سياسات الأسد التي قضت عليه

سياسات الأسد التي قضت عليه

سياسات الأسد التي قضت عليه

 صوت الإمارات -

سياسات الأسد التي قضت عليه

بقلم: عبد الرحمن الراشد

ما شهدته سوريا حدثان كبيران وليس واحداً. إسقاط نظام الأسد ووصول «هيئة تحرير الشام» الإسلامية للحكم.

سقوط الأسد جزء من سلسلة غروب قلاع أنظمة الستينات الفاشية، صدام العراق وقذافي ليبيا.

كذلك وصول «هيئة تحرير الشام» للحكم هو الموجة الثالثة من الموجات الأصولية. الأولى الخميني في طهران، أواخر السبعينات، ثم الموجة الثانية ولدت في ثورات 2011، الإخوان في مصر، وحزب النهضة بقيادة الغنوشي في تونس، والحوثي في اليمن، والآن في سوريا، التي من المبكر الحكم عليها.

سقوط الأسد كان منتظراً، تأخر عن موعده في عام 2014 من وراء عملية إسعافية منحته 10 سنوات إضافية، بدعم إيراني وروسي.

كنا نرى سقوط نظام الأسد حتمياً لاعتبارات أنه تحول إلى نظام فردي وأقلوي واشتراكي وبعثي وإيراني المحور، إضافة إلى أن دولته هرمت وتآكلت قدرات مؤسساتها. بشار منذ توليه السلطة لم يخلق هوية لكيانه يبني عليها، باستثناء أنه كان «ضرورة لإيران»، وهذا بذاته جلب عليه الكوارث وقاد إلى نهايته. انفض من حوله عصبته البعثيون والعلويون. وكانت قدرات أجهزته الاستشعارية ميتة، ولم يعر الانتباه إلى الأخطار التي أحاط نفسه بها عندما جعل سوريا الممر الرئيسي بين طهران ومناطق نفوذها في وقت تتسع المواجهة بين إيران وإسرائيل. ولم يدرك عمق مخاطر تداعيات السابع من أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي عليه، خصوصاً أن لإسرائيل كلمة ضد التغيير في دمشق قبل ذلك. في إدلب وأنقرة أدرك الأتراك والمعارضة أن مجال التغيير بات مسموحاً فهجموا على دمشق.

سياسات الأسد عكست جهله، حيث ترك أزماته تتراكم على 3 جبهات مفتوحة ضده، مع تركيا، والمعارضة السورية المسلحة، ومواجهة غير مباشرة ضد إسرائيل. تحديات أكبر من قدرة سوريا على تحملها ولم يكن مفاجئاً أنها انفجرت في وجهه.

كيف كان يدير أزماته؟ مثلاً، في التعامل مع ملف اللاجئين، اعتبر أن 3 ملايين سوري لجأوا إلى تركيا هم مشكلة لإردوغان، وعليه أن يدفعه ثمن مواقفه وتلك الحرب عليه، ورفض طلب الرئيس التركي بالتصالح وحتى استقباله في دمشق في التفاوض وتجاهل مطالبه بتسهيل عودتهم. كان اللاجئون بالفعل مشكلة لحكومة أنقرة، لكنهم أيضاً كانوا خطراً على نظام الأسد. الملايين الثلاثة صاروا خزاناً للمعارضة التي لم تجد صعوبة في تجنيد الآلاف منهم. ولا أعرف كيف كان للأسد أن يغفل عن أن وجود هذه التنظيمات المسلحة في مساحات شاسعة من سوريا يعني أنه عندما تأتي لحظة ضعف سيزحفون على العاصمة.

العلاقة السياسية بين تركيا وسوريا تاريخياً هي دراما من الحب والكره. على مدى قرن ظلت دمشق تتوجس من نوايا أنقرة ولم يمنع ذلك من وجود علاقة سلسة على جانبي الحدود. وإدارة العلاقة مع تركيا في عهد بشار اختلفت عن زمن أبيه. ففي واحدة من الأزمات بين البلدين في عام 1989 عندما ضاق ذرع أنقرة من رعاية حافظ الأسد لعبد الله أوجلان، مؤسس حزب العمال الكردستاني الانفصالي، طلبت من سوريا إيقاف نشاطاته وتسليمه، وعندما رفض حافظ الأسد حشدت تركيا قواتها عند معبر باب الهوى الحدودي. بعث الأسد شكوى لإدارة الرئيس الأميركي بيل كلينتون التي أبلغته أنها تتفهم وتؤيد مطلب تركيا. الأسد انحنى للأزمة وقرر إبعاد أوجلان إلى حيث اعتقل في نيروبي. كان يعي أن ميزان القوة لصالحهم وإسرائيل والولايات المتحدة في صف تركيا.

اليوم رحل بشار الأسد وسيعود ملايين اللاجئين إلى بيوتهم وتضاعف نفوذ الأتراك في سوريا مستفيدين من رعايتهم الطويلة للاجئين والمعارضة. تركيا تريد سوريا حليفة، مثل العراق لإيران، التي تعتبره امتدادها الجغرافي والاستراتيجي.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سياسات الأسد التي قضت عليه سياسات الأسد التي قضت عليه



GMT 05:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

يتفقد أعلى القمم

GMT 05:44 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا و«تكويعة» أم كلثوم

GMT 05:43 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

تحولات البعث السوري بين 1963 و2024

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الهروب من سؤال المصير

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الهروب من سؤال المصير

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا والنظام العربي المقبل

GMT 05:41 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 05:41 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

2024... سنة كسر عظم المقاومة والممانعة

GMT 20:03 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 08:02 2016 الثلاثاء ,01 آذار/ مارس

جورج وسوف يستقبل أحد مواهب"The Voice Kids" فى منزله

GMT 02:49 2017 الجمعة ,06 تشرين الأول / أكتوبر

وصفة صينية الخضار والدجاج المحمّرة في الفرن

GMT 14:30 2017 الخميس ,05 كانون الثاني / يناير

صغير الزرافة يتصدى لهجوم الأسد ويضربه على رأسه

GMT 10:56 2021 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

إذاعيون يغالبون كورونا

GMT 12:44 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

الريدز ومحمد صلاح في أجواء احتفالية بـ"عيد الميلاد"

GMT 07:32 2019 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

نيمار يقود باريس سان جيرمان ضد نانت في الدوري الفرنسي

GMT 00:59 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اتيكيت تصرفات وأناقة الرجل
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates