«تبقى أنت أكيد العربي»

«تبقى أنت أكيد العربي»

«تبقى أنت أكيد العربي»

 صوت الإمارات -

«تبقى أنت أكيد العربي»

بقلم -طارق الشناوي

تابعتُ تلك المعركة الصاخبة التي تفجَّرت في مصر، عقب غناء المطربة لطيفة «تبقى أنت أكيد العربي» في حفل بدولة الإمارات لمبادرة «تحدي القراءة»، الموسم الثامن.

الأغنية في الأصل اسمها «المصري»، كانت هي ما تبقَّى في الأذهان لفيلم المخرج يوسف شاهين، الذي قدَّمه مطلع الألفية «سكوت ح نصور»، وحقَّقت نجاحاً طاغياً، ولا تزال تسكن القلوب، صارت واحدة من أشهر أغانيها، وتَغنَّى فيها الشاعر جمال بخيت بالكثير من الرموز المصرية، التي رسمت معالم الوطن: نجيب محفوظ، وأحمد زويل، وأم كلثوم، وعبد الحليم، كان ينبغي حتى يمنح الأغنية الجديدة بُعداً عربياً أن يضع في السياق الرسول الكريم، والقرآن، والقدس، وحاتم الطائي، والمتنبي، وطه حسين، والرحالة ابن ماجد. البعض اعتقد بأن لطيفة هي التي استبدلت الكلمات، وانهالوا عليها باتهامات لها مذاق اللكمات، وكالعادة تناسينا كلَّ ما قدَّمته من أغنيات لوَّنت حياتنا بالسعادة، عبر مشوارها الفني الزاخر، الذي يقترب من 4 عقود، ونعتوها ظلماً بـ«مطربة الأغنية الواحدة».

الحقيقة أشار إليها على صفحته بخيت، ليؤكد أنه هو الذي قرَّر بعد أن اعتذر الموسيقار الكبير عمر خيرت عن عدم تلحين كلمات جديدة تصلح لمبادرة «تحدي القراءة»، وأنَّ أحد المسؤولين اقترح عليه أن يقدم نصاً موازياً لأغنية «المصري»، له البناء الشاعري والإيقاع واللحن نفسه. وانتقل الأمر بعدها إلى اتهام طال بخيت وخيرت في الوطنية، وكأنهما سوف يمحوان بأغنية «أنت أكيد العربي» الأغنية الأصلية «المصري»، وهي أنجح أغنيات جمال بخيت على الإطلاق، ومن أعمق وأبهج ألحان عمر خيرت، وقدَّمتها لطيفة بإحساس صادق. أنا لم أستسغ الأغنية الجديدة «أنت أكيد العربي»، افتقدت الطزاجة والدهشة، وهما أول خيط يربط المتلقي بالعمل الفني، وظني أن الأغنية الجديدة لا تملك القدرة على الحياة، ستصبح مثل عود الكبريت، اشتعلت مرة واحدة في الحفل، ثم ستتبدد. إلا أن كل ما ذكرته لا ينطبق عليه سوى توصيف «رؤية فنية»، نختلف أو نتفق عليها، وليس أبداً كما يحاول بعض الموغلين وصفها بـ«الخيانة» الوطنية، أو في الحد الأدنى، «نكران جميل مصر».

لطيفة نفَّذت الأغنية بعد التعديل إنقاذاً للموقف، وعمر خيرت اعتذر عن عدم تقديم لحن جديد، لتعاقده في الوقت نفسه على كثير من الحفلات في مصر والرياض. كنتُ أفضِّل أن يكتب بخيت، وهو من أكثر شعراء العامية في هذا الجيل تمتعاً بالغزارة والخيال، حالةً إبداعيةً جديدةً، إلا أنه اختار حلاً آخر. عندما عادت صباح لمصر بعد فترة ابتعاد غنَّت في منتصف السبعينات «معقول يا محبوب ما يطل القمر... بس مش معقول ساعة من الزمان... ننساكي يا مصر من أفكارنا». وبعد سنوات عادت مجدداً إلى لبنان وغيَّرت المقطع الأخير ليصبح «ننساكي يا (لبنان) من أفكارنا».

لم يعتبرها أحدٌ جنايةً، لا في مصر ولا لبنان، هناك قدر من الحساسية، ازداد مؤخراً معدله. أتذكر قبل نحو عام في «موسم الرياض» غيَّر محمد الحلو مقطع «عمار يا إسكندرية» إلى «عمار يا سعودية» اعتبر بعض الغلاة أن الحلو يبيع الإسكندرية في الرياض!

هل ننسى مثلاً أن حسين الجسمي غنَّى «يا أغلى اسم في الوجود... يا مصر»، وأن أم كلثوم غنَّت في الستينات «بغداد يا قلعة الأسود»، ورصيد نانسي عجرم من الأغاني الوطنية المصرية أكثر من رصيدها في الغناء الوطني لوطنها. يجب أن نضع كل قضية جدلية في إطارها الصحيح، اختلف فنياً مع «أنت أكيد العربي»، ولكن ما الذي زجَّ بالوطن في التقييم الفني. أتمنى أن نستعيد مجدداً القدرة على القراءة الصحيحة للقضايا الجدلية، لا نُحرِّمها أو نُجرِّم مبدعيها، في أعز ما يملك الإنسان، وهو الوطنية!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«تبقى أنت أكيد العربي» «تبقى أنت أكيد العربي»



GMT 05:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

يتفقد أعلى القمم

GMT 05:44 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا و«تكويعة» أم كلثوم

GMT 05:43 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

تحولات البعث السوري بين 1963 و2024

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الهروب من سؤال المصير

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الهروب من سؤال المصير

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا والنظام العربي المقبل

GMT 05:41 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 05:41 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

2024... سنة كسر عظم المقاومة والممانعة

GMT 22:24 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 00:23 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 08:23 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 20:55 2018 الخميس ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

وزير الهجرة الكندي يؤكد أن بلاده بحاجة ماسة للمهاجرين

GMT 08:24 2016 الأحد ,28 شباط / فبراير

3 وجهات سياحيّة لملاقاة الدببة

GMT 03:37 2015 الإثنين ,08 حزيران / يونيو

عسر القراءة نتيجة سوء تواصل بين منطقتين في الدماغ

GMT 22:45 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

استمتع بتجربة مُميزة داخل فندق الثلج الكندي

GMT 02:49 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

ليال عبود تعلن عن مقاضاتها لأبو طلال وتلفزيون الجديد

GMT 04:52 2019 الخميس ,03 كانون الثاني / يناير

"هيئة الكتاب" تحدد خطوط السرفيس المتجهة للمعرض

GMT 04:47 2018 الأربعاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

شادي يفوز بكأس بطولة الاتحاد لقفز الحواجز

GMT 18:39 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

أجمل الأماكن حول العالم للاستمتاع بشهر العسل

GMT 17:16 2018 الأربعاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

وعد البحري تؤكّد استعدادها لطرح 5 أغاني خليجية قريبًا

GMT 05:14 2018 الخميس ,04 تشرين الأول / أكتوبر

إيرباص A321neo تتأهب لتشغيل رحلات بعيدة المدى
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates