ثلاثة معلمين في الحياة

ثلاثة معلمين في الحياة

ثلاثة معلمين في الحياة

 صوت الإمارات -

ثلاثة معلمين في الحياة

بقلم : علي أبو الريش

يذكر روسو أن ثلاثة معلمين في الحياة، هم الإنسان، والطبيعة، والأشياء. الطبيعة تعلمنا عن طريق النمو الداخلي، وعن طريق الألم والمعاناة. والإنسان يعلمنا أو يجب أن يعلمنا، كيف نستفيد مما نتعلمه من الطبيعة. بينما الأشياء تزيدنا خبرة. ولكن بعض الناس لا ينطلي عليهم كلام روسو، لأنهم مخالفون طبيعة الحياة، ولأنهم يسيرون عكس المجرى المائي الذي حدده النهر، في طريقه إلى مزرعة الحياة.

أناس يخالفون الطبيعة ويصير نموهم العقلي لا يوازي نموهم الزمني، بحيث يظلون مثبتين عند مراحل طفولية، ويسبقهم الزمن بمراحل، الأمر الذي يجعلهم يتصرفون بعبثية الصغار، ويمارسون الغوغائية في علاقتهم بالآخر، مما يجعلهم عرضة للخطر وكما يعرضون الآخر لنفس الأخطار، هؤلاء المثبتون عند نقاط الجبلة يصبحون عقبات معرقلة ليس لأنفسهم، بل لنمو حركة الآخرين، كونهم يعيشون في نفس المحيط، وتحت سقف خيمة واحدة تسمى الوطن.

هؤلاء، يعتبرون الألم هو البحر الفاصل بينهم وبين النجاح في الحياة، فهم من أول وخزة ألم تصبح الحياة بالنسبة لهم خاوية وبلا معنى، ويصبحون منطقة جرداء، تذبل أغصانهم تحت سطوة شمس صحرائهم. هذا النوع من الأشخاص وظيفتهم في الحياة الأخذ والتلقي والاستجداء ولا يستطيعون أن يقدموا شيئاً للآخر وهذه سمة الأطفال.

أما النقطة الثانية، فهي الإنسان، إنه المعلم الثاني بعد الطبيعة، الإنسان الذي نحتك به ونعاصره ونعيش معه في كنف واحد وتحت سماء واحدة. ولكن متى يتم التلاقح والتساقي؟ إنها لحظة التنوير الذاتي، وعندما يشعر الطرفان أنهما يدان في جسد واحد، يذهبان إلى الشجرة ليقطفا ثمرة الحياة. وهنا تكمن مبادئ الصيرورة، من منا يسبق الآخر في العطاء؟ من منا يستطيع أن يتجاوز حدود الذاتية، ويصبح وردة تعطي من غير شروط. لا بد وأن تكون هناك القدوة، المعطاء، والنموذج الذي يحتذى، فالمعارف لا توهب من الفراغ، بل لا بد وأن تتوافر الأسباب والأدوات التي تجعل المعرفة ممكنة، وأول هذه الأسباب هو الإنسان نفسه، لا بد وأن يتوافر الإنسان الأعلى، وفي مقابله لا بد وأن يكون في الطرف الآخر إنسان مثل شفافية ورقة التوت تأخذ من الندى قطرات البهجة لترخي فضيلة الاخضرار على الطبيعة.

فإنسان يعطي وآخر يتلقى، والاثنان في وعاء النمو الوجودي يذهبان إلى إنماء الشجرة الكبيرة وهي الوطن، ولا يستقيم الوجود بوجود الكائن السلبي ولا تستمر الحياة بالتطور إلا بقوة الوعي بأهمية التكامل بين معارف الماضي وتطلعات المستقبل.

في النقطة الثالثة يضع روسو الأشياء من حولنا كمثيرات تضيء لنا الطريق، لنتبعها وتأخذنا هي إلى محطات الازدهار، ولكن ليست كل الأشياء مفيدة بل إن بعضها يدفعنا إلى تدمير المصير، وإذا كان إيمانويل كانط يقول إن الأشياء هي التي تدور حول الفكر وليس الفكر الذي يدور حول الأشياء، إذاً فهناك تحريض خارجي، وهناك تربص بالمثيرات، الأمر الذي يتطلب الوعي ونباهة العقل في اختيار ما يفيد وترك ما لا يفيد. وطالما الإنسان، محكوم بالحرية، فإن الاختيار يحتاج إلى وعي بأهمية الاختيار لتصبح الحياة شجرة تسقى بماء المكرمات.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ثلاثة معلمين في الحياة ثلاثة معلمين في الحياة



GMT 09:11 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلام قطرية – تركية لم تتحقق

GMT 09:06 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

تذكرة.. وحقيبة سفر- 1

GMT 09:03 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

عندما تصادف شخصًا ما

GMT 08:58 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

اختبار الحرية الصعب!

GMT 00:41 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

وماذا عن الشيعة المستقلين؟ وماذا عن الشيعة المستقلين؟

GMT 22:24 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 06:02 2019 السبت ,16 شباط / فبراير

أميركية ينمو في رأسها قرن عاشت به لمدة عام

GMT 12:07 2018 الجمعة ,19 تشرين الأول / أكتوبر

"Pixel 3" قفزة في تطوير صناعة الهواتف

GMT 08:39 2013 الجمعة ,18 كانون الثاني / يناير

كتاب جديد عن الرواية المصورة التي ظهرت في السبعينات

GMT 18:00 2013 الأربعاء ,04 أيلول / سبتمبر

توقيع رواية "باب الليل" للروائي وحيد الطويلة

GMT 18:30 2013 الأحد ,23 حزيران / يونيو

اصدار رواية"امرأة غير قابلة للكسر" لمحمد رفعت

GMT 21:39 2014 السبت ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

إتهام جامعة هارفرد العريقة في التمييز العنصري بها

GMT 10:04 2013 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

افتتاح معرض الصُّور النَّادرة "الأقصر في 100 عام"

GMT 17:56 2015 السبت ,10 تشرين الأول / أكتوبر

النجمة مروة جمال تطلق أغنيتها الجديدة "مفيش مستحيل"

GMT 07:53 2013 الثلاثاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

معرض للرسام الاميركي أندي وورهول في بلجيكا عن الموت والحياة

GMT 18:38 2018 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

بلدية دبي تؤكد حرصها على دعم ذوي متلازمة داون

GMT 11:43 2013 الثلاثاء ,10 أيلول / سبتمبر

جحيم السجون السورية في "عربة الذل"

GMT 13:22 2013 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

الصين تعلن تطهير الإنترنت من "الشائعات والعربدة"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates