الأنا والـ نحن

"الأنا".. والـ "نحن"

"الأنا".. والـ "نحن"

 صوت الإمارات -

الأنا والـ نحن

بقلم : علي أبو الريش

يقول الفيلسوف الإغريقي هيراقليطس «على الرغم من أن العقل الأول مشترك بين البشر، معظم الناس كما لو أن كل واحد منهم يمتلك حكمة خاصة به».
ويستدل فولتير حينما قال إن الصينيين والأوروبيين يمتلكون العواطف نفسها، بأنهم يشعرون بالفرح والحزن على نحو متساوٍ. ولكن الأنا عندما ترفع صوتها المجلجل، تصبح كائناً مغترباً، ووحشياً في كثير من الأحيان، فهي مثل الذي يطارده مخلب كائن أقوى منه، وهكذا يتصور الذاتي نفسه في عالم تضاءلت فيه المعايير الأخلاقية، بسبب التصور الذاتي لدى العالم. فعندما أقول أنا فإن الـ«نحن» تختفي، وعندما أقول نحن: فإن الأنا تختفي، ولا يبدو من وسيلة لتوحيد عضوي البنيان النفسي في وعاء واحد، لأن الشخص الأنوي، هو كائن منعزل، يحمل في طياته شحنات غرائبية، تختزل العالم في الأنا، وتضيع الـ«نحن»، الأمر الذي يفرز قنابل موقوته ومارقة، وحارقة ضد الآخر، الذي نطلق عليه الضمير «نحن».
الفرد المنعزل، هو فرد أنوي، قابع في بوتقة الذات المنغلقة، هو مثل الشخص الذي دخل غرفة مغلقة لا يدخل فيها الهواء، هو شخص مختنق بالأنا، وبالتالي لا يستطيع استنشاق الهواء النظيف، هو شخص يغرق في بحر من الهواء الفاسد ويتحطم رويداً، رويداً، حتى يموت نفسياً، وهكذا شخص لا يمكن أن يتوحد مع الآخر، وبالتالي فإنه يبني جسوره الذاتية من غير نوافذ، وهذا ما يجعله كارهاً للآخر، لأنه لا يعرف ماذا يحدث في الخارج، والصورة الذهنية لديه مشوشة، وكون ليس لديه
المرآة الواضحة عن العالم، فلن يهتم به. ومن يكون في مثل هذه الحال، فإنه يذهب إلى العالم بعينين مغمضتين، والأعمى يمكن أن يدوس طفلاً ويحسبه قطعة مطاطية، فلن يعبأ بما فعل، وهكذا، فالشخص المنعزل هو شخص عدواني إلى درجة الهلاك، ومن هذه البذرة الشيطانية نشأ الإرهاب، وتناسلت خلاياه المدمرة، حتى أصبح ظاهرة عالمية، بعد أن طمست الـ«نحن» في مستنقعات الأنا، وبعد أن أصبح الأنا الحصان الجانح الذي يقود العربة، وأصبح العالم في وهدة التناقض يتعشى على مائدة ضحايا الأنا المحتقنة، المسحوقة تحت رحى عصابها القهري.
وكلما غط الأنا في سبات اللاوعي، كلما غامت أحلامه، وعتمت طريقه، وبدت الحياة مجرد لحظة فانية، ملفوفة بنعش الأنا المهترئة. نحن بحاجة إلى الوعي قبل حاجتنا إلى الأكلات السريعة، كي نسرع إلى طوق النجاة من نار الأنا، نحن بحاجة إلى فلسفة الحياة، أكثر من حاجتنا إلى حوار الصم البكم، وكل ما يتعلق بأفراد انسحبوا عن الواقع، ودخلوا الغرف المغلقة، وناموا على حصى الريبة والوهم.
 المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
نقلا عن الاتحاد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأنا والـ نحن الأنا والـ نحن



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 21:03 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

عشبة القمح تعزز جهاز المناعة وتساهم في منع السرطان

GMT 18:28 2016 الخميس ,11 شباط / فبراير

"الشارقة للثقافة العربية اليونسكو"لـ صنبر

GMT 18:42 2016 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

أنور المشيري يطرح ديوانه الشعري الأول "مراية الروح"

GMT 18:17 2013 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة ألمانية تكشف تزايد الهجمات الإلكترونية على الشركات

GMT 07:46 2015 الأربعاء ,20 أيار / مايو

"كهرباء دبي" تنجز مواءمة خطتها الاستراتيجية 2021

GMT 06:52 2013 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد عبدة وأبو ماضي يتحدثان عن إثر "حرب أكتوبر" في قصصهم

GMT 13:54 2018 الخميس ,29 آذار/ مارس

خبير التجميل ميمو يوضح أسباب تكريمه في مصر

GMT 23:44 2017 الخميس ,14 كانون الأول / ديسمبر

مانشستر سيتي يفكر في إعارة دانيلو خلال الميركاتو الشتوي

GMT 20:54 2017 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

منتجعات التزلج على الجليد تستعد لاستقبال عشاق الشتاء

GMT 09:51 2014 الإثنين ,18 آب / أغسطس

4 أسلحة لمحاربة رطوبة الجو في المنزل

GMT 09:37 2017 السبت ,07 تشرين الأول / أكتوبر

صداقة تجمع بين غواص مسن وسمكة بوجه إنسان منذ 10 سنوات

GMT 11:08 2020 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

ماجد ناصر يقود شباب الأهلي إلى نهائي كأس الخليج العربي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates