أعياد الزمن الجميل

أعياد الزمن الجميل

أعياد الزمن الجميل

 صوت الإمارات -

أعياد الزمن الجميل

بقلم : علي أبو الريش

عندما نفرش حصير الذاكرة، نرى في طياته البقع الحمراء لبقايا حناء ترك أثره منذ الليلة الفائتة، والرائحة تفوح من خلايا النعيم الزمني حين كانت المرأة الغارفة من معين أحلام الصباح، وهي ترفل بابتسامة صباحية أشهى من رائحة الزنجبيل، وأجمل من لون اللوز الأحمر، وأعبق من نسيم الشروق، وهو يغسل وجه السماء بأنامل شمسية ناعمة كالحرير.

في ذلك الزمن، تصحو القرية المحفوفة بأصوات الصغار، تتبعهم تغاريد الطير، وهدهدات النساء الغافيات عند تنانير العيد، ومن أعطافهن، تنضح عطور الحناء المغسولة بماء الأجساد البضة، وهي تسح برحيقها كأنها النحلات في ساعة الوهج الملائكي.

في أعياد الزمن الجميل، كان الصغار ينحتون بأقدامهم الصغيرة رمل المكان، وهم يهتفون باسم العيدية، والجلالبيب البيضاء أشرعة السفر في نحو غايات الفرح العفوي، وفطرية النهوض في وقت تصحو فيه الطيور، وتهدل الحمامات، وتغرد العصافير، وكان ذاك اليوم، ذاك الصباح يستدعي الزمن فحولته، ويقبض على رغوة الصابون الشارد من ساحات الاغتسال الصباحي، لأجل أن يتطهر الزمان من حثالة ذكريات تقتحم العقل والقلب، ربما لأنها ساعات الانتصار للفرح على كل ما يعرقل الأفئدة، وهي ماضية إلى النهر كي تستحم، وتبلل الشعيرات، بماء العذوبة.

في أعياد الزمن الجميل، كان الصباح يبدو مثل حفل بوذي عند مراسل الوقوف في مرحلة ما بعد الصحوة، في منطقة يبدو فيها الناس جميعاً أطفالاً في ريعان الزهور، يسطرون مراحل حياتهم بحبر من رضاب، يسيل من الشفتين بأنه رحيق، يلمع كأنه العقيق، والبيوت مفتوحة على الزمن مشروحة على التاريخ، والأيدي ممدودة مثل أجنحة في حالة التحليق لا أحد يجفل من أحد، ولا أحد يقفل باب القلب، ويغلق نوافذ الحلم، الأحلام كانت مشرعة مثل المحيط على العالم، والأفكار صافية مثل قطرات الندى، والمشاعر لا تغشيها غاشية، وكانت المجالس خياماً، لكنها أوسع من الصحراء، وأعلى من سقوف الجبال، وأشرح من النمارق، كانت الأصوات تصدح مثل رونق النحل، وهو يهم ببناء خلية العذوبة، كانت الأطباق تكفي لشخص واحد، ولكن يتقاسمها أكثر من عشرة أفراد، وفي الخيمة المجاورة، تجلس الحالمات بليلة مباركة، ومن غير شروط، ولا رغبة عارمة في الزيارات المبهمة، كن فقط يدرن حياتهن من وعي المنازل المحتشمة، ونخوة الأبرياء الذين لا عجلة لهم في قطف عناقيد الفراغ، أو خطف اللقمة من فم الأسد.
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
نقلا عن الاتحاد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أعياد الزمن الجميل أعياد الزمن الجميل



GMT 09:11 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلام قطرية – تركية لم تتحقق

GMT 09:06 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

تذكرة.. وحقيبة سفر- 1

GMT 09:03 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

عندما تصادف شخصًا ما

GMT 08:58 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

اختبار الحرية الصعب!

GMT 00:41 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

وماذا عن الشيعة المستقلين؟ وماذا عن الشيعة المستقلين؟

GMT 16:11 2016 الخميس ,25 آب / أغسطس

فوائد الطماطم المجففة

GMT 02:34 2015 الأحد ,04 كانون الثاني / يناير

اندلاع حرائق أحراج عنيفة في إيديلايد جنوب أستراليا

GMT 11:59 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

ملك المغرب محمد السادس يصل إلى البلاد

GMT 23:13 2018 الأربعاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

وفاة متسابق مواطن في حلبة أم القيوين للسيارات

GMT 16:32 2013 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

صدور مجلد الزراعة في بلاد الشام من خلال المخطوطات والوثائق

GMT 02:40 2013 الأربعاء ,05 حزيران / يونيو

سامسونغ تطلق ثلاث اصدارات لعائلة Galaxy Tab 3

GMT 01:56 2013 الأربعاء ,03 تموز / يوليو

عواقب "حمّى المناخ" ستطاول عشر سكان العالم

GMT 08:55 2015 الأربعاء ,04 شباط / فبراير

شركة "مانتا" تطلق هاتفها الجديد بدون أزرار

GMT 11:03 2016 الخميس ,28 كانون الثاني / يناير

ميريام فارس وريهام أيمن إطلالاتهما في أواخر أيام حملهما

GMT 08:37 2017 الثلاثاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

عرض حلقات مسلسل "لأعلى سعر" على قناة "cbc"

GMT 06:03 2014 الأحد ,07 كانون الأول / ديسمبر

ميونيخ هي الأعلى في معدل إيجارات المساكن في ألمانيا

GMT 05:30 2017 الأربعاء ,29 آذار/ مارس

مطعم سفرة يُعلن عن عروض مميزة مع وجبة البرانش
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates