طفرات وصور داكنة

طفرات وصور داكنة

طفرات وصور داكنة

 صوت الإمارات -

طفرات وصور داكنة

علي ابو الريش
بقلم : علي ابو الريش

الحياة صور، ومشاهد، تستدعيها الذاكرة، وتلونها بحسب ما يجيش في خواطرنا.
نحن نتصور الحياة، كما نستحضر الموت في كل يوم، ولكن عندما نكون في قلب الطائر الميمون الذي ينقلنا إلى أقصى العالم، فإن صورة الموت تتجسد في عيوننا مثل جناح طائر جبار.
فمن منا لم يستحضر الموت، وهو يسمع هدير الكائن المعدني العملاق، وهو يخب على الأرض قبل أن يصعد إلى الفضاء؟ من منا لم يداهمه هذا الخيال المريع وهو يتقوقع مثل أرنب مذعور على مقعد الطائرة، وجسده يترجرج مثل مادة زئبقية في صحن زجاجي؟ من منا لم يفكر في نهايته، ساعة تدهور مشاعره، وهو يرى نفسه بين قوسي طائرة، تمر عبر مطبات هوائية؟ هذه حالة طبيعية يعيشها كل فرد، تدل على ضعف الإنسان، وفي هذا النعش الطائر يتساوى القوي والضعيف، وإن أبدى بعض الأشخاص عدم التفكير في مثل هذا المصير، ولكن في داخل كل منا هناك طفل صغير، ينزعج كثيراً عندما يزعق في وجهه كائن عملاق بحجم الطائرة التي تقلنا إلى العالم.
نحن نحمل موتنا في داخلنا، كما نحمل وردة الحياة، نحن مزيج بين هذا وذاك ولا يمكن أن يعيش الإنسان بدونهما.
نحن نفرح لأننا نريد أن نطرد خوفنا من الموت، ونحن نبكي لأننا نشعر أن قوة ما في داخلنا تريد أن تهاجمنا، وأنت تسلبنا حياتنا.
نحن في الحياة، نهرب من الموت بطرق شتى، ووسائل دفاعية مختلفة، نحن نفكر دائماً بالحياة لأننا لا نريد تذكر الموت، ولكن عندما نكون في أحشاء كائن يأخذنا إلى مناطق شاسعة من الفراغ، فإن الإحساس بالموت، يطبق على أعناقنا، وأن الخوف يكون هو السهم الذي يتسلل إلى قلوبنا ويجعلنا معلقين بين قوسي الشك، واليقين.
عندنا تجد طفلاً لا يعبأ بما يحدث من حوله، ولا يعلم أن الطائرة التي تحمل جسده الصغير، قد تودي بفرحه، تحسده، وتحاول أن تستدعي عفويتك التي فقدتها بفعل الزمن، وبفضل التاريخ الطويل، من التخويف بالموت، وعذابات الموت.
نحن نعلم أن الطائرة ليست هي التي ستجلب لنا الموت، فكل إنسان مهما امتد به العمر، فهو في النهاية مشروع موت محقق، ولكننا لأننا تلقينا عنصر الخوف من الموت منذ نعومة أظافرنا، بفعل فاعل تاريخي، فإننا نتخيل الموت في كل شيء ينقلنا إلى محطات غير محطات استقرارنا، تلقينا هذه الأفكار وصارت، جزءاً من حياتنا.
فليس أهم، وأزكى من الطفولة، فهي المرحلة الخالية من الرثاثة، وعبث السوداوية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

طفرات وصور داكنة طفرات وصور داكنة



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 21:03 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

عشبة القمح تعزز جهاز المناعة وتساهم في منع السرطان

GMT 18:28 2016 الخميس ,11 شباط / فبراير

"الشارقة للثقافة العربية اليونسكو"لـ صنبر

GMT 18:42 2016 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

أنور المشيري يطرح ديوانه الشعري الأول "مراية الروح"

GMT 18:17 2013 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة ألمانية تكشف تزايد الهجمات الإلكترونية على الشركات

GMT 07:46 2015 الأربعاء ,20 أيار / مايو

"كهرباء دبي" تنجز مواءمة خطتها الاستراتيجية 2021

GMT 06:52 2013 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد عبدة وأبو ماضي يتحدثان عن إثر "حرب أكتوبر" في قصصهم

GMT 13:54 2018 الخميس ,29 آذار/ مارس

خبير التجميل ميمو يوضح أسباب تكريمه في مصر

GMT 23:44 2017 الخميس ,14 كانون الأول / ديسمبر

مانشستر سيتي يفكر في إعارة دانيلو خلال الميركاتو الشتوي

GMT 20:54 2017 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

منتجعات التزلج على الجليد تستعد لاستقبال عشاق الشتاء

GMT 09:51 2014 الإثنين ,18 آب / أغسطس

4 أسلحة لمحاربة رطوبة الجو في المنزل

GMT 09:37 2017 السبت ,07 تشرين الأول / أكتوبر

صداقة تجمع بين غواص مسن وسمكة بوجه إنسان منذ 10 سنوات

GMT 11:08 2020 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

ماجد ناصر يقود شباب الأهلي إلى نهائي كأس الخليج العربي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates