ناصر جبران بعيداً عن الضجيج

ناصر جبران بعيداً عن الضجيج

ناصر جبران بعيداً عن الضجيج

 صوت الإمارات -

ناصر جبران بعيداً عن الضجيج

بقلم : علي أبو الريش

يترجل ناصر جبران، وفي مخبئه الجميل تكمن حكايات البحر، وموال الكلمة التي لم يبح بمثلها إلا هو. مثل حلم مباغت، جاء الخبر ليطوق الأعناق، ويغرق الأحداق بالدهشة الصادمة، ويملأ فضاء القلب بأسئلة الموت المجلجلة، ويسكب في بحر الآهة مزيجاً من وشوشات الموجة المتفاقمة، وكأنك يا ناصر أردت برحيلك الصامت أن تثير في رمل صحرائنا صفير العواصف، وأن تغرقنا بمزيد من الفقدان المزلزل، وكأنك يا ناصر وددت أن تحرك فينا ما سكن، وتوقظ الأنا المتقوقع في محارة العزلة، ليصغي إلى ما يسرده النورس إلى البحر، وما ترسله لمعة الأسماك إلى النجمة الغافية عند سواحل اللانهائي، ثم تغفو أنت، ثم يصحو العالم لرحيل طائر كان لجناحيه لون الأشرعة، وكان لكلمته عطر الوردة، وكان لصوته سحر الموجة، وكنت أنت كلك سيدي نهر العذوبة، وتدفق العبارة على ضفاف الألم الوجودي.

اذهب سيدي إلى حيث العود الأبدي، فأنت هنا وليس هناك، أنت، أنت اخترت رحيلك، أنت اخترت حريتك، أنت ذهبت إلى الصمت، لكنه ليس الصمت الأبدي، فأنت في الأبد أيقونة، تحرك فينا نزعة الحلم، وجلال الرحيل، أنت سيدي هنا وليس هناك، لأنك كامن في المعنى، وفي العبارة المبللة برضاب الموجة، عندما يكون البحر زعنفة مرفرفة، وتكون السواحل قماشة الحرير، التي حبكت عليها قصة العمر، ولونتها من بياض سريرتك، وصرخت صامتاً، هذه القماشة من نسق الصحراء، هذه القماشة من لون الماء، هذه أنا، وكان البحر يصغي للكلمات، ويرتل آياتها، ويتلو سبل الانتماء إلى أديب، أريب، اكتوى بحب الكلمة، حتى تعب القلب، وقال هاأنذا قد ناخت نياقي، ولابد من الاسترخاء على المهد الأول، للجبلة الأولى، وفي عتمة الوجود لترتاح العين، وتبدو أنت الصهيل الذي أيقظ فينا جياد الوعي، وأسرج في مشاعرنا خيول المعرفة، عندما أصبحت المعرفة قصة تكتب، ومسرحية تروى، وقصيدة تعلق فرائدها على نحر، وسطر تترجل سيدي، ونحن هنا بعض كلمات ترفق مع قارب الرحيل، ولا تجدي، لكون القامة أرفع من كل الكلمات، ولكون الاسم أجل من كل النعوت والأوصاف، ولكون القصيدة التي كتبتها لم تزل تسكن في وجدان البحر الذي أحببته، لم تزل تكمن في روح المكان الذي تحدثت عنه كثيراً، وعانقت ترابه بكلمة شفيفة، أشف من الندى، وأخف من النسمة، وأنقى من الماء، وأصفى من عين الطير.
ترجلت سيدي، ونحن هنا نسمع خطواتك، وأنت في طريقك إلى معرض الكتاب، لتوقيع كتابك الجديد، الذي تركته بلا لمسات أخيرة. ولكن للعشاق كلمة، هم أحبوه كما أحبوك، واحتووه بدمعة وضمة وبصمة على جبين الكلمات.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ناصر جبران بعيداً عن الضجيج ناصر جبران بعيداً عن الضجيج



GMT 09:11 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلام قطرية – تركية لم تتحقق

GMT 09:06 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

تذكرة.. وحقيبة سفر- 1

GMT 09:03 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

عندما تصادف شخصًا ما

GMT 08:58 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

اختبار الحرية الصعب!

GMT 00:41 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

وماذا عن الشيعة المستقلين؟ وماذا عن الشيعة المستقلين؟

GMT 22:24 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 06:02 2019 السبت ,16 شباط / فبراير

أميركية ينمو في رأسها قرن عاشت به لمدة عام

GMT 12:07 2018 الجمعة ,19 تشرين الأول / أكتوبر

"Pixel 3" قفزة في تطوير صناعة الهواتف

GMT 08:39 2013 الجمعة ,18 كانون الثاني / يناير

كتاب جديد عن الرواية المصورة التي ظهرت في السبعينات

GMT 18:00 2013 الأربعاء ,04 أيلول / سبتمبر

توقيع رواية "باب الليل" للروائي وحيد الطويلة

GMT 18:30 2013 الأحد ,23 حزيران / يونيو

اصدار رواية"امرأة غير قابلة للكسر" لمحمد رفعت

GMT 21:39 2014 السبت ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

إتهام جامعة هارفرد العريقة في التمييز العنصري بها

GMT 10:04 2013 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

افتتاح معرض الصُّور النَّادرة "الأقصر في 100 عام"

GMT 17:56 2015 السبت ,10 تشرين الأول / أكتوبر

النجمة مروة جمال تطلق أغنيتها الجديدة "مفيش مستحيل"

GMT 07:53 2013 الثلاثاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

معرض للرسام الاميركي أندي وورهول في بلجيكا عن الموت والحياة

GMT 18:38 2018 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

بلدية دبي تؤكد حرصها على دعم ذوي متلازمة داون

GMT 11:43 2013 الثلاثاء ,10 أيلول / سبتمبر

جحيم السجون السورية في "عربة الذل"

GMT 13:22 2013 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

الصين تعلن تطهير الإنترنت من "الشائعات والعربدة"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates