نحن موجودون لأننا نستعيد الماضي

نحن موجودون لأننا نستعيد الماضي

نحن موجودون لأننا نستعيد الماضي

 صوت الإمارات -

نحن موجودون لأننا نستعيد الماضي

بقلم : علي أبو الريش

قد يشعر الإنسان أحياناً بالحزن لمجرد أنه يتذكر، صديقاً رحل، أو يستعيد حدثاً مؤلماً مر به، ولكن حتى في الحزن هو تكريس لوجود الإنسان. عندما تتذكر فأنت موجود، لأنك في التذكر، تعيش مرحلة تبدو أنها ماضية، ولكن لمجرد تذكر الحدث فإن الماضي يحضر بقوة، ويؤثر فيك، سواء بالسلب أو الإيجاب، المهم أنه يحضرك معه وتكون واعياً، إلى أقصى حد.

الماضي لا يذهب بلا رجعة، الماضي موجود ما دام الإنسان موجوداً، وما النسيان، إلا محطة استراحة، يأخذ العقل فيها فترة استرخاء، حيث العقل مثل عامل البناء، عندما يتعب من العمل، يتنحى قليلاً ليأخذ قسطاً من الراحة، ليزاول نشاطه من جديد، بكل حماس، فقد تجلس بالقرب من شخص وتجده يغيب عنك لفترة، تلاحظ الابتسامة الشفيفة، تبسط شرشفاً ناعماً، على شفتيه، وتحاول أن تثنيه عن الغياب، بينما هو يصر على استكمال النص الدرامي الذي يتخيله، ولم يلتفت ناحيتك، إلا بعد الانتهاء من آخر سطر في النص، فيعود هذا الشخص وينظر إليك، وكأنه يراك لأول مرة منذ سنوات، ليكمل الحديث معك، إن كان هناك حديث سابق قطعته لحظة التذكر.

عندما يعود الماضي، تعود معه صور، ووجوه، وأحداث، وأصوات أحياناً، لا يسمعها غير الشخص المتذكر. الماضي مثل النهر، يظل في جريانه، ويظن المتابع الجريان، أن القطرة التي مرت من أمامه في لحظة من اللحظات، قد ذهبت إلى البحر ولن تعود، إنما الحقيقة هي أن النهر، كما هو، لا يغيب، لأن قطرات الماء، التي تخرج من أحشائه، هي، هي لا تنفصل، بل تتصل، هي مثل جسد الإنسان، الأعضاء في جسده منفصلة، ومتصلة في نفس الوقت، ولا يمكن لعضو أن يعمل خارج إرادة الأعضاء الأخرى.

كذلك الماضي، هو حاضر إلى الأبد، وليس هناك أزمنة للإنسان، وإنما هو زمن واحد. نحن في الزمن الواحد، نحن في الوجود، وفصل الزمن إلى أزمنة، هو من نوازع البشر إلى الكبير، والصغير، والقديم والجديد، والبقاء والعدم. الماضي وحده الذي يستعيد الوجود كلما حاول الإنسان تهريبه إلى مناطق أخرى من الزمن، لغايات تخص الإنسان، ورغبته في الوقوف، في زمن أسماه الحاضر ظناً من الإنسان، أن الماضي يعني الموت، وأن الإنسان الحقيقي، هو في الماضي، لأن ما يطلق عليه الحاضر، هو زمن غير معروف في حد ذاته، أما المستقبل، فهو زمن افتراضي، لا معلوم. الإنسان يبتعد عن الماضي، ولا يحبذه لأنه مرتبط بالقديم، وذو علاقة بالأشياء المنتهية صلاحيتها، هو أي الإنسان يتحاشى الماضي، في أغلب الأحيان، لأنه يجلب له أحزاناً، وصوراً كثيراً، ما تكدر مزاجه، لذلك يحاول الإنسان، أن يتحاشى الماضي، مع أن الإنسان لم يكن ليوجد، لولا وجوده في الماضي، فالماضي هو نقطة الضوء التي انتشرت، في داخلك، لتصير مصباحاً مضاءً بصور الماضي وأجراسه.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نحن موجودون لأننا نستعيد الماضي نحن موجودون لأننا نستعيد الماضي



GMT 09:11 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلام قطرية – تركية لم تتحقق

GMT 09:06 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

تذكرة.. وحقيبة سفر- 1

GMT 09:03 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

عندما تصادف شخصًا ما

GMT 08:58 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

اختبار الحرية الصعب!

GMT 00:41 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

وماذا عن الشيعة المستقلين؟ وماذا عن الشيعة المستقلين؟

GMT 22:24 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 06:02 2019 السبت ,16 شباط / فبراير

أميركية ينمو في رأسها قرن عاشت به لمدة عام

GMT 12:07 2018 الجمعة ,19 تشرين الأول / أكتوبر

"Pixel 3" قفزة في تطوير صناعة الهواتف

GMT 08:39 2013 الجمعة ,18 كانون الثاني / يناير

كتاب جديد عن الرواية المصورة التي ظهرت في السبعينات

GMT 18:00 2013 الأربعاء ,04 أيلول / سبتمبر

توقيع رواية "باب الليل" للروائي وحيد الطويلة

GMT 18:30 2013 الأحد ,23 حزيران / يونيو

اصدار رواية"امرأة غير قابلة للكسر" لمحمد رفعت

GMT 21:39 2014 السبت ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

إتهام جامعة هارفرد العريقة في التمييز العنصري بها

GMT 10:04 2013 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

افتتاح معرض الصُّور النَّادرة "الأقصر في 100 عام"

GMT 17:56 2015 السبت ,10 تشرين الأول / أكتوبر

النجمة مروة جمال تطلق أغنيتها الجديدة "مفيش مستحيل"

GMT 07:53 2013 الثلاثاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

معرض للرسام الاميركي أندي وورهول في بلجيكا عن الموت والحياة

GMT 18:38 2018 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

بلدية دبي تؤكد حرصها على دعم ذوي متلازمة داون

GMT 11:43 2013 الثلاثاء ,10 أيلول / سبتمبر

جحيم السجون السورية في "عربة الذل"

GMT 13:22 2013 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

الصين تعلن تطهير الإنترنت من "الشائعات والعربدة"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates