خدية بنت حسين طوت العباءة

خدية بنت حسين.. طوت العباءة

خدية بنت حسين.. طوت العباءة

 صوت الإمارات -

خدية بنت حسين طوت العباءة

علي أبو الريش

خدية بنت حسين، طوت العباءة، واكتفت بالصمت، هي اليوم مثل الأمس، تحمل رائحة معيريض، وعطر الأولين، إلى عتمة المكان الرهيب، وتبقى الصورة مرسومة بين الأزقة التي مرت بها، وعند سواحل الذاكرة، تبدو المرأة النبيلة أسطورة المكان، ومثال الكائنات الأصيلة، ونحن.. نحن الذين، لم نزل نتكلم، ونقص الحكاية، عن زمان، عن مكان أزهاره أناس رموا أثمد العين، وتواروا بعيداً..

خدية بنت حسين، أجادت في الحضور، وجودت تراتيل النهار وأناشيد القهوة العربية، عند الشاهقات عمراً، وسبراً، هنا في هذه القرية ودعت بنت حسين صباحات القهوة، وارتشفت صمتها مكللة بالهالة الأبدية، مجللة بالعزلة الموحشة، جاءت وذهبت مثل نسمة مرت على أوراق العمر، مثل جناح طائر أرهقه التحليق، مثل زعنفة أتعبتها الموجة، فاختارت السكون الأبدي، اختارت سكنة الموت، وللموت أسراره، وأخباره، للموت صفة النهايات المؤلمة، للموت خبرة الزمن في الاستلاب، وإبقاء المكان، مثل جوف بئر نضبت مياهها.
خدية بنت حسين تركت في الفنجان الصباحي بعض شهقات الشريان المعطوب، وبعض العمر المسكوب، تركتِ أشياءك الصغيرة في صندوق ذاكرة المكلومين، وشيئاً من فقدان بحجم جبال رأس الخيمة..

خدية بنت حسين تركت المكان مثلما اقتلاع اللوزة القديمة من تربة معيريض، ولم يزل الزمن يتلو أبجدية أسماء ترحل، وتبقى الصورة مثل النجوم، إذ يأتي الليل ترفع نشيدها عالياً، لم يزل الزمن يتلو عفوية الناس الطيبين، ويضع المزايا في مرايا الفكرة اليقظة.

يا الله.. خدية بنت حسين، كبعض الراحلين على هودج السفر الطويل، هنا الأثر والمآثر، والحلم الساهر، يهدهد بقايا فكرة، وبعض خيال مر من هنا، ثم اعتلى صهوة النسيان، لعلّ وعسى، ولكن كيف يا سيدتي.. كيف يمكن أن تخبئ معيريض بكاءها، وهي الموشومة بالفقدان تلو الفقدان، وكأن حفرة الزمن لم تشبع بعد من سكنى القبور.. خدية بنت حسين، من حسن حظ معيريض أنها خلقت بكماء، ولو جاز لها البوح، لقالت ما قالته الخنساء في صخر، أو ما لهج به كثير في عزة، ولكن.. ولكن الصمت وحده يا سيدتي.. قصيدة أبياتها عيون الناس تحدق في الفراغ الوسيع، ولا تقبض سوى الحسرة..

خدية بنت حسين، إلى جنة محفوفة بنعيم الله، ورحمة واسعة على روحك الطاهرة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خدية بنت حسين طوت العباءة خدية بنت حسين طوت العباءة



GMT 05:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

يتفقد أعلى القمم

GMT 05:44 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا و«تكويعة» أم كلثوم

GMT 05:43 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

تحولات البعث السوري بين 1963 و2024

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الهروب من سؤال المصير

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الهروب من سؤال المصير

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا والنظام العربي المقبل

GMT 05:41 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 05:41 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

2024... سنة كسر عظم المقاومة والممانعة

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 21:14 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

يحمل إليك هذا اليوم كمّاً من النقاشات الجيدة

GMT 14:38 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

تساعدك الحظوظ لطرح الأفكار وللمشاركة في مختلف الندوات

GMT 18:45 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

كن هادئاً وصبوراً لتصل في النهاية إلى ما تصبو إليه

GMT 11:33 2020 الإثنين ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الميزان الأثنين 30 تشرين الثاني / نوفمبر2020

GMT 16:51 2018 الثلاثاء ,26 حزيران / يونيو

اضيفي اجواءًا جريئة ومشرقة على جدران المنزل

GMT 20:37 2017 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

مطعم ياباني يقدم وجبات لحوم البشر بـ 20 ألف جنيه

GMT 17:53 2016 الأحد ,21 شباط / فبراير

ندوة لمناقشة رواية "منتصر" في مكتبة "البلد"

GMT 04:12 2020 السبت ,09 أيار / مايو

برشلونة يقترب من حسم صفقة نجم يوفنتوس
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates