صعوبات تواجه مؤتمر «كوب 29» لمكافحة التغير المناخي

صعوبات تواجه مؤتمر «كوب 29» لمكافحة التغير المناخي

صعوبات تواجه مؤتمر «كوب 29» لمكافحة التغير المناخي

 صوت الإمارات -

صعوبات تواجه مؤتمر «كوب 29» لمكافحة التغير المناخي

بقلم: وليد خدوري

تستمر أغلبية دول العالم والعشرات من المنظمات غير الحكومية المهتمة بمكافحة تغير المناخ في النقاش المستمر لأكثر من ربع قرن في مؤتمر «كوب 29» في باكو. ولا يتوقع أن يحالف النجاح هذا المؤتمر أيضاً، مثل بقية المؤتمرات السابقة، حيث يكمن السبب في وجود تحديات مرحلية، وأخرى مزمنة تجد صعوبة في الوصول إلى اتفاق حولها.

وقد واجه «كوب 29» تحدياً مرحلياً صعباً، خصوصاً بانتخاب دونالد ترمب رئيساً للولايات المتحدة. فمواقف ترمب واضحة، من خلال تجربته خلال عهده الأول في البيت الأبيض قبل أربع سنوات، حيث سحب عضوية الولايات المتحدة من «اتفاقية باريس» الراعية لهذه المؤتمرات. ومن تصريحاته المتكررة أن الطاقات المستدامة تضعف الاقتصاد الأميركي؛ لأنها تزيد من تكاليف الإنتاج للسلع الأميركية أمام السلع العالمية الأخرى، ولأنها أيضاً تقلص من فرص العمل للأيدي العاملة الأميركية، ودعمه لإعطاء الشركات النفطية حق التنقيب عن النفط في الأراضي والمحميات الفيدرالية الأميركية، التي كانت مغلقة حتى اليوم على الشركات.

وللولايات المتحدة أدوار مهمة عدة في مجال مكافحة تغير المناخ، منها كونها مسؤولة عن نحو 10 في المائة من الانبعاثات العالمية، ناهيك عن إمكانياتها بالمساهمة في تمويل مشاريع بيئية في عدة دول نامية.

ومن ثم يأتي انتخاب ترمب في وقت حرج، حيث تدل المؤشرات المتوفرة على أن «معدلات درجات الحرارة العالمية هذا العام قد سجلت أرقاماً قياسية، حيث إنها سجلت للمرة الأولى معدلات أعلى من 1.5 درجة مئوية أكثر من المعدل المسجل قبل الثورة الصناعية».

وأدت مواقف ترمب إلى إضعاف نفوذ الوفد الأميركي في «كوب 29»، كما بدأت تثير مخاوف جديدة من إمكانية انسحاب دول أخرى. وبالفعل، أعلن رئيس جمهورية الأرجنتين، الذي يتبنى سياسات تشابه سياسات ترمب، إمكانية انسحاب بلاده من مؤتمرات مكافحة التغير المناخي. وأشارت الأخبار الواردة من باكو إلى أن موسكو قد طلبت من ترمب عدم سحب عضوية الولايات المتحدة من «اتفاقية باريس» لمكافحة التغير المناخي.

شكّل فوز ترمب الرئاسي عرقلة «مرحلية» لمؤتمرات «كوب»، بالإضافة إلى العرقلة «المزمنة»، بمعنى كيفية الحصول على تريليونات الدولارات التي من المفروض أن تقدمها الدول الغنية إلى الدول النامية؛ لتمويل تحول الطاقة التاريخي من الهيدروكربون إلى الطاقات المستدامة.

تتباحث دول العالم حول تمويل تريليونات الدولارات لتمويل تحول الطاقة في الدول النامية، الأمر الذي شكّل عرقلة «مزمنة» لأكثر من ربع قرن في التوصل إلى تفاهم لتعريف «الدول الغنية». فهل هي الدول الصناعية الغربية في شمال أميركا وأوروبا فقط، بمعنى الدول التي كانت مسؤولة أكثر من غيرها عن الانبعاثات؛ نظراً لدورها الكبير في الثورة الصناعية، وحرق الفحم في المصانع ومحطات الكهرباء والقطارات، والاستهلاك العالي للوقود في السيارات. أم يتوجب أن يشمل تعريف «الدول الغنية» تلك النامية المتقدمة صناعياً خلال العقود الأخيرة، مثل الصين والسعودية والهند؟ وما دور الدول الصغيرة الحجم نسبياً، لكن ذات اقتصادات ناجحة، مثل سنغافورة والإمارات؟ هناك العشرات من الأسئلة الأخرى المرتبطة بهذه التعاريف لـ«الدولة الغنية» لم يتم الاتفاق عليها، مما يُشكّل عرقلة «مزمنة» لمؤتمرات «كوب».

في الوقت نفسه، أصدرت بنوك التنمية المتعددة الأطراف في باكو بياناً مشتركاً ضمن فعاليات مؤتمر «كوب 29» بشأن تغير المناخ، حددت فيه حجم مسانداتها المالية والتدابير الأخرى للمساعدات المناخية. وتشير تقديرات بنوك التنمية متعددة الأطراف إلى أنه بحلول عام 2030 سيصل تمويلها الجماعي السنوي المخصص للأنشطة المناخية في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل إلى 120 مليار دولار، منها 42 ملياراً لأنشطة التكيف مع تغير المناخ، كما أنها تستهدف تعبئة 65 مليار دولار من القطاع الخاص. وبالنسبة للبلدان مرتفعة الدخل، من المتوقع أن يصل هذا التمويل الجماعي السنوي للأنشطة المناخية إلى 50 مليار دولار، منها 7 مليارات لأنشطة التكيف، بالإضافة إلى استهداف تعبئة 65 مليار دولار من القطاع الخاص، بحسب بيان صحافي صدر عن «مجموعة البنك الدولي» 12 نوفمبر (تشرين الثاني) 2024.

وهذه الالتزامات، مليونية الدولارات لبنوك التنمية المتعددة الأطراف، يفترض أن تكون مكملة لتريليونات الدولارات من الدول الأعضاء.

من الواضح أن مشروع «تحول الطاقة» التاريخي مستمر، لكن بصعوبات متعددة، وهذا أمر طبيعي ومتوقع في المشاريع التاريخية الكبرى، كما هي الحال في «تحول الطاقة». لكن، هذا يعني بدوره أيضاً، وفي حال عدم توفر التريليونات من الدولارات التي كانت متوقعة، أن «تحوّل الطاقة» سيختلف عما كان متوقعاً له من ضخامة لاستبدال الطاقة الهيدروكربونية بواسطة الطاقات المستدامة، أو تحقيق الأهداف الأولية حول درجات الحرارة المبتغاة، وكذلك المغالاة في الاستغناء عن الطاقة الهيدروكربونية لصالح الطاقات المستدامة.

لقد أصبح الأمر الواضح الآن أن دول العالم، بإمكانياتها المالية المتوفرة، وتباين مصالحها وسياساتها، سوف تصل في حد أقصى إلى «تهجين» طاقة المستقبل، حيث توفر المصادر الهيدروكربونية والاستهلاك الزائد سنوياً على منتجاتها، مع التقدم العلمي الحاصل والمتوقع في الطاقات المستدامة، دعم سلة الطاقة المستقبلية الهجينة، والانطلاق لتحقيق أهداف جديدة وواقعية يمكن تحقيقها، بدلاً من ضياع العقود في حلول لا يمكن تحقيقها في وضع المعطيات العالمية الحالية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

صعوبات تواجه مؤتمر «كوب 29» لمكافحة التغير المناخي صعوبات تواجه مؤتمر «كوب 29» لمكافحة التغير المناخي



GMT 05:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

يتفقد أعلى القمم

GMT 05:44 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا و«تكويعة» أم كلثوم

GMT 05:43 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

تحولات البعث السوري بين 1963 و2024

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الهروب من سؤال المصير

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الهروب من سؤال المصير

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا والنظام العربي المقبل

GMT 05:41 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 05:41 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

2024... سنة كسر عظم المقاومة والممانعة

GMT 22:24 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 00:23 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 08:23 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 20:55 2018 الخميس ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

وزير الهجرة الكندي يؤكد أن بلاده بحاجة ماسة للمهاجرين

GMT 08:24 2016 الأحد ,28 شباط / فبراير

3 وجهات سياحيّة لملاقاة الدببة

GMT 03:37 2015 الإثنين ,08 حزيران / يونيو

عسر القراءة نتيجة سوء تواصل بين منطقتين في الدماغ

GMT 22:45 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

استمتع بتجربة مُميزة داخل فندق الثلج الكندي

GMT 02:49 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

ليال عبود تعلن عن مقاضاتها لأبو طلال وتلفزيون الجديد

GMT 04:52 2019 الخميس ,03 كانون الثاني / يناير

"هيئة الكتاب" تحدد خطوط السرفيس المتجهة للمعرض

GMT 04:47 2018 الأربعاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

شادي يفوز بكأس بطولة الاتحاد لقفز الحواجز

GMT 18:39 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

أجمل الأماكن حول العالم للاستمتاع بشهر العسل

GMT 17:16 2018 الأربعاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

وعد البحري تؤكّد استعدادها لطرح 5 أغاني خليجية قريبًا

GMT 05:14 2018 الخميس ,04 تشرين الأول / أكتوبر

إيرباص A321neo تتأهب لتشغيل رحلات بعيدة المدى
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates