدميره، وكذلك كل فرد متطرف، مرتجف، فهو يتكئ على الفكرة الجهنمية نفسها وهي فكرة الضمير، ولو انتصرنا على هذا المصطلح، لعاش العالم بسلام وأمن.
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
نقلا عن الاتحاد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الضمير الفاعل والمفعول به الضمير الفاعل والمفعول به



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 21:03 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

عشبة القمح تعزز جهاز المناعة وتساهم في منع السرطان

GMT 18:28 2016 الخميس ,11 شباط / فبراير

"الشارقة للثقافة العربية اليونسكو"لـ صنبر

GMT 18:42 2016 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

أنور المشيري يطرح ديوانه الشعري الأول "مراية الروح"

GMT 18:17 2013 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة ألمانية تكشف تزايد الهجمات الإلكترونية على الشركات

GMT 07:46 2015 الأربعاء ,20 أيار / مايو

"كهرباء دبي" تنجز مواءمة خطتها الاستراتيجية 2021

GMT 06:52 2013 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد عبدة وأبو ماضي يتحدثان عن إثر "حرب أكتوبر" في قصصهم

GMT 13:54 2018 الخميس ,29 آذار/ مارس

خبير التجميل ميمو يوضح أسباب تكريمه في مصر

GMT 23:44 2017 الخميس ,14 كانون الأول / ديسمبر

مانشستر سيتي يفكر في إعارة دانيلو خلال الميركاتو الشتوي

GMT 20:54 2017 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

منتجعات التزلج على الجليد تستعد لاستقبال عشاق الشتاء

GMT 09:51 2014 الإثنين ,18 آب / أغسطس

4 أسلحة لمحاربة رطوبة الجو في المنزل

GMT 09:37 2017 السبت ,07 تشرين الأول / أكتوبر

صداقة تجمع بين غواص مسن وسمكة بوجه إنسان منذ 10 سنوات
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates