2022 السعودية ودبلوماسية وازنة إقليمية ودولية

2022... السعودية ودبلوماسية وازنة إقليمية ودولية

2022... السعودية ودبلوماسية وازنة إقليمية ودولية

 صوت الإمارات -

2022 السعودية ودبلوماسية وازنة إقليمية ودولية

إميل أمين
بقلم - إميل أمين

وضعت معاهدة ويستفاليا عام 1648 نهاية لمسارات الرؤى الميكيافيللية، في علاقات الدول بعضها ببعض، فقد حلّت المصالح المتبادلة، في أطر من احترام السيادة والهوية، محل مفاهيم القوى الهمجية، والتبريرات البراغماتية غير المستنيرة.
في هذا المساق، تتباين الأهداف والمصالح، وقد تختلف التوجهات، وهو أمر طبيعي، ضمن سنن الله في الكون، غير أن ذلك لا ينفي التعارف والتعايش، من غير تشارع وتنازع، أو وصولاً للدرك الأسفل عبر القتال والحروب.
منذ أن تأسست المملكة العربية السعودية، وروح التوازنات الدبلوماسية قائمة في أركانها. الأمر الذي تمثل في مقدرة الملك عبد العزيز على عدم الانسياق وراء استقطابات الأحلاف في أربعينات القرن الماضي، وزمن الحرب العالمية الثانية، ليعبر ببلده وشعبه إلى بر الأمان، بعلاقات متميزة حقاً مع معسكر المنتصرين.
يبدو حصاد العام 2022 لدبلوماسية المملكة وفيراً وناجحاً، عبر كثير من الأصعدة الدولية والإقليمية دفعة واحدة، ومن غير اختلال أو اعتلال في التقديرات، ومن دون قصور في الرؤى على المديات الزمانية والمكانية المختلفة.
يضيق المسطح المتاح للكتابة عن سرد وعرض لحظات القوة والثقة بالذات السعودية، خلال أشهر العام، الذي تتسرب أيامه من بين أيدينا.
خذ إليك على سبيل المثال، العلاقات الأميركية - السعودية، وخاصة في ضوء زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن في يوليو (تموز) الماضي.
ليس سراً أن هناك من حاول رسم صورة للمملكة في الداخل الأميركي، مغايرة لواقعها، وقد تكون المحاولات جارية، غير أن القابضين على جمر مجتمع المعرفة الأميركية العميقة يدركون مكانة السعودية كقوة استقرار على الصعيد الأدبي والروحي من جهة، وما لها من أبعاد استراتيجية في عالم أمن الخليج والشرق الأوسط، سواء العسكري، أو الطاقي، وهو ما أثبتت جائحة «كوفيد 19»، ثم حرب أوكرانيا، صحته.
تتغير في بعض الأحيان رؤى إدارات أميركية وتتبدل، وبعضها يخضع لمتغيرات وضغوطات داخلية أو خارجية، لكن الدولة الأميركية العميقة، وعندما يجدّ الجد، تدرك أن هناك حلفاء أثبتت النوازل صدق وعودهم، ووفاء عهودهم، رغم طبيعة السياسات المتقلبة والمتغيرة، وفي مقدمة هؤلاء الرياض بالنسبة لواشنطن.
نجحت الدبلوماسية السعودية في التعاطي مع الشأن الأميركي، من خلال قرارات سيادية تصدّ وتردّ، بمهارة تنم عن دراية بكيفية ملء مربعات نفوذها، وقيادتها للرأي العام العالمي، ورسم خطوط الطول، ونسج خيوط العرض، خاصة في أوقات الأزمات، من غير أن تترك خريطة الصدام الجيو استراتيجية نهباً متاحاً ومباحاً، لمن لا يحملون لها الخير، أو للمتطلعين لرسم صورتها بحسب أهوائهم وشهوات قلوبهم.
من أقصى الغرب اليانكي، إلى الشرق الروسي بمسحته الروحانية، وحضارته السلافية، كانت الرياض تحقق انتصاراً مؤازراً؛ حيث شاركت في سبتمبر (أيلول) الماضي، في الجهود التي أدت للإفراج عن 10 أسرى أجانب اعتقلتهم القوات الروسية بتهمة القتال دعماً لأوكرانيا. الأمر الذي يؤكد حضور ولي العهد الأمير محمد بن سلمان كرجل دولة قادر على لعب أدوار وازنة إقليمياً ودولياً.
سلطت الوساطة الدبلوماسية السعودية في الأزمة الأوكرانية - ولا سيما تصريحات الأمير محمد بن سلمان في حواره الهاتفي مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بشأن استعداد السعودية لبذل المساعي الرامية للوصول إلى حلّ سياسي للأزمة مع أوكرانيا - الضوء على أهمية العلاقات الوثيقة للسعودية مع روسيا الاتحادية، بالنسبة لشركاء الرياض في بقية بقاع وأصقاع العالم، ولا سيما الغرب.
وبحلول ديسمبر (كانون الأول) الحالي، كانت السعودية تكتب تاريخاً جديداً بين الشرقين، الأوسط والأدنى، وتفتح الطريق واسعاً، أمام طرق حضارية، عرفتها البشرية، قبل أن يخرج علينا البعض برؤى الصدام الحضاري، من عينة طريق الحرير القديم - الجديد.
وقّعت السعودية مع الصين شراكة استراتيجية شاملة، هي الأولى من نوعها بين الدولتين، فضلاً على عشرات الاتفاقيات الاقتصادية، وجميعها تساهم في رفع مستوى التبادل التجاري، بين بكين والرياض، وتدفع مستويات التجارة البينية إلى آفاق أرحب.
من الرياض إلى بكين، صارت «خطة المواءمة» واقعاً حياً ومعاصراً، يهدف للمواكبة مع الخطتين الرئيسيتين للتنمية في البلدين: «رؤية السعودية 2030»، ومبادرة «الحزام والطريق» الصينية.
وبحلول منتصف ديسمبر (كانون الأول) قبل بضعة أيام، خلال زيارة وزير الدفاع السعودي، الأمير خالد بن سلمان، للعاصمة البريطانية لندن، تم توقيع اتفاقية لتقوية الشراكة الدفاعية التاريخية بين المملكتين، تلك الممتدة عبر أكثر من نصف قرن.
ما هو جوهر الاتفاقية؟
دفع التعاون العسكري والأمني بين الرياض ولندن إلى الأمام، خاصة في ظل ما تتمتع به العلاقات الدفاعية والأمنية بين البلدين من مميزات خاصة على صعيد التسليح والتعليم والتدريب والتشاور المنتظم، وكذا بناء القدرات، ما يمنح الرياض خبرات دفاعية واسعة، ويعطي لندن فرصة متجددة للاهتمام بمصالحها الاستراتيجية في البحر الأحمر وبقية الشرق الأوسط.
دبلوماسية السعودية الوازنة، إقليمياً وعربياً، تبغي في الحال والاستقبال، الحفاظ على صالح ومصالح شعبها، واستقرار ترابها الإقليمي، من خلال بناء شراكات فعّالة على الأصعدة الحياتية كافة، التي تكفل استتباب الأمن والأمان، والعيش في سلام، مع شعوب المنطقة وبقية العالم، وهذه هي الخلاصة الحقيقية للدبلوماسية الناجحة، ومفتاح الفوز في الرهانات الأممية كافة، في العقد الثالث من القرن الحادي والعشرين.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

2022 السعودية ودبلوماسية وازنة إقليمية ودولية 2022 السعودية ودبلوماسية وازنة إقليمية ودولية



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 20:03 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 08:02 2016 الثلاثاء ,01 آذار/ مارس

جورج وسوف يستقبل أحد مواهب"The Voice Kids" فى منزله

GMT 02:49 2017 الجمعة ,06 تشرين الأول / أكتوبر

وصفة صينية الخضار والدجاج المحمّرة في الفرن

GMT 14:30 2017 الخميس ,05 كانون الثاني / يناير

صغير الزرافة يتصدى لهجوم الأسد ويضربه على رأسه
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates