انشقاقات «جماعة الإخوان»

انشقاقات «جماعة الإخوان»

انشقاقات «جماعة الإخوان»

 صوت الإمارات -

انشقاقات «جماعة الإخوان»

بقلم - عبدالله بن بجاد العتيبي

بنيت جماعة «الإخوان» على أسس ثلاثة: الطاعة والهرمية والسرية، وتحت الطاعة الولاء المطلق والبيعة، وتحت الهرمية التنظيم المحكم وتفرعاته، وتحت السريّة الإخفاء التامّ لأهداف الجماعة الكبرى وإباحة النفاق والكذب وكل المحرمات الشرعية حفاظاً على غايات الجماعة. «جماعة الإخوان» هي الجماعة الأم التي تفرعت عنها العديد من جماعات وتنظيمات «الإسلام السياسي» على مدى عقودٍ من الزمن، تلك التي تمارس العنف المباشر والإرهاب، وتلك التي تبقي العنف تحت أساس السرية فتتدرب عليه فكرياً وعملياً، ولكنها تؤجل المواجهة مع الدول والشعوب لمصلحة الجماعة.
كان «محمد الغزالي» نموذجاً لفقيه «التيسير الفقهي» وربما انجرف البعض لوصفه بالاعتدال والوسطية، ومثله كان «يوسف القرضاوي» يملأ الفضائيات بفتاوى «التيسير الفقهي» ويدبج المؤلفات وينشئ المواقع الإلكترونية وتروّج له «جماعة الإخوان» بأنه فقيه الاعتدال والوسطية، ثم جاءت لحظة الحقيقة لكل منهما، فكفّر «الغزالي» الكاتب والمفكر المصري «فرج فودة» ودافع في المحكمة عن «الإرهابيين» الذين قتلوه وبرّر اغتيالهم له، ففي آخر عمره فضّل ترك «السرية» والانتقال للعلنية حتى لا ينخدع الأتباع لاحقاً بتنظيراته للاعتدال.
أما «القرضاوي» فهو بحقٍ فقيه الدمّ والقتل والاغتيالات والإرهاب، وهو بعدما شعر بالحماية والرعاية والقوة أخذ يصدر فتاوى القتل دون حسابٍ وفتاوى التفجيرات بلا حصرٍ، يجاهر بذلك في كل وسائل الإعلام قديمه وحديثه، وترك «السرية» واتجه للعلنية لأنه اعتقد أن ما أسماه حسن البنا «يوم الدمّ» قد حان.
من هنا، فإن الأحاديث الطويلة عن «الانشقاقات» و«المراجعات» داخل «جماعة الإخوان» وبنيّاتها من الجماعات المتفرعة عنها ما هو إلا خطلٌ في القول وخطيئة في التحليل، وقصارى ما في الأمر هو أن هذه محاولات للتعايش مع الأوضاع السياسية والأمنية والاجتماعية التي تفرض على الجماعة فرضاً، فهي استجابة للواقع المعيش لا تمثل تغيراً فكرياً أو تنظيمياً حقيقياً ومؤثراً.
هذا السياق لا ينفي أمرين: الأول، وجود انشقاقات ومراجعاتٍ فردية حقيقية، لها نماذج مختلفة، قدمها عديدون على مدى عقودٍ ثم اختلفت توجهات هؤلاء المنشقين، الثاني، وجود انشقاقات ومراجعاتٍ جماعية لأسبابٍ هي في الغالب مزايدة على المبالغة في الاعتدال التي تطرحها الجماعة الأم في لحظات الضعف، وهي غالباً تتجه للمزيد من التطرف والعنف والإرهاب.
كانت لحظة ما كان يعرف زوراً بـ«الربيع العربي»، لحظة تاريخية كاشفة، فبعد أن نشرت عشرات المؤلفات، وأصدرت مئات الفتاوى وأعلنت مواقف وبيانات تجنح نحو «اعتدالٍ» ما، سقط كل ذلك الخطاب كتباً ومؤلفاتٍ وأبحاثاً وبياناتٍ، وفتاوى ووسائل إعلام، وعادت كل تلك الجماعات إلى المربع الأول، مربّع العنف والإرهاب والقتل والاغتيال والتفجير والتدمير. الشيء الوحيد الحقيقي الذي أثّر على هذه الجماعات في الدول العربية، وبالتالي في العالم، هو «تصنيفها» بقوة الدولة والقانون جماعاتٍ إرهابيةً في الدول العربية المهمة في السعودية ومصر والإمارات وملاحقة قيادات هذه الجماعات وعناصرها داخلياً وخارجياً من خلال جرائم محددة واتهاماتٍ مفصلةٍ ومؤسسات قضائية معتبرة.
الانشقاق الحالي بين «جبهة لندن» و«جبهة إسطنبول» هو انشقاق دفعت إليه ثلاثة عناصر: محاكمة قيادات الجماعة في السجون، والمصالح الكبرى التي تتنازع الجبهتان في إدارتها، والدولتان الداعمتان في بريطانيا وتركيا، ووفاة «إبراهيم منير» قائد «جبهة لندن» تغير جزئياً في المعادلة، ولكنها تؤخذ بالمقابل مع تصالح تركيا مع الدول العربية والتضييق على قيادات وعناصر الجماعة في تركيا واضطرار عدد منهم للهجرة إلى بريطانيا وبعض الدول الغربية التي لهم فيها حضورٌ تنظيميٌ قديم. أخيراً، فانشغال بعض الدول الإقليمية باستثماراتها الدولية المستحقة، وانشغال بعضها الآخر باحتجاجات واضطرابات داخلية، أضعف قدرة الجماعة على المناورة مرحلياً.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

انشقاقات «جماعة الإخوان» انشقاقات «جماعة الإخوان»



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 06:02 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

أسرار أبرز التيجان الملكية التي ارتدتها كيت ميدلتون
 صوت الإمارات - أسرار أبرز التيجان الملكية التي ارتدتها كيت ميدلتون

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 22:24 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 14:45 2017 الأحد ,16 إبريل / نيسان

"الشيكولاتة المكيسكية" أبرز وصفات لويز باركر

GMT 09:19 2016 الأحد ,21 شباط / فبراير

اليابان تبتكر "موبايل" قابل للغسل

GMT 16:02 2017 الخميس ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

يوسف السركال" القطريون دبروا ما حدث في بانكوك"

GMT 08:27 2015 الأربعاء ,09 كانون الأول / ديسمبر

نهيان بن مبارك يفتتح معرض "السوربون أبو ظبي"

GMT 17:09 2019 الثلاثاء ,22 كانون الثاني / يناير

تسريبات تكشّف تفاصيل عن مواصفات "سامسونغ غالاكسي S10"

GMT 14:25 2015 الأحد ,25 كانون الثاني / يناير

الشارقة الدولي للكتاب يشارك في معرض القاهرة

GMT 21:15 2015 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

توم فورد يقدم عطرًا مستوحى من ازدواجية إمرأة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates