تكساس ــ ألاسكا عن أميركا المأزومة

تكساس ــ ألاسكا... عن أميركا المأزومة

تكساس ــ ألاسكا... عن أميركا المأزومة

 صوت الإمارات -

تكساس ــ ألاسكا عن أميركا المأزومة

بقلم:إميل أمين

هل هي مصادفة قدرية أم موضوعية، أن تنشغل الولايات المتحدة، من أقصى الشمال، إلى أدنى الجنوب، وفي هذا التوقيت الحرج والحساس، دفعة واحدة في إشكاليات داخلية وخارجية مزعجة؟

لا يهم الجواب فلسفياً، بقدر رصد الواقع المتفجر في الداخل الأميركي، في حاضرات أيامنا، فمن تكساس، الولاية الحدودية الجنوبية، تنفجر أزمة قد تمثّل عند لحظة معينة بدايةَ تساقط أحجار دومينو الاتحاد، إلى ألاسكا التي يلاحقها الروس حديثاً، عبر فكرة الحقوق التاريخية.

أزمة الجنوب في تكساس، ثاني أكبر ولاية أميركية من حيث المساحة، وواحدة من أهم الولايات ذات التأثير الزراعي والمالي، والصناعي والتجاري، عطفاً على كونها مصدراً من مصادر النفط الرئيسية للبلاد، تتعاظم يوماً تلو الآخر.

هل القصة هي خلاف بين بايدن، ممثل الفيدرالية الأميركية، وغريغ آبوت، حاكم الولاية، حول أسوار شائكة، يريد الأخير أن يواجه بها المهاجرين غير الشرعيين من المكسيك؟

مؤكَّد هذا ظاهر المشهد، أما باطنه فحديث آخر، موصول بفكرة الولايات الغنية من جهة، والفقيرة من جهة ثانية، والأولى تتساءل منذ سنوات طوال خلت عن السبب الذي يُرغمها على أن تتحمل أعباء الثانية، ومن هنا تراودها فكرة الاستقلال، وإعلان ذاتها جمهورية مستقلة.

تاريخ تكساس مثير بالفعل، فقد كانت يوماً جمهورية مستقلة عن المكسيك، وظلت على هذا النحو تسعة أعوام، قبل أن تضمها الولايات المتحدة إلى فيدراليتها الوليدة.

اليوم يكاد فيروس الانفصال يسري في عروق كثير من الولايات الكبرى، وبنوع خاص تبدو كاليفورنيا أكبر ولاية من حيث المساحة، تتجهز منذ وقت غير قريب للمضيّ منفردة.

يبلغ الناتج المحلي الإجمالي لولاية تكساس 2.4 تريليون دولار، فيما نظيره بكاليفورنيا يصل إلى 2.9 تريليون دولار، ما يعني أن الواحدة منهما تتجاوز اقتصادياتها دولاً مستقلة في أميركا اللاتينية وآسيا وأفريقيا، وعدد من الدول الأوروبية.

تكاد الأرقام تشير إلى صراع طبقي محموم بين الولايات، قائم على أسس اقتصادية، مما يعني أن أحد أهم الأركان التي قامت عليها فكرة «الاتحاد» الأميركي، والمتمثلة في التماسك الاجتماعي، والإيمان بالوحدة العضوية للعقد الذي يجمع الولايات الخمسين، ربما لن يدوم.

يُظهر التعاطف الذي أبداه حكام خمس وعشرين ولاية مع غريغ آبوت، أن الخلل عضوي، لا سيما بعد أن طفت على السطح، ملامح العنف المسلح، من خلال جماعات يمينية تجد في الأمر فرصة سانحة للوصول إلى مرادها.

هل ستصل الولايات المتحدة إلى نقطة الحرب الأهلية مرة جديدة؟

قد يكون في التساؤل اليوم نوعاً من أنواع المبالغة، لكنّ الاحتمالات مفتوحة على كل السيناريوهات، وبخاصة إذا ما أصرت إدارة الرئيس بايدن على مواجهة الحرس الوطني في تكساس، والجماعات المسلحة الداعمة لقرار آبوت.

من ناحية أخرى، ستكون أزمة تكساس حالة مخيفة في سماوات النظام القضائي الأميركي، بعد رفض تكساس قرار المحكمة العليا، ضد فكرة إقامة الجدران العالية في مواجهة المهاجرين غير الشرعيين.

هل هناك لمسة خفية ما في أزمة تكساس، تُظهر حقيقة أميركا – الواسب الخائفة من قادم الأيام، والمرتجفة من فكرة «وعاء الانصهار».

ذلك كذلك قولاً وفعلاً، فالرجل الأبيض، الناظر إلى نفسه بوصفه صاحب البلاد الأصلي، وإن كان هذا المفهوم غير حقيقي، يطالع البيانات الإحصائية التي تُبدع فيها مراكز الدراسات والأبحاث الأميركية، وتحمل له ما يقطع بأنه في عام 2040 ستتراجع أكثريته، وبمرور العقود سيضحى أقلية، ومن هنا تتبدى إشكالية الصراع العرقي القائم والقادم في الداخل الأميركي.

من تكساس في الجنوب، إلى ألاسكا في أقصى الشمال، تكاد رياح باردة خطيرة تهب على الولايات المتحدة، حتى إن كانت لها ملامح البروباغندا والدعاية السياسية أكثر من الحقيقة المدعومة بالأدلة والبراهين.

على مقربة من انتخابات الرئاسة الروسية في مارس (آذار) المقبل، أي خلال بضعة أسابيع، فتح القيصر بوتين طريقاً جديدة للبحث عن ممتلكات روسيا من زمن القياصرة، إلى عهد الرفاق الشيوعيين، وصولاً إلى زمن ما بعد الغلاسنوست والبريسترويكا لصاحبهما مايكل غورباتشوف.

بدأ فلاديمير بوتين سعيه بالفعل في هذا السياق، حين ضمّ في 2014 شبه جزيرة القرم، التي قدمها الرمز الشيوعي الدموي، جوزيف ستالين، هدية لأوكرانيا ذات مرة.

مع أوائل العام الجديد وقّع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مرسوماً جديداً يتعلق بممتلكات موسكو العقارية التاريخية في الخارج.

دفع القرار المراقبين لسياسات بوتين الخارجية إلى التساؤل: هل يسعى القيصر لرد الصفعات التي وُجِّهت إليه من جانب الدول الأوروبية والولايات المتحدة، وتمثلت في صورة عقوبات مالية وربما في القريب مصادرة ممتلكات عقارية وأراضٍ تخص روسيا الاتحادية حول العالم؟

ربما يكون الأمر على هذا النحو، لكن على الرغم من أن بوتين لم يأتِ على ذكر ولاية ألاسكا، فإن الكثيرين تناولوا شأن هذه المنطقة الجغرافية، وسرت الإشاعات حول اعتقاد بوتين بأن صفقة بيعها لم تكن قانونية.

هل ألاسكا هي بيت القصيد؟ الأمر أوسع، بل أخطر كثيراً جداً، فالمقصودة هي منطقة القطب الشمالي، بما فيها من ثروات طبيعية، من معادن نادرة، ونفط وغاز، وصولاً إلى أحاديث سرّية حول وجود قواعد عسكرية في منطقة جوف الأرض في تلك الأراضي الواسعة والشاسعة، وحيث تدور الشائعات عن تعاون بين الأميركيين وكائنات فضائية من كواكب أخرى.

يعن لنا طرح علامة استفهام: هل تمثل أزمات تكساس وإرهاصات ما يحدث في ألاسكا عوامل أزمة لأميركا في الوقت الراهن؟

قطعاً كلما تعرّض الداخل للوهن ارتدّ ذلك على النفوذ والهيمنة في الخارج، ولدى واشنطن جراحات ثخينة مفتوحة في الشرق الأوسط والخليج العربي، ومعركة ثأر لم تُكتب نهايتها حتى كتابة هذه السطور، ناهيك بتوابع الأزمة الأوكرانية.

وبين هذه وتلك هناك معركة العداء الاقتصادي للصين، من جراء الأمر التنفيذي 14105 الذي أصدره بايدن، ويمثل حصاراً خانقاً للاقتصاد الصيني.

وفوق هذا، تتدثر انتخابات الرئاسة في نوفمبر (تشرين الثاني) القادم بغطاء أبوكاليبس مرعب.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تكساس ــ ألاسكا عن أميركا المأزومة تكساس ــ ألاسكا عن أميركا المأزومة



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 13:56 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أجواء حماسية وجيدة خلال هذا الشهر

GMT 09:22 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

أجواء إيجابية لطرح مشاريع تطوير قدراتك العملية

GMT 13:28 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أجواء حذرة خلال هذا الشهر

GMT 21:40 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

يتحدث هذا اليوم عن بداية جديدة في حياتك المهنية

GMT 08:30 2019 الجمعة ,18 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة تحضير بان كيك دايت شوفان سهل ومفيد

GMT 14:47 2019 الأربعاء ,19 حزيران / يونيو

فيفي عبده تردّ على منتقدي شكل حواجبها مع رامز جلال

GMT 18:22 2015 السبت ,06 حزيران / يونيو

صدور "حكومة الوفد الأخيرة 1950-1952" لنجوى إسماعيل

GMT 08:05 2015 السبت ,12 كانون الأول / ديسمبر

فلسطين ومفارقات حقوق الإنسان

GMT 08:09 2012 الجمعة ,22 حزيران / يونيو

"بيجو" تحذر من انها لن تتراجع عن اغلاق مصنع لها

GMT 15:07 2017 الإثنين ,16 تشرين الأول / أكتوبر

أردنية تُنشئ مجموعة إلكترونية لتشجيع المرأة على النجاح

GMT 19:43 2020 الجمعة ,11 أيلول / سبتمبر

زلزال بقوة 4.3 درجة يضرب جزر الكوريل في شرق روسيا

GMT 07:51 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنيه المصري يرتفع أمام الدولار بنسبة 10.3% منذ بداية 2019

GMT 14:09 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

إليسا تعود لإحياء الحفلات في مصر وتلتقي بجمهورها

GMT 10:49 2019 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

"تويوتا" تعدل أحدث نموذج من سيارتها التي يعشقها الملايين

GMT 06:15 2019 الأحد ,14 إبريل / نيسان

هاني سلامة يفقد الذاكرة في مُسلسله الجديد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates