منطق الوردة لا منطق البحر

منطق الوردة لا منطق البحر

منطق الوردة لا منطق البحر

 صوت الإمارات -

منطق الوردة لا منطق البحر

بقلم : علي ابو الريش

بعض الناس يتعامل معك بمنطق البحر، فعليك أن تكون ماهراً، بارعاً متمرساً محترساً سواعدك مثل مجاديف قارب عملاق، وأنفاسك طويلة كما هي أنفاس سمك القرش، وصبرك صبر أيوب، ودهاؤك دهاء الثعلب، تستطيع أن تعبر أغوار البحر بنجاح وفروسية فلا تعرقلك موجة ولا تعوقك أعماق، فأنت في البحر بحر مضاد لا تخور ولا تبور، ولا تتقاعس لك شيمة ولا تبتئس لك قيمة.

وبعض الناس كالوردة، يعطون من دون شروط، ويغدقون من دون مقدمات ولا محسنات بديعية هم هكذا وجدوا لكي يملأوا الحياة بالعطاء، ويسكبوا عذرهم بلا منة أو وجل.
البحر بكل ما لديه من خير وفير، فهو غادر ومهين، وذو بأس شديد، لا يرحم الضعفاء، فهو تمييزي، بامتياز، هو شرس مثل بعض أسماكه، هو عميق إلى درجة الرعب، هو كائن مخاتل، فقد يبدو لك ساكناً هادئاً وفي لحظة مباغته تنقض عليك أمواجه وكأنها الجبال تتهدم على رأسك، وتحولك إلى سمكة صغيرة تغوص في الأعماق إلى ما لا نهاية، لتصبح أنت لا شيء.

البحر مخلوق لذاته في ذاته، لذلك فهو كائن ذاتي إلى حد النخاع، ومهما أعطى فهو لا يعطي إلا ليثبت أنه معطاء وهذه ليست من الجمال في شيء ولكنها من أصل جلال الأشياء العظيمة، البحر عملاق مثل الهواء الطلق فلا نهاية لبدايته، هو قائم في الوجود من أجل أن يبلل السواحل برهبة القوة، وعملقة الوجود، وهكذا بعض الأشخاص لهم من الحضور الشخصي ما يلهب الوجدان وتشيب له الأبدان، ولكن هؤلاء موجودين لذاتهم، وبذاتهم الأمر الذي يجعل علاقتهم بالآخر مشروطة بما يتوافر للآخر من قوة المقارعة، وبغير ذلك لا يستتب أمر هذه العلاقة، بل تذهب إلى غالب ومغلوب ومنتصر ومهزوم.

أما في سر الوردة، في وجدان هذه الأجنحة الرهيفة، الهيفاء، كأجنحة الطير، تكمن الحقيقة، وتنبحس الحياة التي تبعث على السرور، فعندما يكون لعطر الوردة نفحة الحياة، وعندما يكون للون الوردة نبضة قلب فإن العلاقة لابد وأن تصير عفوية وبلا شروط، ونقية من شوائب الشرطية التي وضعها بافلوف في زمانه عندما أراد أن يشرط العلاقة الإنسانية بمادة الشرط والإثارة.

الوردة هي هكذا وبعض الأشخاص هم هكذا خلقوا من دون وضع الشروط، هؤلاء ورود تمشي على الأرض هؤلاء الورود التي تلون حياتنا، وتملأ منازلنا بالعطر، ومن دون التعبئة بزجاجات تمنع البث إلا بضغوط وشروط.

هؤلاء الأشخاص هم ورودنا التي لا تكبدنا عناء الظرفية في العلاقة بل هي دائمة الوجود في حياتنا، هي موجودة في السماء كنجوم، وفي الأرض، كأشجار تظلل رؤوسنا بخضرة يانعة، وتهفهف على أرواحنا بأوراق يافعة.

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
 
نقلا عن الاتحاد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

منطق الوردة لا منطق البحر منطق الوردة لا منطق البحر



GMT 09:11 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلام قطرية – تركية لم تتحقق

GMT 09:06 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

تذكرة.. وحقيبة سفر- 1

GMT 09:03 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

عندما تصادف شخصًا ما

GMT 08:58 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

اختبار الحرية الصعب!

GMT 00:41 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

وماذا عن الشيعة المستقلين؟ وماذا عن الشيعة المستقلين؟

GMT 16:11 2016 الخميس ,25 آب / أغسطس

فوائد الطماطم المجففة

GMT 02:34 2015 الأحد ,04 كانون الثاني / يناير

اندلاع حرائق أحراج عنيفة في إيديلايد جنوب أستراليا

GMT 11:59 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

ملك المغرب محمد السادس يصل إلى البلاد

GMT 23:13 2018 الأربعاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

وفاة متسابق مواطن في حلبة أم القيوين للسيارات

GMT 16:32 2013 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

صدور مجلد الزراعة في بلاد الشام من خلال المخطوطات والوثائق

GMT 02:40 2013 الأربعاء ,05 حزيران / يونيو

سامسونغ تطلق ثلاث اصدارات لعائلة Galaxy Tab 3

GMT 01:56 2013 الأربعاء ,03 تموز / يوليو

عواقب "حمّى المناخ" ستطاول عشر سكان العالم

GMT 08:55 2015 الأربعاء ,04 شباط / فبراير

شركة "مانتا" تطلق هاتفها الجديد بدون أزرار

GMT 11:03 2016 الخميس ,28 كانون الثاني / يناير

ميريام فارس وريهام أيمن إطلالاتهما في أواخر أيام حملهما

GMT 08:37 2017 الثلاثاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

عرض حلقات مسلسل "لأعلى سعر" على قناة "cbc"

GMT 06:03 2014 الأحد ,07 كانون الأول / ديسمبر

ميونيخ هي الأعلى في معدل إيجارات المساكن في ألمانيا

GMT 05:30 2017 الأربعاء ,29 آذار/ مارس

مطعم سفرة يُعلن عن عروض مميزة مع وجبة البرانش
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates