رائحة رضيعها

رائحة رضيعها

رائحة رضيعها

 صوت الإمارات -

رائحة رضيعها

إنعام كجه جي
بقلم - إنعام كجه جي

في هذه الأيام التي يئن فيها كثيرون من الغلاء، طلعت علينا شركة فرنسية بعطر للأطفال الرُضّع. سعر القارورة 225 يورو. هنيئاً لمن يستطيع شراءه. لا اعتراض على العطر ومن يتعطرون. تلك عادة متأصلة في حضاراتنا. عرف الأجداد المسك والعنبر وزيت الورد. أما أن يكون للرضيع عطره...؟

تعرف الأمهات أن عبق عنق الطفل لا تضاهيه رائحة. دفء ربّاني حميم كأنه من أريج الجنّة. ولو جمعنا كل فطاحل عطّاري باريس، أولئك الذين يطلقون عليهم تسمية «الأنوف»، فإنهم سيقفون عاجزين عن تقليد ما يضوع به جلد الطفل.

يخبرك الإعلان عن هذا المنتج الجديد أنه ليس من الأطياب الثقيلة بل مياه خفيفة معطرّة. عصر منتجوه رؤوسهم وقرروا أن يختاروا له اسم «نجمة سعد». كانوا حريصين على الابتعاد عن التراكيب الكيمياوية المعقدة لكي يتوصلوا إلى عبير بسيط يشابه براءة أكبادنا التي تمشي على الأرض. ولمزيد من الاطمئنان فإن 98 في المائة من مكوناته طبيعية.

لم يولد العطر وحيداً بل جاءت معه ثلاث عصارات تكمل احتياجات الرضيع: رغوة للحمّام وحليب للترطيب وماء للتنظيف. ويقول «الأنف»، الذي ابتكره إنه أراده ناعماً مثل وجنة طفل مربرب. خلط فيه زهر البرتقال، وخلاصة الإجاص الأخضر وأنعشه بالورد البريّ المغطى بالمسك الناعم والقطنيّ «مثل قطعة حلوى بالقشطة تذوب في فمك على مهل»... يا حبيبي!

مهما قالوا وروّجوا فإن من التعسّف حرمان الأم الوالدة من الشميم الطبيعي لطفلها. لكننا نعيش في عصر تحتل فيه المظاهر مكاناً أساسياً. الجميع يسعى للجمال وللحفاظ على الشباب. ويبقى هناك قلق من مستحضرات للتجميل مخصصة للبنات يزعم أصحاب هذه المنتجات أنها تصلح ابتداءً من سن العاشرة. وهي تعالج جفاف البشرة وتؤخر ظهور التجاعيد. أنا أضحك ولا بد أن كثيرين يضحكون معي. مع هذا فإن المراهقات يصدقن الـ«تيك توك». وكثيرات منهن يوفّرن من مصروفهن لشراء عصارات «ضد الشيخوخة».

إنها الهدية المفضلة التي تطلبها الصغيرات في الأعياد بعد أن أحيلت الدمية باربي على التقاعد. تشير المكونات الموجودة على الأغلفة إلى أنها تحتوي على «الرتينول»، أو حامض «الهيالورونيك». ومن الخطير والمثير للشفقة حال أولئك اللواتي لا تعرفن سبيلاً إلى «سيفورا كيدز». إن بينهن من تفقد الثقة بنفسها. تحزن وتكتئب وتنزوي لأنهم أدخلوا في روعها أنها عاجزة عن مجاراة زمنها. وهناك تصريح للدكتورة فيليبا ديدرتشز، الطبيبة النفسية في مركز أبحاث المظهر التابع لجامعة «وست إنغلاند»، تؤكد فيه أن الإفراط في الترويج للعلاجات التجميلية تحرّض الشابات على الشعور بأنهن في حاجة لتصحيح عيوب غير موجودة أصلاً.

عندما يظهر ترويج على أحد المواقع فإنه سرعان ما يجمع آلاف المشاهدات. الكلّ يقلّد الكلّ. واللاعب الأكبر هو ذاك الذي يحمل صفة مؤثّر أو مؤثرّة. إنفلونسر. ظاهرة نعرف أنها استفحلت بحيث جعلت من الأنوف قالباً واحداً ومن الشفاه بالونات متشابهة. تستعجل المراهقة بلوغ السن التي تسمح لها بالذهاب إلى عيادة التجميل. وهناك أطباء تجار يوافقون على عمليات قبل سن البلوغ. والنتيجة قد تنقلب من تجميل إلى تشويه.

عطور ومنتجات يتقبلها الأهل ويسكتون عليها. لكن شركة كبرى لصناعة الصابون تحركت واستنكرت تلك الخزعبلات ودقّت ناقوس الخطر للتحذير من النتائج الضارة لصحة البنات الصغيرات. قال بيان لها: متى كان الجمال مصدراً للقلق بدل أن يكون سبباً للسعادة؟ فقد جاء في الإعلان أن استخدام تلك الدهون يعيدك عشر سنوات إلى الخلف. كيف، بالله عليكم، ستبدو ابنة العاشرة أصغر بعشر سنوات؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رائحة رضيعها رائحة رضيعها



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 20:03 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 08:02 2016 الثلاثاء ,01 آذار/ مارس

جورج وسوف يستقبل أحد مواهب"The Voice Kids" فى منزله

GMT 02:49 2017 الجمعة ,06 تشرين الأول / أكتوبر

وصفة صينية الخضار والدجاج المحمّرة في الفرن

GMT 14:30 2017 الخميس ,05 كانون الثاني / يناير

صغير الزرافة يتصدى لهجوم الأسد ويضربه على رأسه

GMT 10:56 2021 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

إذاعيون يغالبون كورونا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates