سلطة الضمير

سلطة الضمير

سلطة الضمير

 صوت الإمارات -

سلطة الضمير

بقلم : علي أبو الريش

للضمير مساحة جغرافية في الوجدان البشري، أوسع من مساحة القارات الخمس، إذا ما قسنا هذه المساحة، بامتداد القرون التي مر بها هذا الضمير من تغير وتحول وتلون، حسبما تشيع له الظروف التاريخية والعقائدية. فبطبيعة الحال إن الضمير مترقب التاريخ، هو ليس ضمير القرون الوسطى، وكذلك فإن الضمير في العهد المسيحي هو غير الضمير في العصرين السابقين، وما بعد المسيحية الأولى، هو ليس كالضمير في زمن التنوير، وبالأخص في القرنين الثامن والتاسع عشر، حيث الضمير هو نتاج ثقافة جمعية، إلى جانب الفروق الفردية، والتجارب الخاصة التي يمر بها الأفراد، عبر مراحل التربية الوالدية، والتعليم المدرسي، كما وللعلاقات الشخصية والصداقات، الأثر الكبير في تشكيل الضمير، فهناك الضمير الحي والضمير الفاسد، وكذلك هناك الصوت الخافت، والصوت المرتفع للضمير، وما الانحرافات والشذوذ الأخلاقي والعنف والكراهية والحزن، مقابل ذلك الحب والتضامن والفضيلة والقيم السوية، إلا نتاج مباشر للضمير، ولكن أين يكمن هذا الضمير وما مصدره، وما شكله إن كان له شكل؟ الضمير عزاه فرويد للأنا، ونيتشه نعته بالوعي، والدين أسماه السمو، ولكن ليس في التسميات ما يحيّر، وإنما هو ذلك السحر العجيب والمريب لهذا الكائن الذي يحق أن نقول عنه إنه الكائن الساحر، المهيمن على الإنسان، مهما كان موقعه أو سنه أو جنسه، فهو أي الضمير، يسكن في العمق، فهو الرقيب، وهو المحفز وهو القابض وهو الفاتح، هو كل الأشياء في كيان واحد اسمه الإنسان. هو صوته الداخلي، وهو كلمته المكتوبة، وهو لوحته التشكيلية، وصورته الفوتوغرافية، هو نداؤه الداخلي حين يصرح، وحين يلمح، بمعنى أن الإنسان لا يصمت أبداً، فهو في نومه وفي صحوه هناك من يقوم بكتابة التعبير نيابة عنه، حتى وهو على فراش المرض، لأن الضمير لا يغيب أبداً إلا بموت الإنسان الذي يذهب ومعه ضميره، بعد أن يسجل كل نبضة من نبضات حياته، وكل خطوة يخطوها، سواء بالإيجاب أو السلب، فالضمير لا يجف حبره، ولا ترفع أقلامه، لأنه مثل البحر باق ما بقيت الخليقة. لكن هذا الضمير قد يفسد ولا يعرف أنه فاسد، أو ربما يكون فاسداً عن قصد، كما هو الحال للأفكار عندما تشط بها الغريزة، وتبدو سامية أمام الضمير الفاسد، وبالتالي يصر هذا الضمير على المزيد من الفساد، على اعتبار أنه الحقيقة السامية بالنسبة للضمير الفاسد، وعلى النقيض حيث إننا نجد الضمير الحي يغفو ليخالف حقيقة السمو.
 المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
نقلا عن الاتحاد

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سلطة الضمير سلطة الضمير



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 21:03 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

عشبة القمح تعزز جهاز المناعة وتساهم في منع السرطان

GMT 18:28 2016 الخميس ,11 شباط / فبراير

"الشارقة للثقافة العربية اليونسكو"لـ صنبر

GMT 18:42 2016 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

أنور المشيري يطرح ديوانه الشعري الأول "مراية الروح"

GMT 18:17 2013 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة ألمانية تكشف تزايد الهجمات الإلكترونية على الشركات

GMT 07:46 2015 الأربعاء ,20 أيار / مايو

"كهرباء دبي" تنجز مواءمة خطتها الاستراتيجية 2021

GMT 06:52 2013 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد عبدة وأبو ماضي يتحدثان عن إثر "حرب أكتوبر" في قصصهم

GMT 13:54 2018 الخميس ,29 آذار/ مارس

خبير التجميل ميمو يوضح أسباب تكريمه في مصر

GMT 23:44 2017 الخميس ,14 كانون الأول / ديسمبر

مانشستر سيتي يفكر في إعارة دانيلو خلال الميركاتو الشتوي

GMT 20:54 2017 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

منتجعات التزلج على الجليد تستعد لاستقبال عشاق الشتاء

GMT 09:51 2014 الإثنين ,18 آب / أغسطس

4 أسلحة لمحاربة رطوبة الجو في المنزل

GMT 09:37 2017 السبت ,07 تشرين الأول / أكتوبر

صداقة تجمع بين غواص مسن وسمكة بوجه إنسان منذ 10 سنوات

GMT 11:08 2020 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

ماجد ناصر يقود شباب الأهلي إلى نهائي كأس الخليج العربي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates