النظر إلى الوراء ليس بالصفقة الرابحة

النظر إلى الوراء ليس بالصفقة الرابحة

النظر إلى الوراء ليس بالصفقة الرابحة

 صوت الإمارات -

النظر إلى الوراء ليس بالصفقة الرابحة

بقلم : علي أبو الريش

هكذا يبدو الإنسان، كلما نظر إلى الوراء، تحول إلى حجر ضخم في مسار نهر جارٍ، هو الحياة، كما تقول الحكمة «النظر إلى الوراء ليس بالصفقة الرابحة، إنه يحولنا إلى تماثيل».
فعندما تدخل في النهر المتجمد الذي تطلق عليه بالماضي، فإنك تصبح أحفورة قديمة، متجمدة، نساها ربان سفينة عابرة للمحيطات في تلك المنطقة المتجمدة، فتلف كل ما هو مهم في أجزائها، وصارت معدومة القيمة.
الذين ينظرون إلى الوراء، لا بد وأن يتعثروا في مشيتهم، وقد تكون العثرة مؤلمة، وفظيعة لا نهوض بعدها، وتكون القافلة قد سلكت طريقاً طويلة، ولم يعد بالإمكان اللحاق بها، مهما امتد نظر المتأمل بعيداً.
الذين ينظرون إلى الوراء أشبه بالذين يجلسون في غرفة مظلمة، ويبحثون عن إبرة في كومة قش، إنهم لا يستطيعون العثور عليها، وبالتالي سوف يلقون باللوم على الظلام، ويلعنون النور المختفي الذي لم يفسح لهم الفرصة كي يعثروا على الإبرة.
إبرة الحياة دقيقة، إلى درجة أنها لا ترى بعين يغشيها الظلام، هي فقط متاحة للذين يتوضأون بالنور، ويرتدون أهداب الشمس، ويقتعدون عرش القمر.
هؤلاء هم فقط المحظوظون الذين ترفع لهم الحياة القبعة، وتضع على صدورهم أوسمة النجاح، وتمنحهم تيجان الظفر. فكلما كنّا أكثر اتساعاً في الوعي، تجاوزنا حدود الظلام، ووصلنا إلى قمة الجبل من دون أن نتخبط عند الصخور الوعرة، ومن دون أن يلتهمنا الخوف من التقدم إلى الأمام.
الذين ينظرون إلى الوراء هم أرانب مذعورة، يلاحقها شبح المفترسات، وما هي إلا أضغاث أحلام، ما هي إلا مخالب وهمية، زرعت في والوجدان بفعل ذاتي لا غير، فنحن الذين نصنع خوفنا، ونحن الذين نضع الصخور في طريقنا، ونحن الذين نحفر خنادق الرعب في نفوسنا، ثم نعلق ضعفنا على مشاجب الآخر، ونقول كفى، يجب أن نعود إلى الماضي لعله ينقذنا من مغبات المستقبل، نحن وليس غيرنا، وعندما تكون الإرادة بحجم جناح بعوضة، فإن من السهل لأضعف ريح أن تلوي ذلك الجناح وتدفعه إلى حيث تجتمع النفايات، ولا مجال للنهوض، لأن من يقع ولا يجد العصا التي يتكئ عليها، فلا بد له أن يظل في أعماق الحفر، ولا يملك غير النعيب، لا يملك غير النحيب، وحثو الرمل على الوجه، وهذا إن وجد الرمل، لأن الوقوع يكون أحياناً على أرض جرداء صلدة، تتكسر على أديمها جمجمة الإرادة الكسولة، وتختفي أضواء الأفق المسدود.
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
نقلا عن الاتحاد

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

النظر إلى الوراء ليس بالصفقة الرابحة النظر إلى الوراء ليس بالصفقة الرابحة



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 21:03 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

عشبة القمح تعزز جهاز المناعة وتساهم في منع السرطان

GMT 18:28 2016 الخميس ,11 شباط / فبراير

"الشارقة للثقافة العربية اليونسكو"لـ صنبر

GMT 18:42 2016 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

أنور المشيري يطرح ديوانه الشعري الأول "مراية الروح"

GMT 18:17 2013 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة ألمانية تكشف تزايد الهجمات الإلكترونية على الشركات

GMT 07:46 2015 الأربعاء ,20 أيار / مايو

"كهرباء دبي" تنجز مواءمة خطتها الاستراتيجية 2021

GMT 06:52 2013 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد عبدة وأبو ماضي يتحدثان عن إثر "حرب أكتوبر" في قصصهم

GMT 13:54 2018 الخميس ,29 آذار/ مارس

خبير التجميل ميمو يوضح أسباب تكريمه في مصر

GMT 23:44 2017 الخميس ,14 كانون الأول / ديسمبر

مانشستر سيتي يفكر في إعارة دانيلو خلال الميركاتو الشتوي

GMT 20:54 2017 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

منتجعات التزلج على الجليد تستعد لاستقبال عشاق الشتاء

GMT 09:51 2014 الإثنين ,18 آب / أغسطس

4 أسلحة لمحاربة رطوبة الجو في المنزل

GMT 09:37 2017 السبت ,07 تشرين الأول / أكتوبر

صداقة تجمع بين غواص مسن وسمكة بوجه إنسان منذ 10 سنوات

GMT 11:08 2020 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

ماجد ناصر يقود شباب الأهلي إلى نهائي كأس الخليج العربي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates