أنت جزء من المحيط

أنت جزء من المحيط

أنت جزء من المحيط

 صوت الإمارات -

أنت جزء من المحيط

بقلم : علي أبو الريش

عندما نشاهد الموجة، نقول إن جزءاً من المحيط، بدأ يرتفع. الموجة ليست جزءاً، بل هي المحيط الذي أخذ شكلاً جديداً جراء هبوب الريح. عندما تحرك يدك، فأنت لا تحرك جزءاً من جسدك، وإنما تحرك جسدك، أي تحرك الكل.

في علم الرياضيات، هناك إمعان في الأجزاء، والتفاصيل، بينما في علوم النفس البشرية، فإن التفاصيل لا وجود لها. الإنسان كائن غير محدد، ولا معرف، إنه في حد ذاته واحد في واحد، وهو في الوجود واحد في كل وكل في واحد. إذا كان الأمر كذلك، وكان الإنسان غير محدد، فكيف نحدد حبه للأشياء؟ الإنسان في الوطن حب كبير، لا يتجزأ، لا ينفصل، الإنسان في الوطن، هو موجة في المحيط.
الإنسان ليس جزءاً من الوطن، بل هو الوطن، وعندما يقول الفلاسفة إن الحب ليس نقيضاً للكراهية، بل إن الحب يكمن في كل شيء، حتى في الكراهية. عندما لا تنفصل الكراهية عن الحب، فإنها تختفي تماماً مثل الموجة في المحيط. الحب محيط، عندما يفيض المحيط، لا يعني أن هناك موجة منفصلة عن المحيط، بل إن المحيط، هو الموجة، كما أن الحب هو الكراهية التي تبرز عندما يصبح الإنسان فارغاً من المخلفات والشوائب. الأمر الذي يجعلنا لا نعلم أبناءنا ألا يكرهوا، وإنما يجب أن نعلمهم كيف يحبوا. فإذا أردت أن تتعرف على الموجة، يجب أن تذهب إلى المحيط، لأن من خلال المحيط تعرف الموجة.

ومن خلال الحب نعرف الكراهية، ومن خلال الكل نعرف الجزء من دون أن نجزئ. فكيف يكون الوطن من دون مواطن؟ وكيف يكون المواطن من دون الوطن. لا أجزاء، الكل في الجزء والجزء في الكل. ومتى أصبح الحب يقدم للوطن بالقطعة، أصبح لا حبا. الحب في الوطن هو اندماج في الكل، وانغماس من دون تعريف أو تحديد، فإن تحب الوطن فلا تضع تعريفاً أو تحديداً.

أنت تحب الوطن فقط لأنه وطن، وطالما أنت منه، فهو منك. لا يقابل الحب إلا الحب. الحب شيء غير مادي، فلا يقابله أي شيء مادي. أنت لا تحب الوطن لأنه يعطيك، ولو كان الأمر كذلك فقد تختلف الظروف، ولن يستطيع الوطن أن يعطي كما أعطى، فهل يتوقف الحب. مثل هذا الحب ليس حباً، إنه مثل سائر الأشياء المزيفة. إنه مثل بائع البقالة، إن لم تعطه، لن يعطيك.

حب الوطن لا يحدده إلا الحب. وحب الوطن لا يحدده إلا الحب أيضاً، لأنه هو الحب، بجماله وجلاله وكماله ودلاله ووصاله وأصالته وجلالته ورهبته وقوته وسماته وصفاته وبهائه وزهائه وثرائه ورخائه. عندما تحب لن تكره، وعندما تكره لن تكون موجة في المحيط، ولن تكون مواطناً في الوطن، إنك قشة على ظهر الموجة، إنك ذرة غبار في سماء الوطن.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أنت جزء من المحيط أنت جزء من المحيط



GMT 09:11 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلام قطرية – تركية لم تتحقق

GMT 09:06 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

تذكرة.. وحقيبة سفر- 1

GMT 09:03 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

عندما تصادف شخصًا ما

GMT 08:58 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

اختبار الحرية الصعب!

GMT 00:41 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

وماذا عن الشيعة المستقلين؟ وماذا عن الشيعة المستقلين؟

GMT 06:02 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

أسرار أبرز التيجان الملكية التي ارتدتها كيت ميدلتون
 صوت الإمارات - أسرار أبرز التيجان الملكية التي ارتدتها كيت ميدلتون

GMT 22:24 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 14:45 2017 الأحد ,16 إبريل / نيسان

"الشيكولاتة المكيسكية" أبرز وصفات لويز باركر

GMT 09:19 2016 الأحد ,21 شباط / فبراير

اليابان تبتكر "موبايل" قابل للغسل

GMT 16:02 2017 الخميس ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

يوسف السركال" القطريون دبروا ما حدث في بانكوك"

GMT 08:27 2015 الأربعاء ,09 كانون الأول / ديسمبر

نهيان بن مبارك يفتتح معرض "السوربون أبو ظبي"

GMT 17:09 2019 الثلاثاء ,22 كانون الثاني / يناير

تسريبات تكشّف تفاصيل عن مواصفات "سامسونغ غالاكسي S10"

GMT 14:25 2015 الأحد ,25 كانون الثاني / يناير

الشارقة الدولي للكتاب يشارك في معرض القاهرة

GMT 21:15 2015 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

توم فورد يقدم عطرًا مستوحى من ازدواجية إمرأة

GMT 07:09 2017 الجمعة ,01 كانون الأول / ديسمبر

كتابيه لـ عمرو موسى الأكثر مبيعًا في مهرجان الكويت

GMT 08:23 2013 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

مراسلو الإذاعة في ميادين مصر لرصد الاحتفالات الشعبية

GMT 14:28 2017 الجمعة ,27 تشرين الأول / أكتوبر

الوجبات الخفيفة تعزز طاقة الجسم وتحميه من الجوع
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates