الأسرة العربيّة في حالة ارتباك
آخر تحديث 17:57:08 بتوقيت أبوظبي
الأحد 25 أيار ـ مايو 2025
 صوت الإمارات -
أخر الأخبار

الأسرة العربيّة في حالة ارتباك

الأسرة العربيّة في حالة ارتباك

 صوت الإمارات -

الأسرة العربيّة في حالة ارتباك

آمال موسى
بقلم : آمال موسى

يمثل هذا اليوم مناسبة مهمة بعدّه اليوم العربي لحقوق الإنسان الذي يندرج هذه السنة تحت شعار «حماية الأسرة وتنمية أواصرها». وكما نعلم فإنَّ العالم يحتفل في منتصف شهر مايو (أيار) من كل عام باليوم العالمي للأسرة.

ولا شك في أن تخصيص يوم من شأنه أن يملي على الجميع في الدول العربية طرح واقع الأسرة في الفضاء العربي والإسلامي اليوم وما تشهده من تحديات تستحق النظر والنقاش والمعالجة.

طبعاً تشهد مؤسسة الأسرة في كل العالم اليوم أزمة حقيقية، حيث تغير شكلها من الأسرة الممتدة إلى الأسرة النووية الصغيرة، وشهدت العلاقات الاجتماعية داخلها تغييرات في القيم وفي الشكل أيضاً، حيث بدأ شكل العلاقة الأفقية يهيمن على العمودية. ويمكن القول أو تقديم استنتاج أولي مفاده أن حالة التردد والانفصام بين نمطين من العلاقات في الوقت نفسه هي التي تنتج التوترات والتصادمات وحوّل فضاء الأسرة اليوم إلى فضاء لإنتاج التوتر.

لنعترف في البداية أن الأسرة في البلدان العربية لم تفقد أهميتها ولا تتعرض إلى الهزات العنيفة التي شهدتها الأسرة في أوروبا. ولكن في الوقت نفسه لم تعد للأسرة السلطة نفسها ولا الحتمية في فرض النسق القيمي والثقافي ونقل المضامين القيمية بشكل عمودي. فالعلاقة بين المرأة والرجل تغيرت وبدأت تشهد الهيمنة الذكورية نوعاً من التقلص والتراجع، وذلك لفائدة تصاعد أهمية المرأة في المجتمع كله، إذ أصبحت فئة ناشطة اقتصادياً وشريكة في البناء والفعل الاجتماعي، فأصبح اليوم في المجتمع فاعلان، هما المرأة والرجل، وليس فاعلاً واحداً هو الرجل، حتى وإن كان الأمر يختلف من بلد إلى آخر ومجتمع إلى آخر.

لا اختلاف في كون التغير الحاصل في النسق الثقافي العربي بعد الدخول في تجارب التحديث ومحاولات التأقلم مع المستجدات الحضارية قد أنتج ارتباكاً كبيراً وتداعيات كثيرة، ولكن نعتقد أن الإشكال لا يكمن في معادلة الهوية والانفتاح أو الخصوصية الثقافية والعولمة أو الأصالة والحداثة. فنحن أصحاب حضارة ضاربة في القدم وأسهمت في تاريخ الإنسانية، ومعروف عن الحضارات الكبيرة أنها ذات قدرة على التأقلم، وهو ما قامت به مجتمعاتنا، حيث نلحظ الانصهار العالمي لفئات عريضة من التعداد العربي.

من جهة ثانية، فإنه لا يخفى على أحد أن التغير الثقافي ليس سهلاً، ويحتاج إلى عقود وقرون حتى يتم، ومن ميزة التغير الثقافي البطء. فالتمثلات الاجتماعية والعقليات تتغير ببطء وعبر الأجيال باستثناء من ينجحون في إعادة بناء ذواتهم، وهم قلة، ويظل النجاح في هذا السياق فردياً ولا يمكن سحبه على مجتمع.

إذن من الطبيعي أن يتطلب هضم قيم التحديث والعقلانية وقتاً طويلاً، ونظن أن مجتمعاتنا قطعت من الوقت اللازم مسافة زمنية، عادّة أن غالبية الدول العربية في فجر استقلالها هرعت نحو الرهان على التعليم وبناء دول تمنح التعليم أولويته، وهذا المعطى هو الذي سرّع من وتيرة التغيير الثقافي حتى أصبح العقد بمثابة الجيل، وما كان يحصل بعد جيل أي بعد ثلاثة عقود أضحى يصير في عقد واحد.

إذن يمكن القول إنَّ الأساس الثقافي للأسرة العربية شهد تنقيحات ساهم فيها التعليم الذي يمثل المحرك الأساسي لأي عملية تغيير ثقافي مجتمعي ولأي مشروع ضخم في الاستثمار في الإنسان.

يبدو لنا أن المشكل يكمن بالأساس في التحديات الاقتصادية التي تعيشها غالبية البلدان العربية اليوم، وتأثير الأحداث العالمية على استقرار مسارات التنمية، وأحياناً حتى التدبر اليومي للحياة. فتداعيات الظروف العالمية والحروب والمواقف والأزمات المباشرة وغير المباشرة زادت في نسب الفقر ومعدلات البطالة، الشيء الذي مس في العمق مؤسسة الأسرة التي باتت اليوم مهددة بحالات الطلاق غير المسبوقة في العالم العربي، ناهيك من العنف وتراجع القيم الإيجابية.

وإذا كانت الأسرة في الفضاء الأوروبي قد تراجعت وتلاشت قوتها بسبب الأنموذج الثقافي الذي يقدس الفرد وحرية الفرد ويشجع الفردانية، فإن الارتباك ومشكلات الأسرة العربية اليوم سببها يكاد يكون اقتصادياً محضاً؛ فمجتمعاتنا غير عازفة عن الزواج وتحمل في ثقافتها نظرة إيجابية إلى حد التقديس للأسرة، ولكن ثقل الإكراهات الاقتصادية تدفع بالبعض إلى التوتر والعنف والتهاون مع هذه المؤسسة.

لذلك؛ فإن مربط الفرس هو مكافحة الفقر في دولنا ومتى نجحنا في ذلك فإن حجارة كثيرة ستسقط متدفقة وكأنها لم تكن.

والمفيد جداً في مرحلة المخاضات المتعددة التي تشهدها مجتمعاتنا أن تكون الأسرة على رأس موضوعات علم الاجتماع ودراساته.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأسرة العربيّة في حالة ارتباك الأسرة العربيّة في حالة ارتباك



GMT 23:50 2025 السبت ,24 أيار / مايو

قرن بلا مؤلف... حتى الآن

GMT 23:50 2025 السبت ,24 أيار / مايو

العربُ في خضم زمن جديد

GMT 23:49 2025 السبت ,24 أيار / مايو

بين حضور الرئيس وانصرافه!

GMT 23:49 2025 السبت ,24 أيار / مايو

أسرار المال الديني

GMT 23:48 2025 السبت ,24 أيار / مايو

يقف وظهره للحائط

GMT 23:47 2025 السبت ,24 أيار / مايو

أغرب ما يُطيل العُمر

GMT 23:47 2025 السبت ,24 أيار / مايو

فخ البيت الأبيض!

GMT 23:46 2025 السبت ,24 أيار / مايو

يا لبؤس العرب

النجمات العرب يتألقن بإطلالات أنيقة توحّدت تحت راية الأسود الكلاسيكي

القاهرة ـ صوت الإمارات
اجتمعت عاشقات الموضة الشهيرات في الوطن العربي خلال الساعات والأيام الماضية على تفضيل اللون الأسود لتزيين أحدث ظهور لهن، حيث تكاثفت إطلالات النجمات المتألقات بالأزياء السوداء، وزينت مواقع التواصل الإجتماعي، وطغت على اختياراتهن الأناقة والتفاصيل المعاصرة، كما تنوعت تلك الأزياء بين ما يناسب النزهات الصباحية، وأخرى للسهرات، ولأنه اللون المفضل في كل المواسم دعينا نلقي نظرة على أحدث إطلالات النجمات، لعلها تلهمك لاختيار إطلالتك القادمة على طريقة واحدة منهن. إطلالة نانسي عجرم ملكة البوب العربي نانسي عجرم عادت لصيحتها المفضلة في أحدث ظهور لها، من خلال اختيار موضة الجمبسوت المرصع الذي تفضله كثيرا في حفلاتها، ولم تتخل الفنانة اللبنانية عن لونها المفضل الذي رافقتها مؤخرا بكثير وهو اللون الأسود، حيث اختارت جمبسوت مرصع كليا بالت...المزيد

GMT 03:01 2025 الخميس ,01 أيار / مايو

اعوجاج العمود الفقري ما أسبابه وكيف يعالج

GMT 15:18 2012 الخميس ,13 كانون الأول / ديسمبر

"دريك آند سكل" تحظي بـ 3 عقود إنشائية في السعودية ورومانيا

GMT 15:11 2019 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

خبراء في الصحة يكشفون عن أعراض سرطان نادر في الحلق

GMT 21:42 2014 الجمعة ,12 كانون الأول / ديسمبر

نشطاء "فيسبوك" ينشرون صورة السفير البريطاني يشتري الخضار

GMT 17:24 2018 الثلاثاء ,18 أيلول / سبتمبر

ثمانون مليارا لموسم واحد..

GMT 13:08 2018 الإثنين ,29 كانون الثاني / يناير

الصين تغلق موقع التدوينات المصغر "سينا ويبو" بصفة مؤقتة

GMT 11:48 2015 الخميس ,22 كانون الثاني / يناير

موجة برد شديدة وتساقط الثلوج شمال وجنوب غرب باكستان

GMT 18:57 2017 الأحد ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرفت أمين تبدأ تصوير "بالحجم العائلى" نهاية ديسمبر
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates