وحدة الوجود

وحدة الوجود

وحدة الوجود

 صوت الإمارات -

وحدة الوجود

بقلم : علي أبو الريش

عندما تحلق فوق رأسك حمامة، وتخفق بجناحين أشف من أهداب الغيمة. عندما تقف هرة أمامك تموء بصوت عذب شجي، أرق من خرير الماء. عندما يقابلك كلب يهز ذيله مثل مروحة خرافية. عندما يناغيك طفل في شهوره الأولى. كل هذا يشعرك بوحدة الوجود، وكل هذا يدعوك للاشمئزاز من أولئك الذين يسخرون من الروح ويهزأون من الحياة ويستخفون بمكوناتها، ويذهبون بالكائنات إلى العبثية والعدم. عندما يسكنك هذا الإحساس، تفكر كيف يمكن للحياة أن تصير بلا روح. الأشياء من حولك مثل خيوط القماشة، تكمل بعضها بعضاً، والاستغناء عن خيط واحد يفلفل القماشة، ويحولها إلى خيوط متناثرة سريعة التلف.

لم يأت شيء إلى العالم من دون هدف، وهدف الأشياء هو تكاملها، ليصبح الوجود كائناً واحداً، عناصره وحدة القاسم المشترك، ولا شيء في هذا الكون يعيش خارج حسابات الاندماج والانغماس في بوتقة الكل المنسجم والمدعم لبقية أعضاء الجسد.

لا يستقيم الكون، ولا يستمر الوجود صاحياً صحيحاً، من دون تشابك الأغصان وتعانقها وتداخلها، لأن في ولوج الأشياء بعضها ببعض، هو الحياة، وهو الإنتاج وهو النماء، وهو الانتماء، وهو الطاقة التي تجعل الوجود في صلب الحياة، كما هي الحياة في لب الوجود.

لا انفصال، ولا جفاء ولا فجوة في هذا المعيار الوجودي، الذين يضعون الموازين من دون رمانة تساوي بين طرفي الميزان، هم الذين يجعلون من الحياة قشة بلا قيمة، ومن الوجود غباراً ينفث غضبه في أحشاء الأحياء، ما يجعلها كتلة من جحيم، وما يجعل الإنسان كائناً عدائياً يمضي في الحياة مثل الناب والمخلب، ليس له وظيفة غير تهشيم العظام وتحطيم الأجسام، وتحويل الوجود إلى حالة من العدم، تقضي بأن يستمر الإنسان في خضم اللاوعي، تدفع ريبته من الأشياء المحيطة به، والتي تشكل تنيناً أسطورياً، لا هدف له غير بث الرعب ونشر العواصف المزلزلة لوجدان الإنسان، والذي يصبح بعد ذلك مجرد كائن هلامي لا جدوى من وجوده، هذا الإحساس هو ردة فعل مضادة، فعندما يحتقر الإنسان الكائنات الأخرى، فإنه يحتقر إنسانيته، وبالتالي يتحول إلى كائن متلاشٍ ومنتهٍ إلى اللاشيء. فهل يستطيع الإنسان الاستغناء عن جزء من جسده، فمثلاً هل يستطيع التخلي عن يده أو قدمه؟ بالطبع لا، وهكذا هي مكونات الطبيعة، فهي في الوجود تمثل أعضاء لجسد واحد، ولذلك المحبطون والدونيون، لديهم القدرة على إفناء الذات، لأنهم لا يملكون مخيلة الوحدة في الوجود، وكذلك الوحدة بين الروح والجسد، ولذلك فهم لا يشعرون بأهميتهم في الوجود، كما أن الوجود لا أهمية له بالنسبة لهم. معادلة صعبة، ولكنها طبيعية تقود إلى إما الوعي أو اللاوعي.
نقلا عن الاتحاد

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

وحدة الوجود وحدة الوجود



GMT 15:12 2020 الجمعة ,21 آب / أغسطس

براكة... بركة الطاقة

GMT 16:04 2020 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

رواد بيننا

GMT 13:12 2019 الجمعة ,01 شباط / فبراير

بحيرة جنيف تغتسل بالبرودة

GMT 18:55 2019 الخميس ,31 كانون الثاني / يناير

الكل مسافر

GMT 20:26 2019 الأربعاء ,30 كانون الثاني / يناير

ساعات معلقة فوق الغيم

GMT 02:38 2015 الجمعة ,02 كانون الثاني / يناير

باكستان من بين أسوأ عشر دول من حيث حرية "الإنترنت"

GMT 19:35 2013 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مطعم سياحي مفتوح للجمهور في أحد سجون لندن

GMT 09:53 2018 الأحد ,05 آب / أغسطس

ترجمة وتعريب 1000 درس في "تحدي الترجمة"

GMT 18:11 2015 الأربعاء ,22 إبريل / نيسان

طقس الأردن لطيف الأربعاء وغائم الخميس والجمعة

GMT 06:01 2015 الإثنين ,19 كانون الثاني / يناير

الهند تبني منشآت للطاقة الشمسية فوق القنوات للاقتصاد

GMT 18:53 2016 الإثنين ,11 إبريل / نيسان

تسريب أول صورة لهاتف "نوكيا" بنظام أندرويد

GMT 23:29 2014 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

شركة "واتساب" تطرح إصدارًا جديدًا بميزات إضافية جديدة

GMT 19:25 2018 الأربعاء ,21 شباط / فبراير

سيدة تخون شقيقتها مع زوجها في منطقة سيدي إيفني

GMT 00:31 2014 السبت ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

"رمان" للتطبيقات تطلق تطبيق "أنت وطفلك - فاين بيبي"

GMT 17:51 2015 الجمعة ,24 تموز / يوليو

معرض تراثي فلسطيني في أسواق بيروت القديمة

GMT 12:14 2017 الأربعاء ,26 تموز / يوليو

تطوير ملصق يعلن عن الاعتداء الجنسي وقت حدوثه

GMT 03:55 2017 الأحد ,15 كانون الثاني / يناير

صفاء حجازي تنعي وفاة الراحلة كريمة مختار " ماما نونة"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates