إسرائيل القضاء على «الأونروا» بعد «حماس»

إسرائيل... القضاء على «الأونروا» بعد «حماس»

إسرائيل... القضاء على «الأونروا» بعد «حماس»

 صوت الإمارات -

إسرائيل القضاء على «الأونروا» بعد «حماس»

بقلم : عبد الرحمن الراشد

هيَ «وكالةُ الأممِ المتحدة لإغاثةِ وتشغيلِ اللاجئين الفلسطينيين»، وعمرُها من عمرِ إسرائيلَ نفسِها. تقدّمُ خدماتِها منذُ منتصفِ القرنِ الماضي، 1949، أي بعدَ عامٍ من الحربِ العربيةِ الإسرائيليةِ الأولى، مع تهجيرِ الفلسطينيين.

في الواقعِ «الأونروا» أكثرُ من مجردِ وكالةِ إغاثية. فهي بمثابةِ حكومةِ خدماتٍ فلسطينيةٍ لستةِ ملايين شخصٍ في الضَّفةِ وغزةَ والأردن وسوريا ولبنان. وربَّما لولاها لمَاتَ نصفُ القضيةِ القائمةِ على الأرضِ واللاجئين، وربَّما غادرَ من تبقَّى من اللاجئين فلسطينَ.

علَى مدى عقودٍ دعمتِ الوكالةُ مدناً بديلةً «مؤقتة» تمثَّلتْ بمخيماتٍ مثل جباليا والشاطئ وبلاطة وجنين في الضَّفةِ الغربيةِ وغزة. ولولَا «الأونروا» لذابَ ملايينُ اللاجئين في دولِ الجوارِ التي لجأوا إليها. وقد سبقَ لِي أن زرتُ مخيمَ البقعة في الأردن في الثَّمانينات ضمنَ دراستِي الأكاديمية، ورأيتُ كيفَ أنَّ في المخيمات مجتمعاتٍ حيةً، رغمَ أنَّ أهلَها يعيشون على الكَفاف.

الآراءُ متضاربةٌ بشأنِ دور «الأونروا» في الماضِي والحاضر، وليستْ جميعُها مؤيدةً. هناك مَن يَرى أنَّ الوكالةَ لعبتْ دوراً سلبياً، لأنَّها وطَّنتِ الفلسطينيينَ خارجَ أراضِيهم، ومنعتْهم من الثورةِ على المُحتل مقابلَ الخبزِ والتعليم، ودجَّنت من فقدُوا بيوتَهم وأرضَهم وفُرّقُوا عن أهالِيهم. وهناك من يعدّها معسكراتِ اعتقالٍ أبدية، بعضُها عمرُها 75 عاماً.

اليوم أقدمت إسرائيل على خطواتٍ تهدّد بانفجارِ الوضعِ القائم. أعلنت عزمَها علَى إلغاءِ الوكالةِ التي تخدمُ نصفَ الشَّعبِ الفلسطيني. وهذا يوحي أنَّ حكومةَ نتنياهو تُبيّتُ النّيةَ لمشروع تهجيرٍ جديدٍ من غزةَ والضَّفة الغربية. إنَّه سيناريو مقلقٌ ومرحلةٌ جديدةٌ من الحربِ تمثّلُ أخطرَ تهديدٍ على استقرارِ المنطقة. إسرائيلُ بنتْ دعاواهَا على هجومِ الحَركةِ في أكتوبرَ (تشرين الأول) العام الماضي، الذي خدمَ الإسرائيليين في الدَّفعِ بعملياتِ التَّدميرِ والتهجير.

الأمم المتحدة، من خلال وكالاتِها، ترعَى ملايين اللاجئين في العالم، فعددُ الفلسطينيين المسجلينَ في «الأونروا» ستةُ ملايين، وهو مساوٍ تقريباً لعددِ اللاجئين السوريين والأفغان والفنزويليين والأوكرانيين. الفارقُ أنَّ هؤلاءِ جميعاً لهم بلدانٌ قد يعودون إليها، في حين أنَّ عودةَ الفلسطينيين إلى بلدِهم وبلداتِهم التي هُجّروا منها مستبعدةٌ. في هذه الدولِ النّزاعُ على الحكمِ والنظامِ السياسي، في حين أنَّ نزاعَ الفلسطينيين هو على الأرض والهُويّة.

«الأونروا» للفلسطينيين تقوم بدورِ العائلِ الدولي. أمَّا للإسرائيليين فـ«الأونروا» تعطي الفلسطينيين الشرعية مع الخبز، أي حق العودةِ وحق الدولة. ولهذا فإنَّ إسرائيلَ عازمةٌ على هدمِ المنظمةِ الدولية.

إسرائيلُ منذ بدايةِ حربِ غزةَ شنَّت حملةً مع الأدلّةِ للمجتمعِ الدولي علَى أنَّ الوكالةَ تعمل لـ«حماس»، تستخدمُها لأغراضِها العسكرية. وقالت إنَّ 12 عاملاً فيها ينتمون للحركةِ وبعض مباني الوكالة خدمتْها عسكرياً. بهذه التُّهمِ نجحت إسرائيلُ في إقناعِ كبارِ المموّلين بتوقيفِ دعمِهم.

السُّؤال: كيفَ يمكنُ إنقاذُ هذا الكيانِ الإغاثي المُهم الذي يجمعُ سنوياً نحو المليارِ ونصفِ المليارِ دولار لإعالة ملايين الفلسطينيين؟ أكبرُ التبرعاتِ يأتي من الولايات المتحدة (ربع مليار دولار سنوياً)، وقد عُلّق بسببِ الاتهاماتِ الأخيرة.

القضاءُ على «الأونروا» سيدفعُ الأمورَ إلى ما هو أخطر، ملايين اللاجئين القدامى والجدد دون إغاثة، سيعني هذا اضطراباتٍ سياسيةً داخلَ هذا المجتمع، سيعزّز فرصَ ظهورِ تنظيماتٍ مسلحةٍ متطرفة، وفوق هذا سيسهّلُ لاحقاً تهجيرَ ملايين الفلسطينيين من غزةَ والضفة الغربية.

إسرائيلُ عازمةٌ على القضاءِ على «الأونروا» كمَا قضت على «حماس». وقد باشرتْ بالكنيست الإسرائيلي الذي شرعَ بحظرِ أنشطةِ وكالة «الأونروا» وسيطبَّقُ خلال ثلاثةِ أشهر. في غزةَ دُمِّر ثلثُ مرافقِها وقُتل أكثرُ من مائتين من موظفيها خلالَ الحرب.

ستكونُ المعركةُ على «الأونروا» مع إسرائيلَ صعبة، وسيتعيَّن البحثُ عن مفهومٍ مختلفٍ لإعانةِ اللاجئين، وتحديداً الذين في داخلِ الضَّفة وغزة، من خلالِ دمجِهم وتأمينِ مواردِ عملٍ لهم ضمنَ مشروعٍ سياسيٍّ وإغاثيٍّ دائم.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إسرائيل القضاء على «الأونروا» بعد «حماس» إسرائيل القضاء على «الأونروا» بعد «حماس»



GMT 05:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

يتفقد أعلى القمم

GMT 05:44 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا و«تكويعة» أم كلثوم

GMT 05:43 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

تحولات البعث السوري بين 1963 و2024

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الهروب من سؤال المصير

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الهروب من سؤال المصير

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا والنظام العربي المقبل

GMT 05:41 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 05:41 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

2024... سنة كسر عظم المقاومة والممانعة

GMT 20:03 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 08:02 2016 الثلاثاء ,01 آذار/ مارس

جورج وسوف يستقبل أحد مواهب"The Voice Kids" فى منزله

GMT 02:49 2017 الجمعة ,06 تشرين الأول / أكتوبر

وصفة صينية الخضار والدجاج المحمّرة في الفرن

GMT 14:30 2017 الخميس ,05 كانون الثاني / يناير

صغير الزرافة يتصدى لهجوم الأسد ويضربه على رأسه

GMT 10:56 2021 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

إذاعيون يغالبون كورونا

GMT 12:44 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

الريدز ومحمد صلاح في أجواء احتفالية بـ"عيد الميلاد"

GMT 07:32 2019 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

نيمار يقود باريس سان جيرمان ضد نانت في الدوري الفرنسي

GMT 00:59 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اتيكيت تصرفات وأناقة الرجل
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates