بقلم -طارق الشناوي
عندما صعد فكرى صادق على مسرح (المنارة) فى مهرجان (القاهرة للدراما) ضمن قائمة الكبار المنسيين، كانت فرصته الذهبية لكى يتذكر الناس مجددا ملامحه، فكرى من هؤلاء الذين يحققون تراكما فى الذاكرة، من خلال أدوارهم الصغيرة، عدد لا بأس به من الجمهور يعرفون فقط وجوههم، بينما الأغلبية لا تربط الاسم بالملامح، تعود أبناء البلد فى مثل هذه الأحوال أن ينعت هؤلاء بلقب فنان، وقد يزيدون من جرعة الحفاوة ويداعبونه قائلين (يا نجم).
هؤلاء يشكلون أكثر من 90 فى المائة من أعضاء النقابات الفنية فى العالم كله، وتتباين قطعا حظوظهم، وردود أفعالهم، هناك من يرضى بنصيبه، وهناك من يظل يشعر بأن هناك مؤامرة حيكت ضده، حالت دون حصوله على ما يستحق من ضوء وبريق.
بدأت الحكاية مع الإعلامية لميس الحديدى فى برنامجها الشهير عبر أون (كلمة أخيرة)، استضافت فكرى مع عدد آخر من المنسيين، وعندما جاء دوره فى الحوار، وتطرق للحديث عن الفنانين، وصف سعيد صالح أنه ممثل عادى، ونموذج غير جيد للفنان، وأنه بدد طاقته فى 500 فيلم مقاولات، تردد بعدها أن نقابة الممثلين قررت تقديمه للتحقيق، وهو ما أثار دهشة الكثيرين، وأنا منهم، لأن من حق أى إنسان، وليس فقط فنانا، أن ينتقد فنانا آخر مهما اشتط فى رأيه.
الحقيقة الراسخة بالنسبة لى تؤكد، بكل موضوعية وحياد، أن سعيد صالح هو إحدى أيقونات الكوميديا فى العالم العربى، وكان الرهان عليه فى منتصف الستينيات وحتى مطلع السبعينيات يسبق عادل إمام، وهكذا أتيحت له البطولة على خشبة المسرح فى (هالو شلبي)، افتقد سعيد العقل الذى يدير الموهبة، ولهذا تراجعت خطواته كثيرا، ولم يحصل على المكانة التى كان جديرا بها.
إلا أن رصيد سعيد صالح عاش مع الزمن، محققا له مكانة متميزة فى تاريخ الكوميديا بكل أنماطها، مع الأخذ فى الاعتبار أن من يقف على الشاطئ الآخر تماما من هذا الرأى يمارس حقه الطبيعى فى التعبير.
كان ينبغى أن يتوقف الأمر عند هذا الحد، لكن أحد الزملاء سجل حوارا لفكرى ونشره على أحد المواقع، بكلمات تتجاوز الخطوط الحمراء، فى حق سعيد صالح الإنسان، ونعته بصفات تضع قائلها حقا تحت طائلة قانون السب والقذف العلنى، قطعا هناك مسؤولية موازية، تتحملها جهة النشر.
فكرى باح بعدها بأن سر حنقه أن سعيد صالح استبعده من فيلم (سلام يا صاحبى)، عندما أطلق عليه شائعة سفره خارج الحدود وذهب الدور لمحمد متولى.
هل هذا ما حدث بالضبط، أم أن هناك تفاصيل أخرى؟ وبرغم مرور 35 عاما على الواقعة لم ينسها فكرى، وقطعا لم تتح له بعدها فرصة موازية.
تختلف وتتباين ردود فعل الفنان المهزوم، ومع الزمن ربما يجد نفسه لا شعوريا يبحث عن عذر مقبول على الأقل أمام نفسه، رغم أن كل نجم ستكتشف أن حياته عبارة عن عدد من الهزائم استطاع مواجهتها وهزم الهزيمة، أحمد زكى مثلا نموذج صارخ لفنان كان يحلم بأن يقف أما سعاد حسنى بطلا فى (الكرنك) وقبل ساعات من دخوله الاستوديو يسندون الدور إلى نور الشريف.
(السم الذى لا يقتلنى يزيدنى قوة)، لا أريد أن أقسو على فكرى صادق وأزيده إحباطا على إحباط، رغم أنه قطعا تجاوز فى كلماته كل ما يمكن التسامح معه، إلا أن ظنى أن أشرف زكى، نقيب الممثلين، سوف ينجح، خلال الساعات القادمة، فى إطفاء النيران، ولا بأس من قرصة ودن ينالها فكرى صادق!!.