بقلم - مشعل السديري
لست من هواة (تقليب المواجع) - خصوصاً في مجال الكتابة - ولكن بعض المآسي تجرّني أحياناً جراً مثلما يجّر الجزار الكبش إلى مذبحه، واقرأوا معي واعذروني:
بعد تسع سنوات من التغيّب، عادت (بوجا جاود) ذات الستة عشر ربيعاً إلى أهلها، وبات في مقدورها أخيراً أن تريح رأسها في حِجر أمها.
وفي يوم ضياعها، كانت بوجا ذاهبة إلى المدرسة رفقة أخيها الأكبر، لكنهما تشاجرا وبعد ذلك تركها الأخ وراءه وأخذ يجري مسرعاً إلى المدرسة، عندئذ تقدّم زوجان إلى بوجا الصغيرة وأخذاها بعيداً بعد أن أقنعاها بأن يشتريا لها الآيس كريم.
تذكر هي قائلة إن الزوجين في البداية أخذاها إلى ولاية كارناتاكا الهندية، وهدّداها بالإيذاء إنْ هي صرخت أو لفتت إليها الأنظار، وتتذكر بوجا كيف أن إيذاءهما لها بدأ يشتد بعد أن رُزقا بمولود، كانا يضرباني بالحزام، ويركلاني، كما كانا يكلفاني بأعمال منزلية في بيتهما وخارجه.
وكان المنزل الذي تقيم فيه عائلة (دسوزا) غير بعيد من منزل عائلة بوجا ولكنها لم تكن تعرف شوارع المنطقة، ولم يكن لديها نقود ولا هاتف محمول، لكن الأمر استغرق منها سبعة أشهر حتى تستجمع جرأتها وتحكي حكايتها لخادمة تُدعى (ديفندرا) تبلغ من العمر 35 عاماً، وكانت تعمل في المنزل نفسه الذي تعمل فيه وهي أيضاً التي ساعدتها.
وتقول والدة (بوجا): إنني بحثت في جسد ابنتي عن (حبة خال) في صدرها وُلدت بها، وعندما وجدتها زالت كل شكوكي، وعلمت أني عثرت على ابنتي.
وتشعر ديفندرا بالسعادة لأنها لعبت دوراً في عودة بوجا إلى أهلها، وتقول: كل أم ينبغي ألا تتردّد في مساعدة طفل أتى إليها طالباً المساعدة.
والآن تحاول الأم تعويض ما فاتها من وقت مع صغيرتها، فهي تطهو لها طعامها المفضل وتمشط لها شعرها، وتحاول البنت أيضاً قضاء أكبر وقت رفقة أمها، لكن أمور الحياة ليست كما يتمناها المرء دائماً، حيث إن والدها قد توفي، وأخاها هاجر إلى دولة بعيدة.
وإليكم مأساة أخرى: فحسب ما ذكرته شبكة (nbc news) الأميركية، كانت الممرضات قد أخبرن بالخطأ السيدة (زيلا جاكسون) البالغة من العمر 86 عاماً، بموت طفلتها بعد الولادة منذ نحو ستة عقود، ولم تعلم أن ابنتها البالغة 59 عاماً على قيد الحياة وتعيش في ولاية أوريغون، حيث تم تبنيها وفقدت حاسة السمع إثر إصابتها بالحصبة بعد ثلاث سنوات من ولادتها، وقد وجدت المرأة والدتها أخيراً، حين بدأ أحفادها يبحثون عن جدتهم عبر (الإنترنت).