ما الكون إلا كرة نحن في داخلها الهواء

ما الكون إلا كرة نحن في داخلها الهواء

ما الكون إلا كرة نحن في داخلها الهواء

 صوت الإمارات -

ما الكون إلا كرة نحن في داخلها الهواء

بقلم : علي أبو الريش

كرة الكون تحوينا، وتستدير بِنَا، نحن في داخلها الهواء. هكذا تبدو الطبيعة البشرية، عندما نستجليها ونمحصها، ونفحص ما يعتريها من تنوع، واختلاف بعضنا نسيم عليل، يغدق على الحياة لون البهاء والصفاء والنقاء، وبعضنا يملأ الحياة بكتلة من جحيم الخواء والرغاء والثغاء، ويبعث على القشعريرة.
عندما يبدو الإنسان في هذا الوجود مثل لعنة إبليس، فإنه لا يكتفي في بث الشر في نفسه، بل يتعدى ذلك ليصبح هواء فاسداً يملأ الطبيعة، فيطيح آمال الزرع والضرع، ويحول الحياة إلى لغة هوجاء تعبث بها عواصف ونواسف وخواسف، فلا تذر ولا تبقي من أحياء على الأرض، هذه الطبيعة الإنسانية هي التي نطلق عليها فكرة العدمية التي تنتاب بعض البشر، فنراهم يذهبون في المكان والزمان، مثلما تذهب الأمطار الحمضية التي تنزل على كاهل الأرض غضباً، وتسربل الأحياء بقائمة من أغلال القنوط واليأس والبؤس والرجس، فلا يبرز من الكون سوى أنياب النزق، وحرقات ما قبل الأنفاس الأخيرة. 
بعضنا يختار الحياة بفطرتها وعفويتها، يملأها بفرح العصافير، وخيلاء الغزلان البرية في مقتبل العمر، بَعضُنَا في رؤيته إلى العالم، يبدو مثل زهرة ندية امتلأت بتلاتها بعبق التاريخ المزدهر بأحلام الوعد المنشود، بَعضُنَا يجعل من الأحلام فراشات تغدو وتأتي على ضفاف أنهار السعادة، تفيض بالمعنى مثل نجمة تغرف من ضوء السماوات، ما يجلي كل هم وسقم، وبعضنا مثل سمكة عمياء، تخوض في الوجود بوعي منقوص، فلا تجد العمق، ولا تعثر على السطح، تكون في نهاية الأمر فريسة لرعشتها النهائية، وهي في جوف المفترسات. 
بعضنا يغيب في الوعي، مثلما تغيب الخنفساء في زاوية الذروة القصوى، ساعة ولوجها في غفلة الإحساس باليأس، بَعضُنَا ربما لا يعرف أن للحياة وجهين، أحدهما مشرق والآخر مظلم، فيختار الظلام على النور، ولا يكاد يرى ما حوله، ولا تراه الأعين، فينتهي إلى الـ «لا شيء».
كما هي النخرة الأخيرة لثور خائر، بَعضُنَا يفسر أحلام الغد، ولا يدري أن للماضي عيوناً أوسع من فضاء الكون، فيقع في هوة الفشل، ولا تنقذه الإسعافات الأولية، لأنه يكون قد فارق الحياة منذ زمن، فقط تأخر عنه حفار القبور. 
بعضنا يظل في جوف الكرة، هواء صالحاً للتنفس، الأمر الذي يجمع حوله جل محبي الحياة.
 المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
نقلا عن الاتحاد
 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ما الكون إلا كرة نحن في داخلها الهواء ما الكون إلا كرة نحن في داخلها الهواء



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 21:03 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

عشبة القمح تعزز جهاز المناعة وتساهم في منع السرطان

GMT 18:28 2016 الخميس ,11 شباط / فبراير

"الشارقة للثقافة العربية اليونسكو"لـ صنبر

GMT 18:42 2016 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

أنور المشيري يطرح ديوانه الشعري الأول "مراية الروح"

GMT 18:17 2013 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة ألمانية تكشف تزايد الهجمات الإلكترونية على الشركات

GMT 07:46 2015 الأربعاء ,20 أيار / مايو

"كهرباء دبي" تنجز مواءمة خطتها الاستراتيجية 2021

GMT 06:52 2013 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد عبدة وأبو ماضي يتحدثان عن إثر "حرب أكتوبر" في قصصهم

GMT 13:54 2018 الخميس ,29 آذار/ مارس

خبير التجميل ميمو يوضح أسباب تكريمه في مصر

GMT 23:44 2017 الخميس ,14 كانون الأول / ديسمبر

مانشستر سيتي يفكر في إعارة دانيلو خلال الميركاتو الشتوي

GMT 20:54 2017 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

منتجعات التزلج على الجليد تستعد لاستقبال عشاق الشتاء

GMT 09:51 2014 الإثنين ,18 آب / أغسطس

4 أسلحة لمحاربة رطوبة الجو في المنزل

GMT 09:37 2017 السبت ,07 تشرين الأول / أكتوبر

صداقة تجمع بين غواص مسن وسمكة بوجه إنسان منذ 10 سنوات

GMT 11:08 2020 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

ماجد ناصر يقود شباب الأهلي إلى نهائي كأس الخليج العربي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates