الإنصات بداية الفهم

الإنصات بداية الفهم

الإنصات بداية الفهم

 صوت الإمارات -

الإنصات بداية الفهم

بقلم - علي أبو الريش


الكثير من الناس يتحدثون كثيراً، ولا يقولون شيئاً. 

لأن هؤلاء منبثقون من فراغ الكلمات، قادمون من ذروة النهايات، هؤلاء حطوا رحالهم على أرض بطحاء، بعد أن هبّت رياحهم من جهة الحماقة. 

هؤلاء لا ينصتون لقول، ولا يستمعون لكلمة، لأنهم لو حاولوا الاستماع فلن يسمعوا، لأنهم يقعون تحت ضجيج ماكينة العقل المشوش، بأفكار راسخة في عقولهم، مثل الصدأ على قضبان الحديد.

هؤلاء ليس لديهم ما يخسرونه، لو فاتهم قطار معرفة معلومة معينة، لأنهم نشأوا على البقاء في مؤخرة العربة، ولا يسمعون إلا صوت عجلات عقولهم، وهي تطحن أرض الخيال الجم بإنهاك وتعب.

 هؤلاء منشغلون بقضية جوهرية بالنسبة لهم، وهي كيف نستطيع أن نكون مختلفين؟ ويستمر العناء لديهم حتى آخر العمر، دون تبديل أو تغيير، في واقع الحال، لأن الذي لا يسمع للآخر، لا يتغير، فالحياة رحلة طويلة كما تقول (ألغيتا)، وفي الرحلة تتفجر تجارب وخبرات ومفاهيم ومعارف، يكتسبها الإنسان من خلال مصاحبة اللئيم والحليم، وعلى ضوئها تبرز لديه الفكرة التي يختارها، سواء كانت نيرة ومضيئة أو قاتمة سوداوية. 

الضوضاء في الرأس، مثل الجدار السميك، فكما يمنع الجدار الهواء النقي إلى الجسد، تمنع الضوضاء وصول الفكرة النقية إلى الذهن.

في حياتنا اليومية، نشاهد في البيوت أو المجالس، أو في أي مكان عام، لو تواجد عشرة أشخاص، فسوف نجد هؤلاء جميعاً يتحدثون، وترتفع الأصوات إلى درجة أنك لا تسمع أصواتاً، بقدر ما يخترق أذنيك هدير أمواج هائجة، لا تجعلك تفهم شيئاً، وإنما تصطدم بعواصف صوتية، مثل تلك التي تحدث في المناجر أو مطاحن الدقيق، أنك لا تسمع شيئاً، لأنك مشغول بالضجيج، أكثر من انشغالك بالمعلومة أو الخبر، إنك في هذه الحالة مأزوم في الضجيج لا غير، ومن يحشر في الضجيج لن يصل إلى الاستنارة، لأن ما بين الضجيج والضباب إخوة قديمة، فكلاهما يمنع الرؤية، كما يمنع الوصول إلى الهدف.

الآن في عالم الجري حول النقطة الصغيرة، يبدو الوعي مثل حشرة أغلق عليها قمع زجاجة، وبقيت في الحبس الانفرادي حتى آخر نفس. 

الآن أصبح العقل لا يهتم كثيراً بما تفوه به الوردة، وبذلك أصبح منعزلاً عن الحقيقة، غارقاً في الوهم، ومن لا يهتم بالشيء لا يحبه، ومن لا يحب الشيء يعيش بعيداً عنه، وبالتالي يعيشان في الوجود بلا وجود.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الإنصات بداية الفهم الإنصات بداية الفهم



GMT 21:27 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

قصة عِبَارة تشبه الخنجر

GMT 21:21 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

المرأة ونظرية المتبرجة تستاهل

GMT 21:17 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

«تكوين»

GMT 21:10 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

هل يعاقب فيفا إسرائيل أم يكون «فيفى»؟!

GMT 21:06 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

العالم عند مفترق طرق

GMT 21:03 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

عشبة القمح تعزز جهاز المناعة وتساهم في منع السرطان

GMT 18:28 2016 الخميس ,11 شباط / فبراير

"الشارقة للثقافة العربية اليونسكو"لـ صنبر

GMT 18:42 2016 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

أنور المشيري يطرح ديوانه الشعري الأول "مراية الروح"

GMT 18:17 2013 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة ألمانية تكشف تزايد الهجمات الإلكترونية على الشركات

GMT 07:46 2015 الأربعاء ,20 أيار / مايو

"كهرباء دبي" تنجز مواءمة خطتها الاستراتيجية 2021

GMT 06:52 2013 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد عبدة وأبو ماضي يتحدثان عن إثر "حرب أكتوبر" في قصصهم

GMT 13:54 2018 الخميس ,29 آذار/ مارس

خبير التجميل ميمو يوضح أسباب تكريمه في مصر

GMT 23:44 2017 الخميس ,14 كانون الأول / ديسمبر

مانشستر سيتي يفكر في إعارة دانيلو خلال الميركاتو الشتوي

GMT 20:54 2017 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

منتجعات التزلج على الجليد تستعد لاستقبال عشاق الشتاء

GMT 09:51 2014 الإثنين ,18 آب / أغسطس

4 أسلحة لمحاربة رطوبة الجو في المنزل

GMT 09:37 2017 السبت ,07 تشرين الأول / أكتوبر

صداقة تجمع بين غواص مسن وسمكة بوجه إنسان منذ 10 سنوات

GMT 11:08 2020 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

ماجد ناصر يقود شباب الأهلي إلى نهائي كأس الخليج العربي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates