المعرفة ليست الفهم

المعرفة ليست الفهم

المعرفة ليست الفهم

 صوت الإمارات -

المعرفة ليست الفهم

بقلم : علي أبو الريش

نحن نعرف كثيراً، نكدس المعارف، ونحشوها في العقل، يصبح العقل مثل مكب قمامة، ونصير نحن خداماً لهذا العقل، نمتلئ بما يحتويه العقل من نفايات، وبقايا معارف، ونعتقد أننا وصلنا إلى التشبع، ولا نقبل بالرأي الآخر.

هذه هي أزمة المعرفة ومأزق العقل. الفهم غير ذلك تماماً، الفهم يقودك إلى الوعي، والوعي يضعك في منزلة الإدراك. عندما تدرك فأنت تحب، وعندما تحب تكون قد اندمجت مع الآخر، وأصبحتم مثل قطرات المطر في جوف النهر، إنها تضيف إليه شيئاً، فيفيض بالعذوبة. نحب الأشياء لأننا نفهمها، ونكره الأشياء لأننا نعرفها. الفهم يأتي من الداخل، من الوعي بقيمة الأشياء، والمعرفة تُعطى إلينا، أي أنها تأتي من الخارج، والخارج دائماً ما يقدم لنا الزيف والصور المشوهة.

قال أحدهم لفولتير: إن الفيلسوف الفلاني يقول إنه يفهم كل شيء فاندهش فولتير، وقال: يا إلهي ألهذه الدرجة هو غبي؟ وقال سقراط: الشيء الذي أعرفه جيداً أنني لا أعرف شيئاً، الإحساس بالمعرفة يورم الذات، ويجعلها غير قابلة للفهم، وبالتالي يضعها في غرفة مظلمة، لا يرى فيها الشخص أبعد من أخمص قدميه. ولو سألت رجلاً لا يجيد السباحة وقلت له لو لم تكن تعرف العوم فلا تقترب من عمق البحر، وسوف يقول لك لا أعرف.. أعرف وسوف يدخل البحر، ويبدأ في تجربة السباحة بناء على معرفة مسبقة أسداها له الغير، وقال له «لا تخف من البحر ولا تكن جباناً جرب بنفسك وسوف تتعلم»، هذه تجربة بالطبع ستكون فاشلة، وسوف تقود صاحبها إلى الهلاك، لأنها معرفة جاءت من الخارج ومن دون فهم لما يعنيه دخول البحر من دون دراية بفن السباحة. أشياء كثيرة نعرفها ولكننا لا نفهمها، وبالتالي لا ندركها، الأمر الذي يعرضنا للمخاطر.

هتلر عرف من منظري الفاشية أنه يستطيع القضاء على أوروبا بكاملها، بما يمتلكه من مخزون السلاح، وبالتالي غامر الرجل، ولم يتردد حتى احتل العاصمة باريس في ذلك الوقت، ولكن هذا التضخم في الأنا أودى بكل أحلام هتلر، ومني بالهزيمة المنكرة التي حطمت قوة ألمانيا، وأصبحت دولة مهزومة، وفقدت مشروعية البقاء كقوة دولية.

وهناك جبابرة كثر نالوا ما ناله هتلر من الخزي، لأنهم عرفوا عن طريق الغير أنهم الأكثر قوة من الغير، وما أن يصحوا حتى تكون العاصفة قد هشمت الخيام والأوهام. نحن في المعرفة نغرق، وفي الفهم نحدق في الأفق، فنرى النجوم كيف تلون السماء، فنمضي كي نتماهى والسماء، فنضيء داخلنا بالوعي، نصبح نجوماً تضيء سماء الآخر بالحب.

أطفالنا عرفوا الكثير من العلوم والآداب، وحفظوا عن ظهر قلب، لكنهم عندما كبروا وجدوا أنفسهم مثل أجهزة الفيديو فقط، تحفظ ما سجلته، ولا تضيف إليه شيئاً.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المعرفة ليست الفهم المعرفة ليست الفهم



GMT 15:12 2020 الجمعة ,21 آب / أغسطس

براكة... بركة الطاقة

GMT 16:04 2020 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

رواد بيننا

GMT 13:12 2019 الجمعة ,01 شباط / فبراير

بحيرة جنيف تغتسل بالبرودة

GMT 18:55 2019 الخميس ,31 كانون الثاني / يناير

الكل مسافر

GMT 20:26 2019 الأربعاء ,30 كانون الثاني / يناير

ساعات معلقة فوق الغيم

GMT 21:03 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

عشبة القمح تعزز جهاز المناعة وتساهم في منع السرطان

GMT 01:23 2018 الإثنين ,24 كانون الأول / ديسمبر

منتدى الشعر المصري يناقش كتاب "السلطة والمصلحة"

GMT 15:50 2019 الإثنين ,15 إبريل / نيسان

نصائح بسيطة للحصول على مطبخ ريفي أنيق

GMT 05:40 2018 السبت ,13 تشرين الأول / أكتوبر

مسرحية "ولاد البلد" تعرض في جامعة بني سويف

GMT 00:27 2018 الأربعاء ,26 أيلول / سبتمبر

جينيفر لوبيز تنزلق على خشبة المسرح أمام الجمهور

GMT 04:35 2014 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

93 لوحة لـ 22 مبدعًا في معرض "ثمرة"

GMT 13:50 2018 الخميس ,21 حزيران / يونيو

صبري فواز قيمة مع السنوات

GMT 14:30 2018 الخميس ,18 كانون الثاني / يناير

تعرف علي المواصفات الكاملة لـ"كيا سيراتو 2019" الجديدة

GMT 22:03 2016 الثلاثاء ,12 كانون الثاني / يناير

انطلاق معرض تشكيلي في المدينة المنورة

GMT 01:59 2017 الجمعة ,29 كانون الأول / ديسمبر

سعر الريال اليمني مقابل الدولار الأميركي الخميس

GMT 02:05 2016 السبت ,09 كانون الثاني / يناير

"هواوي" تطرح هاتف "Y6C" في مصر بأسعار تنافسية

GMT 14:41 2013 الجمعة ,22 شباط / فبراير

صدور كتاب باللغة الكوريّة لقصائد سعاد الصباح

GMT 11:59 2012 الثلاثاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

توقيع "أذان الأنعام" لعماد حسن في شبابيك آخر الشهر

GMT 11:51 2017 الأربعاء ,18 تشرين الأول / أكتوبر

حنان ترك تثير إعجاب الجمهور بحضور عيد ميلاد توأم زينة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates