إيران الاحتجاجات ورهانات النظام الأمنية

إيران... الاحتجاجات ورهانات النظام الأمنية

إيران... الاحتجاجات ورهانات النظام الأمنية

 صوت الإمارات -

إيران الاحتجاجات ورهانات النظام الأمنية

بقلم - مصطفى فحص

بشجاعة وإصرار، أكمل المحتجون الإيرانيون شهرهم الأول في ساحات وشوارع المدن الإيرانية، في تحدٍّ قل نظيره لأجهزة النظام الأمنية منذ تأسيس الجمهورية الإسلامية، سنة 1979. ورغم تعامل الأجهزة القاسي معهم، فقد فشلت حتى الآن في تطويق الاحتجاجات أو في الحدّ من توسعها. الفشل والارتباك داخل مؤسسات النظام ظهرا في تصريحات المرشد آية الله علي خامنئي، يوم الأربعاء الماضي، الذي طالب بتعامل مختلف مع مَن يشاركون فيها، ودعا أثناء لقائه أعضاء مجمع تشخيص مصلحة النظام الجهازين القضائي والأمني إلى متابعة الوضع واتخاذ إجراءات مناسبة.
مرة جديدة يتدخل المرشد بشكل مباشر من أجل تغطية أجهزته الأمنية في عمليات قمعها، بعدما أصبح عجزها المستمر عن تحقيق مطالب القيادة يهدد الاستقرار السياسي، ويعطي حركة الاحتجاجات بعض المكاسب تساعدها على التبلور كحالة اعتراضية مختلفة عما سبقها؛ فمعارضة شكلت نواتها مطالب نسائية في الحرية والمساواة سوف تشكل قلقاً بنيوياً للنظام الذي يخوض منذ شهر معركة داخلية للدفاع عن مبادئه، خصوصاً أن الشرخ الذي تسببت فيه الحركة النسوية ما بين النظام العقائدي والمجتمع الإيراني، وتحديداً الطبقة الوسطى والحركة الطلابية، شجع حتى المعارضة المدجنة التي تؤمن بالحفاظ على طبيعة النظام الإسلامي، على تقديم انتقادات لاذعة له ستؤدي حتماً إلى فتح نقاش عميق بين النخبة السياسية والثقافية حول كيفية استمراره. فالجدل العميق داخل الأروقة المغلقة، أخرجه وزير خارجية إيران السابق، جواد ظريف، إلى العلن، بعد حديثه النقدي أمام مجموعة من النخب الإيرانية في جامعة طهران، معقل الاحتجاجات، إذ قال: «نحن مخطئون لو اعتقدنا أنه يمكننا تجاهل الشعب. إدارة وحفظ الشعب من خلال القمع هي التي قال الله لرسوله أنت لا يمكنك أن تقوم بذلك».
الإشكالية أن نظاماً ثيوقراطياً قائماً على مجموعة مقدسات لا يتحمل الانتقاد، لذلك في حالة جواد ظريف؛ إذا استمر في تسجيل مواقف متمايزة، قد يضعها النظام في خانة التنمُّر السياسي عليه، ولن يكون مصيره أو مصير مَن سيتجرأ من باقي النخب مختلفاً عن مصير فائزة رفسنجاني، ابنة رئيس الجمهورية الأسبق، وأحد الآباء المؤسسين للنظام، الراحل الشيخ هاشمي رفسنجاني، التي أمر القضاء بتوقيفها بتهمة «التواطؤ والإخلال بالنظام العام والدعاية ضد الجمهورية الإسلامية».
يتجنّب جواد ظريف إظهار تأييده العلني حتى لبعض مطالب المحتجين، لأنه يتجنب مصير ابنة الرئيس، لكنه يعترف بأن هناك خطأً، إلا أن أصحاب القرار لا يملكون فضيلة الاعتراف، ويرون أن المحتجين على خطأ، ويفضلون خيار حل الأزمة أمنياً، الأمر الذي سيزيد من عمق الهوة بين الطرفين، بسبب التداعيات السلبية لهذا الخيار، إلا أن النظام في هذه المرحلة يفضل ممارسة سياسة القبضة الحديدية مع الشعب على أن يكون ليناً، ولكن المأزق الذي يواجهه بسبب خياره الأمني أنه سيحول كل امرأة في إيران إلى عدو له؛ فكل امرأة في الشارع الآن لا ترتدي الزي الذي يحاول النظام إعادة فرضه، وتجاهر بعدم التزامها به، متهمة، ويمارس تجاهها عملية مضايقة ممنهجة تحولها هدفاً مشروعاً لعناصره الأمنية، ما سوف يوسع مستوى المواجهة، لأن مضايقتهن ستؤدي إلى ردات فعل أسرية، حيث موقف أفراد العائلة من إخوة وأبناء وآباء لن يقفوا مكتوفي الأيدي أمام رجال أمن يتعاطون بطريقة لا تراعي الدين ولا الأعراف مع بناتهم أو أخواتهم أو أمهاتهم أو زوجاتهم.
وعليه، يرتبك النظام عقائدياً، فترتبك أجهزته أمنياً، فيلجأ إلى رفع الاتهام إلى مستوى الخيانة والمؤامرة، مراهناً على ذرائعية عقائدية تؤمّن غطاء لمواجهة يستحيل حلها أمنياً، فالقمع المتزايد في الأيام الأخيرة حوّلها إلى تمرد.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إيران الاحتجاجات ورهانات النظام الأمنية إيران الاحتجاجات ورهانات النظام الأمنية



GMT 02:30 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

السادة الرؤساء وسيدات الهامش

GMT 02:28 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

«وثائق» عن بعض أمراء المؤمنين (10)

GMT 02:27 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

من يفوز بالطالب: سوق العمل أم التخصص الأكاديمي؟

GMT 02:26 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

روبرت مالي: التغريدة التي تقول كل شيء

GMT 02:24 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

السعودية وفشل الضغوط الأميركية

GMT 22:24 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 00:23 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 08:23 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 20:55 2018 الخميس ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

وزير الهجرة الكندي يؤكد أن بلاده بحاجة ماسة للمهاجرين

GMT 08:24 2016 الأحد ,28 شباط / فبراير

3 وجهات سياحيّة لملاقاة الدببة

GMT 03:37 2015 الإثنين ,08 حزيران / يونيو

عسر القراءة نتيجة سوء تواصل بين منطقتين في الدماغ

GMT 22:45 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

استمتع بتجربة مُميزة داخل فندق الثلج الكندي

GMT 02:49 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

ليال عبود تعلن عن مقاضاتها لأبو طلال وتلفزيون الجديد

GMT 04:52 2019 الخميس ,03 كانون الثاني / يناير

"هيئة الكتاب" تحدد خطوط السرفيس المتجهة للمعرض

GMT 04:47 2018 الأربعاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

شادي يفوز بكأس بطولة الاتحاد لقفز الحواجز

GMT 18:39 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

أجمل الأماكن حول العالم للاستمتاع بشهر العسل

GMT 17:16 2018 الأربعاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

وعد البحري تؤكّد استعدادها لطرح 5 أغاني خليجية قريبًا

GMT 05:14 2018 الخميس ,04 تشرين الأول / أكتوبر

إيرباص A321neo تتأهب لتشغيل رحلات بعيدة المدى
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates