الذات المتعددة

الذات المتعددة

الذات المتعددة

 صوت الإمارات -

الذات المتعددة

بقلم : علي أبو الريش

لا يمكن أن يكون الإنسان الفرد واحداً، كما لا يمكن أن يكون اللون واحداً، فهناك المزيج القادم من غابة الكل، وهناك الإنسان التاريخي، الذي عبر نهر التاريخ من جهة التناسل الحضاري، الذي نحن أجزاء منه، وأفراد منتمون إلى فصيلة الجذر الواحد بيولوجياً، ومهما تجاسرت الذات البشرية، وتعالى العقل، فإن السمات المتعددة في الكائن البشري هي من تلك السلسلة الطويلة من فصول التطور، والتحسين في الصفات لدى الكائنات.
يصعب علينا أن نقول إن هذا الفرد نقي من التعددية، كما ليس من السهل إذابة الفرد في الكل من دون تفرد الوحدانية التي تميزه عن سواه. فالأضداد تتشابه، والمتشابهات تتناقض، ولو حصرنا القيم والعادات والمفاهيم، والأفكار والمعتقدات والمأثورات، والأساطير والحكايات الشعبية، ومنتجات الفكر المادية، سنجد التعارض في مقابل التقابل، وسنجد الانسجام مع الاحتدام، وكل ذلك هو منتج الإنسان الواحد المتعدد. فهذا الطفل المولود منوال رجل واحد وترائب امرأة واحدة، يخرج إلى العالم بصفات بيولوجية، وسيكولوجية متعددة، قد تتجاوز عدد أفراد الوطن الواحد، لأن حضور الجينات الواقعية لا يلغي وجود جينات ما قبل التاريخ، وكذلك وجود الأخلاق المستبصرة في اللحظة، لا ينفي حضور أخلاق سالفة مترسخة في الوجدان، فالثقافة بوجه عام لا خصوصية، كما أنها لا عمومية لها صرفة، فالإنسان مزيج من هذه التراكمات التاريخية، فعندما يقول فرويد إن في الإنسان الحضاري شيئا من عصر الغاب، فهذ القول تفسره حالة الشطط الإنساني حين تتحيد قوة الوعي، ويحضر اللاوعي بقوة، ونشهد ذلك في سلوك الشخص المتطرف، عندما يخرج من كينونة الإنسانية ليدخل في غرفة الأنا المتحضِّرة، وهي في غرفة الإنعاش تساوم من أجل حياة وحشية مميتة، ولذلك عندما يعجز الفرد عن تصفية المياه الداخلية، فإنه يعود إلى ذلك الوحش القديم يستحضره بقوة، ويصبح إنساناً غابياً فجّاً عقيماً، موطن على أرض الواقع، سوى موطن الزلات الكبيرة التي لا محو لها غير العودة إلى الفردانية، بعيداً عن التعددية واختلاطاتها المريعة.
العاقل يعيش في الممكن، والمتوحش يقبع في المستحيل، وسيان بين العقل واللاعقل. الأفراد متعددون، مهما تبين لهم أنهم فرادى، والمنطقي من يستطيع فرز النوازع من بعضها ليكون في المجتمع كائناً غير متشابك الانفعالات.
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
 نقلا عن الاتحاد

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الذات المتعددة الذات المتعددة



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 21:03 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

عشبة القمح تعزز جهاز المناعة وتساهم في منع السرطان

GMT 18:28 2016 الخميس ,11 شباط / فبراير

"الشارقة للثقافة العربية اليونسكو"لـ صنبر

GMT 18:42 2016 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

أنور المشيري يطرح ديوانه الشعري الأول "مراية الروح"

GMT 18:17 2013 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة ألمانية تكشف تزايد الهجمات الإلكترونية على الشركات

GMT 07:46 2015 الأربعاء ,20 أيار / مايو

"كهرباء دبي" تنجز مواءمة خطتها الاستراتيجية 2021

GMT 06:52 2013 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد عبدة وأبو ماضي يتحدثان عن إثر "حرب أكتوبر" في قصصهم

GMT 13:54 2018 الخميس ,29 آذار/ مارس

خبير التجميل ميمو يوضح أسباب تكريمه في مصر

GMT 23:44 2017 الخميس ,14 كانون الأول / ديسمبر

مانشستر سيتي يفكر في إعارة دانيلو خلال الميركاتو الشتوي

GMT 20:54 2017 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

منتجعات التزلج على الجليد تستعد لاستقبال عشاق الشتاء

GMT 09:51 2014 الإثنين ,18 آب / أغسطس

4 أسلحة لمحاربة رطوبة الجو في المنزل

GMT 09:37 2017 السبت ,07 تشرين الأول / أكتوبر

صداقة تجمع بين غواص مسن وسمكة بوجه إنسان منذ 10 سنوات

GMT 11:08 2020 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

ماجد ناصر يقود شباب الأهلي إلى نهائي كأس الخليج العربي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates