رواية الإنسان ديمتري عن الحرب الحالية

رواية الإنسان ديمتري عن الحرب الحالية

رواية الإنسان ديمتري عن الحرب الحالية

 صوت الإمارات -

رواية الإنسان ديمتري عن الحرب الحالية

مشاري الذايدي
بقلم - مشاري الذايدي

الحرب وما أدراك ما الحرب؟
إنها تجربة كئيبة لمن سقطت أو أسقطت عليه... يُتْمٌ وثُكلٌ وفقرٌ وخوفٌ وحيرةٌ وقلقٌ ممض.
لذا حذرها الضمير الإنساني منذ القدم، وقبحها الموروث الشعري واستهجنها، وما ذاك إلا لما استقر في معهودهم منها من الذكريات الدامية.
ومع أن الحروب هي المحتلة للشطر الأعظم والسطر الأطول من كتاب التاريخ البشري، كما يخبرنا المؤرخ الكبير آرنولد توينبي، فإنه - رغم ذلك - استمر الجرح البشري منها دامياً يَنِزّ دماً.
نعم الخبر يقول إن الحرب قد تكون ضرورة قدرية قاسية، لتعديل بعض الأمور المعوجة، والكسور المجبورة على خلل في السياسة، لكنها، رغم كل هذه المسوغات العملية «الناشفة»، تظل معاناة طرية الألم على الدوام.
لدينا في ثقافتنا العربية خاصة شواهدُ أدبية على شهادة التجربة الإنسانية المحزنة حولها.
قال عنها الشاعر العربي عمرو بن معدي كرب الزبيدي قديماً:
الحربُ أولُ ما تكونُ فَتيّة تسعى بزينتها لكل جَهولِ
حتى إذا استعرتْ وشَبّ ضِرامُها عادت عجوزاً غيرَ ذاتِ خليلِ
شمطاءَ جَزّتْ رأسَها وتَنَكرَت مكروهة للشم والتقبيلِ
وقبله قال عنها شاعر المعلقات، وذاك قبل عهد الإسلام، زهير بن أبي سلمى:
وما الحربُ إِلا ما عَلمتمْ وذُقْتمُ وما هو عنها بالحَديثِ المرجمِ
متى تَبْعثوها تَبْعثوها ذميمة وتَضرّ إذا ضَرَّيتموها فتَضْرمِ
اليوم، وبعيداً عن مطالعات السياسة الجافة، لدينا بشرٌ يعانون، من الطرفين، جراءَ الحرب الجارية على أرض أوكرانيا... أمهات، صبيان وصبايا، شيوخ وعجائز، بشرٌ عاديون... مثلنا.
لفتني منهم الرجل الأوكراني ديمتري، ابن بلدة باخموت، التي تتعرض حالياً لقصف شديد. كان هذا الرجل الأربعيني يقف أمام منزله المتضرر، مختلطة لديه مشاعر التحدي والخوف، كما رصد مراسل «بي بي سي» جيرمي بوين.
قال: «أنا لست نوستراداموس لأتنبأ بالأحداث، لماذا هاجم بوتين؟ كلها عبارة عن لعبة سياسية».
عندما سأله الصحافي عما إذا كان سيقبل بصفقة تسمح لروسيا بالسيطرة على كامل دونباس، مقارنة بنحو ثلث الأراضي التي كانت تسيطر عليها قبل الغزو، أخذ نفساً عميقاً من سيجارته بغضب ورفع كتفيه استهجاناً: «لا أعرف ما الذي يمكن أن يتغير بالنسبة إليّ؟ الشيء الرئيسي هو البقاء على قيد الحياة. إنها البداية فقط، هناك المزيد في انتظارنا. فلنرَ كيف ستسير الأمور إن نجونا».
نعم سيد ديمتري... أنت وأمثالك لن تحصلوا على أجوبة شافية عن بواعث وأسباب هذه البلايا... كما حدث عبر القرون قبلكم. أنتم الموضع الذي تنصب عليه صواعق وبروق التاريخ الخشن. والسعيد والموفق من قادة الناس ومدبري أمرهم، من وقى ناسه شواظ تلك الصواعق... وهم قلة؛ ولذلك هم عظماء، ورغم أن الحروب العادلة أحياناً ضرورة للشفاء مثل مبضع الجراح، فإن قلة هم أطباء السياسة الحكماء.
والأهم من هذا كله؛ أن الإنسان أولاً وآخراً يريد الحياة إن استطاع إليها سبيلاً، كما قال الشاعر الراحل محمود درويش ذات حكمة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رواية الإنسان ديمتري عن الحرب الحالية رواية الإنسان ديمتري عن الحرب الحالية



GMT 02:30 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

السادة الرؤساء وسيدات الهامش

GMT 02:28 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

«وثائق» عن بعض أمراء المؤمنين (10)

GMT 02:27 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

من يفوز بالطالب: سوق العمل أم التخصص الأكاديمي؟

GMT 02:26 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

روبرت مالي: التغريدة التي تقول كل شيء

GMT 02:24 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

السعودية وفشل الضغوط الأميركية

GMT 20:03 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 08:02 2016 الثلاثاء ,01 آذار/ مارس

جورج وسوف يستقبل أحد مواهب"The Voice Kids" فى منزله

GMT 02:49 2017 الجمعة ,06 تشرين الأول / أكتوبر

وصفة صينية الخضار والدجاج المحمّرة في الفرن

GMT 14:30 2017 الخميس ,05 كانون الثاني / يناير

صغير الزرافة يتصدى لهجوم الأسد ويضربه على رأسه

GMT 10:56 2021 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

إذاعيون يغالبون كورونا

GMT 12:44 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

الريدز ومحمد صلاح في أجواء احتفالية بـ"عيد الميلاد"

GMT 07:32 2019 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

نيمار يقود باريس سان جيرمان ضد نانت في الدوري الفرنسي

GMT 00:59 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اتيكيت تصرفات وأناقة الرجل
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates