صراع العقل والقلب

صراع العقل والقلب!!

صراع العقل والقلب!!

 صوت الإمارات -

صراع العقل والقلب

طارق الشناوي
بقلم -طارق الشناوي

 لم تكن هناك مفاجأة فى جوائز أوسكار 96، فاز أوبنهايمر بجائزة الأفضل، الفيلم حقق حالة من التماهى، فهو يعزف على جراحنا بملحمة سينمائية، جمع فى بوتقة واحدة، بين الرؤية والفكرية والنفسية التى ينضح بها الشريط، وبين شباك التذاكر، تصدر الفيلم الأرقام.

فى تسجيل صار متداولا على (السوشيال ميديا) عمره ربما يتجاوز 30 عاما لعالم الاجتماع المصرى الراحل دكتور عبد الوهاب المسيرى، قال إنه التقى أثناء دراسته فى أمريكا مع عالم الذرة أوبنهايمر، الذى قال له: عندما كنت أجرى تجاربى داخل معملى عشت سعيدا، الأفكار محايدة لا تحمل شرا، واستطعت الوصول إلى معادلة الانشطار النووى، ولكن عندما وصل الأمر إلى استخدامها عمليا فى نهاية الحرب العالمية الثانية، (تقيأت) من فرط إحساسى بالذنب، لآلاف الضحايا الذين تسببت فى موتهم. الإنسان هو الضمير والقلب، بينما العلم هو العقل المجرد، وفى النهاية الإنسان مهما ارتقت درجاته العلمية لن يستطيع تجاوز أنه إنسان.

المخرج كريستوفر نولان كان مدركا تماما، أن إدانة أوبنهايمر المطلقة ليست هى موضوعه أو قضيته، كما أن تبرئته المطلقة ليست قطعا هدفه، كان حريصا أن ينتقل الصراع إلينا، تلك كانت المعادلة السحرية التى نسجها نولان بحرفية بالغة، ولهذا مثلا تعمد أن نرى الانشطار اليومى، مجرد (بروفة) عملية وليست واقعا، وتجنب عن سبق إصرار عرض لقطات أرشيفية للدمار الذى حل بالعالم. ما حدث فى هيروشيما ونجازاكى وآلاف الضحايا فى اليابان، وهى مادة فيلمية متوفرة تعمد المخرج استبعادها، مجرد استعادتها لن تستطيع كمتلق بعدها الوقوف على الحياد، ستجد نفسك لا شعوريا غير قادر على أن توقف إحساس الإدانة المسبق لـ(أوبنهايمر)، المطلوب هو أن نعيد النظر داخل ضمير كل منا، قبل إصدار حكم مطلق.

جاء مشهد لقاء أوبنهايمر مع الرئيس الأمريكى الأسبق ترومان، يمنح هذا الموقف دلالة تاريخية، عندما قال أوبنهايمر: (أنا أشعر أن أصابعى ملوثة بالدماء)، سخر منه ترومان وقدم له منديلا ليمسح يده، واستمر فى سخريته قائلا إنه: (مجرد آلة صنعت قنبلة ولكن الناس ستذكر فقط الرجل الذى أصدر قرار إطلاق القنبلة وليس من اخترعها).

المخرج كان حريصا أن يظل بداخلنا هذا الصراع بين الإدانة والتبرير على مدى تجاوز ثلاث ساعات زمن الفيلم. عمق الرؤية يكمن فى أن تظل كمتلق واقفا فى تلك المنطقة المحايدة، أداء الممثلين سلاح رئيسى لتأكيد ذلك وهكذا تابعنا كيليان مورفى وهو يتألق فى دور أوبنهايمر، بالإضافة إلى كل من إيميلى بلنت ومات ديمون وفلورنس بيو ورامى مالك وكينيث برناه.

الفيلم به وثائق مصورة تتداخل مع الجانب الروائى، بحرفية عالية من المخرج، ولكن السؤال هل تلك هى الحقيقة، أم أنها أضيف لها خيال المخرج؟.. المؤكد أن هناك مساحات محايدة وغير مؤكدة تاريخيا تسمح بتلك الإضافة.

دعنا نتناول العلاقة بينه أوبنهايمر، والعالم الأشهر أينشتاين، مواقف ملتبسة بينهما، فيها تقدير بقدر ما فيها من توجس. واقعيا التقيا، ولكن دراميا تلك اللقاءات التى شاهدناها فى الفيلم لم تكن هى الواقع، إلا أنها رسمت لنا حالة الواقع.

الفيلم لا يريد حقيقة الدفاع عمن لقبوه بـ (أبوالقنبلة النووية) ولكنه فى نفس اللحظة يرفض إدانته المسبقة والمطلقة.

سياسيا كانت الحرب العالمية الثانية محسومة، القنبلة ألقيت بعد هزيمة المحور والتراجع الألمانى، إلا أنه كان هناك تخوف من أن يمتلك العلماء الروس، القدرة على إنتاجها وهو ما ينطبق أيضا على ألمانيا، وكان ينبغى سياسيا أن تعلن أمريكا أنها الوحيدة التى تمسك القنبلة بيديها، رغم تحذيرات أوبنهايمر بأن العالم سيقف دائما على أطراف أصابع قدميه خوفا من أى انفلات قادم.

اتهام قاس واجه (أبوالقنبلة النووية) لأنه يمس الشرف الوطنى.

لم يغفل أبدا المخرج تقديم لحظات ضعف أوبنهايمر كإنسان يحب، وفى نفس الوقت يخون من أحبها، يشعر بالسعادة والفخر لإنجازه العلمى وفى نفس الوقت لا يغادره إحساس الخزى والعار. (أوبنهايمر) لا يروى فقط حكايته ولكنها حكايتنا!!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

صراع العقل والقلب صراع العقل والقلب



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة - صوت الإمارات
تلهم النجمة المصرية تارا عماد متابعاتها العاشقات للموضة بإطلالاتها اليومية الأنيقة التي تعكس ذوقها الراقي في عالم الأزياء، بأسلوب هادئ ومميز، وتحرص تارا على مشاركة متابعيها إطلالاتها اليومية، وأيضا أزياء السهرات التي تعتمدها للتألق في فعاليات الفن والموضة، والتي تناسب طويلات القامة، وهذه لمحات من أناقة النجمة المصرية بأزياء راقية من أشهر الماركات العالمية، والتي تلهمك لإطلالاتك الصباحية والمسائية. تارا عماد بإطلالة حريرية رقيقة كانت النجمة المصرية تارا عماد حاضرة يوم أمس في عرض مجموعة ربيع وصيف 2025 للعبايات لعلامة برونيلو كوتشينيلي، والتي قدمتها الدار في صحراء دبي، وتألقت تارا في تلك الأجواء الصحراوية الساحرة بإطلالة متناغمة برقتها، ولونها النيود المحاكي للكثبان الرملية، وتميز الفستان بتصميم طويل من القماش الحرير...المزيد

GMT 21:21 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك
 صوت الإمارات - الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 21:21 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

نانسي عجرم تشوق جمهورها لعمل فني جديد
 صوت الإمارات - نانسي عجرم تشوق جمهورها لعمل فني جديد

GMT 21:21 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

غوغل تكشف عن خدمة جديدة لإنتاج الفيديوهات للمؤسسات
 صوت الإمارات - غوغل تكشف عن خدمة جديدة لإنتاج الفيديوهات للمؤسسات

GMT 14:49 2018 الأحد ,14 كانون الثاني / يناير

محلات "pinkie girl" تطرح فساتين مخملية في شتاء 2018

GMT 06:04 2015 السبت ,24 تشرين الأول / أكتوبر

التنورة المطبّعة تمنح المرأة العاملة الأناقة والتميّز

GMT 12:39 2015 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

"فيندي" تكشف عن ساعة "سيليريا" الجديدة للمرأة المثالية الأنيقة

GMT 20:36 2013 السبت ,06 إبريل / نيسان

مراحل التطور الجسمانى عند الطفل

GMT 09:26 2018 الخميس ,01 شباط / فبراير

منزل إيلي صعب الجبلي في لبنان فخم وضخم

GMT 12:43 2014 السبت ,11 تشرين الأول / أكتوبر

غرفة الشارقة تشارك في معرض جيتكس 2014

GMT 22:09 2013 الجمعة ,18 كانون الثاني / يناير

مؤشر عقار أبوظبي يربح 23% منذ بداية 2013
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates